- د. هاني العقاد
تحرك عربي تقوده مصر وتخفي تفاصيلة وزارة الخارجية المصرية ظهر من جديد في المنطقة بعد سكون فترة طويلة لم يتخللها سوي بعض التصريحات التي ترفض صفقة القرن وخطة حل الصراع علي اساسها , هذا الحراك يأتي هذه المرة كمحاولة جديدة لبلورة خطة ما تعيد الفلسطينين الي طاولة المفاوضات وياتي في وقت تخطط فيه اسرائيل الي تنفيذ خطة صفقة القرن من طرف واحد اي حل احادي الجانب , لعل هذا ما دفع السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري للقيام بزيارة الي رام الله وعمان واتصال الرئيس بعد الفتاح السيسي مع الرئيس محمود علباس ابو مازن هو نفس الموضوع ومحور النقاش . ياتي هذا التحرك في ظل انسداد افق مسار السلام الشامل والعادل المبني علي اساس قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام المحددة سالفا بالمنطقة علي اثر خطة ترمب الارعن وعلي اثر القرارات الامريكية التي رفضها الفلسطينين وبعض العرب والمجتمع الدولي ورفضتها الشرعية الدولية ممثلة بالامم المتحدة وكافة الكتل المركزية بالعالم . نفذت اسرائيل وامريكا من الخطة الكثير ولم يبقي منها سوى ترسيم حدود الدولة اليهودية وفرض السيادة علي المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية , والخطة الان في مسار الضغط علي الفلسطينين للقبول بالجلوس علي طاولة المفاوضات ومناقشة كل شيئ يريدونه , هذا الضغط تمثل بحصار الفلسطينين ماليا واقتصاديا وتنفيذ ضم فعلي علي الارض لكن بشكل ناعم وصامت بهدف فرض وقائع علي الارض تجبر الفلسطينين تحت سيف انقاذ ما يمكن انقاذه القبول بالتفاوض مع الاسرائيلين برعاية امريكية وعلي اساس الصفقة مع بعض التعديلات في بنودها التي اوصي بها العرب لتبدوا مقبولة .
لم يتناول الاعلام المصري او الفسطيني للاسف ما حدث الاسبوع الماضي مع انه مهم جدا ولم تصدر تقارير وافية لتفكيك مغزي زيارة السيد سامح شكري واتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي بل ان الاعلام الرسمي في مصر والاردن وفلسطين وفر غطاء اعلامي تقليدي للزيارة بانها تاتي في اطار التنسيق الدائم في مواقف بين مصر والاردن وفلسطين لمواجهة خطة الضم الاسرئيلية وصفقة القرن وهذا ليس اكثر من خبر اعلامي تحته تفسير واحد وهو تولد حراك تقوده مصر لموقف مشترك من خطة الضم التي ترتئي مصر انها توقفت بفعل الرفض الكبير فلسطينينا وعربيا ودوليا وتتوافق هي والامارات والسعودية علي ضرورة عودة الفلسطينين للمفاوضات مع الاسرائيلين لوقف اي فعل اسرئيلي احادي الجانب وحفاظا علي مبدأ حل الدولتين . يبدوا ان لدي مصر خطة ما لا يريد نقلها الي الفلسطينين والاردنين عبر الرسائل بل نقاشها عن قرب مع السيد ابو مازن لهذا التقي السيد سامح شكري ابو مازن لساعات بعد لقائه الملك عبدالله الثاني بعمان . وبحسب تقديري فان مجمل النقاش تعلق بموضوع رغبة الولايات المتحدة وروسيا وبعض الاطراف الدولية عودة الفلسطينين لطاولة المفاوضات لبحث كل القضايا التي تطفوا اليوم علي هرم التوترات الفلسطينية الاسرائيلية علي خلفية اقدام اسرائيل تنفيذ خطة الضم وعلي خلفية قرار القيادة الفلسطينية التحلل من الاتفاقيات مع الحكومتين الامريكية والاسرائيلية والذي بداته القيادة بوقف التنسيق الامني وما رافقها من اجراءات اسرائيلية كردة فعل .
لعل مصر تريد من الفلسطينين الموافقة الان علي بحث قضايا اعادة العمل بالاتفاقيات مع اسرائيل والولايات المتحدة وخاصة ان اسرائيل قد تكون ابلغت القاهرة بتجميد مخطط الضم والخطوات احادية الجانب , ولان الاردن موقفها هو ذات الموقف الفلسطيني توجهت مصر للملك عبدلله الثاني لبلورة خطة عربية لاطلاق مفاوضات بين الفلسطينين والاسرائيلين تكون مقبولة من الاردن وفلسطين بحسب الموقف المشترك . ما يؤكد لنا ان هذا ما يدور الان في الاجواء وما يطبخ على نار هادئة هو بعض التصريحات الهامة لكل من السيد شكري حول المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية وحل كافة القضايا العالقة وتوحيد موقف مصر والفلسطينين لرؤية ذلك وكذلك التصريحات الفلسطينية علي اكثر من مستوي والتي تعرضت الي الحديث عن المفاوضات سلام قادمة كان اخرها الاسبوع الماضي علي لسان الرئيس ابو مازن والتي قال فيها انه علي استعداد للذهاب الي المفاوضات مع اسرائيل بمجرد ان توقف اسرائيل الضم لاجزاء من الضفة الغربية علي اساس الشرعية الدولية وتحت رعاية الرباعية الدولية وبمشاركة دول اخري . ولعل زيارة الملك عبدالله الثاني للامارات والالتقاء مع محمد بن زايد تاني في اطار تأكيد دور اماراتي ضاغط علي اسرائيل لوقف علمية الضم ومناقشة رؤية اعادة الفلسطينين للمفاوضات والاسس التي تمكن من ذلك .
اخشي ان تعنون اي محادثات حول المفاوضات الجديدة هذه المرحلة حول وقف علمية الضم الاسرائيلية ومناقشة الدولة الفلسطينية التي ستعطيها صفقة القرن للفلسطينين وبالتالي تكون المفاوضات علي اساسها وبذلك نكون انتقلنا من مرحلة كنا نطالب فيها بسحب الولايات المتحدة قرار اعلان القدس عاصمة لاسرائيل والاعتراف بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية علي كامل اراضي العام 1967 بما فيها القدس الشرقية واعادة السفارة الامريكية الي تل ابيب والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولية الفلسطينية وبحق العودة لللاجئين الفلسطينين الى شروط اقل من الشروط التي عادة ما تؤكدها القيادة الفلسطينية وهي وقف الضم والتفاوض علي اقامة الدولة الفلسطينية في ضوء الخطة الامريكية . ولعل اي مفاوضات تنطلق علي هذا الاساس لن تحقق اي استقلال للفلسطينين ولن تكون في نهايتها دولة فلسطينية كالتي يقبلها الفلسطينين كحد ادني وستكون ما هي الا غطاء لتطبيق الولايات المتحدة الامريكية خطة صفقة القرن وتصفية الصراع لصالح دولة يهودية علي كامل الارض الفلسطينية ويكون الفلسطينين تحت وصاية هذه الدولة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت