العكاز الحيفاوي بدمشق

بقلم: علي بدوان

  • بقلم علي بدوان .. عضو اتحاد الكتاب العرب

استقر (عكاز) حيفاوي بدمشق، بعد رحلة طويلة، ابتدأت من لحظات تصنيعه في مدينة حيفا قبل نحو مائة عام، من شجر سنديان فلسطين، فأتكأ الجد المرحوم (قاسم عابدي) على العكاز المذكور، وسار به مراراً وتكراراً في سوق الشوام بمدينة حيفا قبل النكبة، وبقي العكاز اياه معه حتى بعد النكبة، حين بقي الجد (قاسم عابدي) صامداً على ارض المدينة بعد أن احتلتها عصابات (الهاجناه) بــ "عملية المقصّ" في الثاني والعشرين من نيسان/ابريل 1948، فيما دفعت قوات الإنتداب البريطاني أكبر عددٍ ممكن من اهالي المدينة لمغادرتها وفق طريقين : بحراً على متن القوارب والسفن المتهالكة باتجاه دياسبورا المنافي والشتات. وبراً باتجاه مناطق الضفة الغربية والأردن، والعدد الأقل باتجاه سوريا ولبنان.

جدي المرحوم (قاسم عابدي) بقي داخل المدينة، رافضاً مغادرتها، وعاش طوال عمره المديد في حواريها، الى حين وفاته عام 1991. وقبل ذلك بسنوات طويلة، استطاع أن يستحصل على تصريحٍ خاص لإبنته الكبرى أم العبد، التي لم يرها منذ النكبة، لكنه استمع لصوتها عبر أثير صوت فلسطين من دمشق.

وهكذا دخلت أم العبد الى فلسطين والى مدينتها عام 1972، وكان من بين الأشياء التي أردات جلبها لدمشق تلك (العكاز) الحيفاوية، التي باتت ملكاً لها طوال الأعوام التالية، واوصت بها لي قبل وفاتها بداية هذا العام، لتصبح تلك (العكاز) الحيفاوية بدمشق وتحت عهدتي.

العكازة


(العكاز) الحيفاوية، الأصيلة من بلاد الشام، انتقلت من مدينة حيفا الى مدينة دمشق، تطأ ارضها، لتخبر من يتجاهل الحقيقة بأن فلسطين هي الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام، الوطن الذي يمتد ويَطُلُ على المسافات الأطول من شرق البحر الأبيض المتوسط، في صدر العالم القديم.

من اليرموك، مخيم الشهداء والرصاصات الأولى، نحلمُ بوطنٍ سماؤه مفتوحة على العرش. يتسع لكل البشر، ويمتد حتى الى مابعد مجرة درب التبانة. وطنٍ، ولاوطن سواه. الى بلادٍ، ولابلادٍ سواها، ووجعٍ آن يتوقف، وسيتوقف طال الزمن أم قصر.

(الصورة الأولى المرحوم جدي قاسم عابدي في سوق الشوام بحيفا عام 1932. والصورة الثانية والعكاز بيدي).

  

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت