هل تنفيذ المصالحة بين فتح وحماس سيحتاج 4 سنوات

بقلم: طلال الشريف

د. طلال الشريف
  •  د. طلال الشريف

ولأول مرة أكتب منذ الإنقسام كلمة بين فتح وحماس، وكنت ولازلت على قناعة أن طرفي الإنقسام هما حماس وعباس أي حماس والسلطة، لإنه ولا مرة كانت فتح مسؤولة، أو، لها قرار، منذ قدوم السلطة حتى الآن، لا في إدارة السياسة، ولا في إدارة العسكر، ولا في إدارة المال العام، ولا في إدارة الصراع مع حماس، بل كانت فتح التنظيم خارج كل سياسات الرئيس، رئيس السلطة، لأن السلطة حلت محل فتح، ومحل منظمة التحرير، اللاتان إستخدمتا عند اللزوم فقط، ولم يبدأ إستخدام حركة فتح، ولجنتها المركزية، إلا عندما بدأ الخلاف مع النائب محمد دحلان لمن يتذكر في العام 2011، وبدأ الرئيس عباس ذلك الإستخدام لإن الخلاف أصبح داخل حركة فتح يشكل تهديدا على السلطة، وهناك كان يتطلب الإستعانة بالتنظيم، ولم تكن كل اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، حقيقة تريدان من الرئيس إستخدام الحركة في هذا الخلاف، لكن على ما يبدو أن الصراع الذي كان داخل اللجنة المركزية وأعضائها الساعين لخلافة الرئيس، قبل ظهور الخلاف بين الرئيس وبين دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قد وجدوها فرصة سانحة للتخلص من محمد دحلان المنافس الأقوى على الخلافة، ومن ذاك الوقت دخلت حركة فتح التنظيم من جديد حيز الإهتمام، ودليل ذلك أن الرئيس عباس الذي تخلى أو أهمل العلاقة بالتنظيم منذ توليه الرئاسة، رئاسة السلطة، وأما ما قبلها فلم يكن له دورا في تنظيم الحركة منذ قدوم السلطة، وحتى قبلها بسنوات طويلة، إلا طبعا بإستثناء عملية الإستخدام التي تمت في عهده للمؤتمر الحركي السادس، والسابع، لدواعي ترتيب إنتخاب من يريد الرئيس للهيئات القيادية.
 في عهد الرئيس عباس وقبل الإنقلاب الحمساوي كان رئيس الوزراء هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (ليس فتحاويا)، وبعد الإنقلاب ولمدة طويلة كان السيد سلام فياض(ليس فتحاويا)، وكان نصيب حركة فتح من الوزراء أقل مما أصبح في حكومة الحمدالله التي أدار الرئيس بها الصراع الجديد مع دحلان وغزة وقطع رواتب التيار الإصلاحي وطبق التقاعد المبكر، والآن حكومة شتية التي قلنا عنها حين تشكيلها هي ذات مهمة واحدة وهي الحفاظ على السلطة في وضع سيكون متفجرا بعد طرح صفقة ترامب، ولذلك كان الإهتمام بالتنظيم، فقط، بعد الخلاف مع النائب الفتحاوي محمد دحلان، وليس له علاقة بحماس.
 الآن بعد أن رأينا بوادر مصالحة مع حماس لا نعرف تفاصيل الهدف منها حتى الآن ومن ورائها إلا ما هو حاصل من تجاذبات قضية الضم وصفقة ترامب كما يتحدث الرجوب والعاروري، لكن لا نستبعد محاولة سحب ملف المصالحة من مصر ، ومحاولة تدجين حماس والذي تلعب فيه قطر الدور الأخطر على حماس وفتح أيضاً، والذي الآن يلعب فيها أمين سر حركة فتح الدور الأول بإسم التفاوض مع حماس لإنجاز مصالحة يستدعى لها التنظيم، بعد سنوات من الدور الذي كان يلعبه عزام الأحمد دون إستدعاءاً لدور لتنظيم فتح، وهذا الدور ليس بعيداٍ عن خلافات الطامعين في خلافة الرئيس عباس، ولذلك تبدو ديناميات عملية المصالحة وإنهاء الإنقسام ستعطي اهتماماً أكبر لتنظيم فتح من جديد، وهذا أيضا نمطاً إستخدامياً آخراً، يقترب بالضبط لما كان في المؤتمر السادس والسابع، وهذا جائز في التنظيم الذي يقاد دون إلتزام بالنظم والمحكمة الحركية، وفرض القرارات من رئيس الحركة كما حدث في قضية فصل النائب محمد دحلان.
 الآن العودة للتنظيم هي حالة إستخدامية مكررة لإنتخابات متوقعة اليوم أو بعد 4 سنوات وتنافساً بالتأكيد مع حماس ودحلان أيضاً، وليس لمواجهة الضم وإسقاط صفقة القرن، الذي يؤكده عدم تنظيم مهرجان المصالحة في رام الله حذراً من المواجهة مع الإحتلال وليس حذرا من الكورونا كما قال الرجوب، ، لأنه ليس هناك نوايا من رام الله للمواجهة مع المحتل، وإلا فالمهرجان هو فرصة لبدء فعاليات المواجهة وبقوة، لكنهم في رام الله يخشون سقوط السلطة مع أول مواجهة حقيقة مع الإحتلال. نقول هذا الحديث، لإن التنظيم الفتحاوي الآن، عليه أن يدرك حجم المسؤوليات القادمة، وما هيتها، إن على صعيد التوقعات الإيجابية أو السلبية لمسيرة المصالحة، أو بالأحرى، لما بعد المصالحة التي ستسير ببطء، والتي ستصبح الشغل الشاغل من الآن للتنظيمين، وبالأحرى، ماذا سيكون مصير التنظيمين من الآن وحتى 4 سنوات قادمة؟ والسؤال الذي يطرح نفسه حقيقة، هو، كم سيستغرق تنفيذ المصالحة من وقت؟ وهل هناك خيار إستعادة الوضع السابق لإنقلاب حماس؟ أي لمن ستكون السلطة في قطاع غزة؟ ويتفرع عن السؤال إجابة من 3 سيناريوها:
 1- ستبقى السيطرة في غزة لحركة حماس، وفي رام الله لحركة فتح الآن بعد إستدعاء دور التنظيم، خاصة وأن سلطة السلطة الوطنية قد تتلاشى بتطورات الإشتباك مع الإحتلال، إذا نفذت عملية الضم، كما قال كبار من حركة فتح، سنرجع مفاتيح السلطة والمسؤولية للإحتلال، أي بمعنى أن الحكم في غزة قد يتحول لحركة حماس كحزب أو تنظيم ليس بشكل السلطة بل حزب يحكم نصف الوطن وحزب آخر في رام الله يحكم الضفة الغربية إلى ما شاء الله.
 2- أن تسلم حماس مقاليد السلطة في قطاع غزة لفتح وتعود الأمور لما كانت عليه قبل الإنقلاب، على أن تجري إنتخابات في غضون عام مثلا، وتصبح للوطن قيادة منتخبة جديدة، وهذا سيحتاج جهودا جبارة أو مستحيلة لأن حماس لن تتخلى عن مكتسباتها في الحكم في قطاع غزة ولن تمكن في الضفة الغربية، وستعود حماس سلطة داخل السلطة، لأنها بكل الأحوال ستكون الأقوى عسكرتاريا، إدارةً وتسليحاً، وهذا حل ليس عملياً، رغم الكلام المعسول الذي نسمعه عن الشراكة، فالشعار شيئاً جميلاً، والتطبيق علي الأرض شيء آخر.
 3- لا تعود السلطة المركزية إلى قطاع غزة، وكل طرف يبقى في سلطته ومكانه، وبتنسيق بعض متطلبات عملية إنتخابية سريعة لفرز قيادة تقوم بمسؤوليتها لاحقاً في توحيد الهيئات ومراكز الدولة التي يتدحثون عنها كثيرا كبرنامج يريدون تحقيقه أولئك الناوون على المصالحة، كما نسمع من كلامهم عن المشاركة الحقيقية، ويا ريتهم ولو بكلمة منطقية من أحد الطرفين أو كليهما، يلمحان بأننا سنواجه عقبات ليكون الكلام منطقياً، لأن هناك عقبات حقيقية، أما الظهور بالطهرية في التصريحات، فهذا كلام مخيف، وكأنهم أولياء صالحون، وهم ليسوا كذلك، بعد تجربة شعبنا المريرة معهما.
هذا الخيار الثالث لن يكون من وجهة نظري سريعا كما يوحون، خاصة ونحن ذاهبون أو بالأحرى هم يقولون أنهم ذاهبون للمواجهة لإسقاط الصفقة وإفشال الضم، وهذه معركة كبيرة، ستأخذ سنوات، قد يكون ترامب واسرائيل حددوها في 4 سنوات، ليوافق الفلسطينيون في نهايتها على دولة أو خريطة ترامب لا غير.
والسؤال الأخير، ما هو سر التفاؤل الذي يجتاح حديث حماس والرجوب عن المستقبل؟ هل هو ال 4 سنوات التي ستنهي التشنجات والتهديدات، وسينغمس الطرفان في تقسيم دولة ترامب، أو، خريطة ترامب من جديد، ويستمر هؤلاء قدر الشعب الفلسطيني حتى في دولته المسخ؟
الأهم أنا بدأت حديثي عن إهمال أو إستخدام التنظيم خشية أن تتطور خطة إسرائيل وترامب خلال ال4 سنوات التي تحدثوا عنها، نحو التخلص من القوة التنظيمية، لفتح وحماس، لتعبيد طريق السياسيين للقبول بدولة ترامب التي لا توجد نوايا حتى لتحسينها وستبقى المرجعية لكل محاولات الحل في الزمن القادم.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت