طالبت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، بتوفير الحق في الحماية للأطفال من العنف والإيذاء، خاصة بعد مقتل طفلين على يد والديهما في حادثين منفصلين في الضفة الغربية وقطاع غزة، خلال شهر.
وأوضحت الحركة العالمية، في بيان لها، أنها وثقت حادثة مقتل الطفلة آمال ج. (11 عاما) على يد والدها في قطاع غزة. ووفقا للإفادات التي جمعتها الحركة العالمية، فإنه عند ظهر التاسع من شهر تموز 2020 الموافق ليوم الخميس تعرضت الطفلة آمال للضرب المبرح من قبل والدها بواسطة عصا بعد أن اتهمتها زوجة أبيها بسرقة مبلغ 100 شيقل. وقد حاولت الطفلة الفرار من والدها والاختباء فوق خزانة في المنزل إلا أن ذلك لم يسعفها، فقد سقطت من قوة الضرب عن الخزانة على رأسها، ورغم ذلك استمر والدها بضربها. وقد نقلها والدها وأحد أعمامها إلى المستشفى مساء ذلك اليوم، إلا أنها كانت قد فارقت الحياة متأثرة بإصابتها.
أكد الأطباء أن الوفاة ناجمة عن الضرب المبرح، وأن هناك تهتكا بالرأس من الخلف، وقد تحفظت الشرطة على والد الطفلة، فيما تم تسليم الجثمان إلى والدتها لدفنه، كذلك تم إعادة الشقيقين إلى والدتهم.
الطفلة آمال وشقيقيها ت. (9 سنوات) وع. (8 سنوات) انتقلوا للعيش مع والدهم بعد انفصال والديهما عام 2015، ومنذ ذلك الحين والأطفال يعانون من سوء المعاملة من قبل والدهم وزوجته، وقد تعرضوا مرارا للضرب والتعنيف ما دفعهم للهروب من المنزل عدة مرات صوب مقر للدفاع المدني قريب منهم ظنا منهم أنه مركز شرطة لعلهم يجدون الحماية فيه.
إن إخفاق الشرطة في محاسبة الأب وتقصيرهم في توفير الحماية والأمان للأطفال منذ البداية يتعارض مع قانون الطفل الفلسطيني واتفاقية حقوق الطفل والتعليق العام رقم 13 الصادر عن لجنة حقوق الطفل، والذي ينص على أن التزامات الدولة بحماية الأطفال تشمل واجباتها بالتحقيق في جميع أشكال انتهاكات حقوق الأطفال ومعاقبة المسؤولين عنها.
كما وتندرج تحت هذه الالتزامات كل مما يلي: العناية الأساسية الواجبة ومنع كافة صور العنف ضد الأطفال، وحماية الأطفال الضحايا والشهود، والتحقيق مع المسؤولين ومعاقبتهم، وتوفير إمكانية الوصول إلى التعويضات وإعادة التأهيل.
ويشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن النتائج الأولية لمسح العنف في المجتمع الفلسطيني لعام 2019، إلى أن الأطفال الذكور في الفئة العمرية من 11 سنة فأقل هم الأكثر عرضة للعنف من قبل والديهم أو من يقوم برعايتهم.
وتظهر نتائج المسح أن 62٪ من الأطفال الإناث، و68٪ من الأطفال الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 11 عاما فأقل تعرضوا للعنف الجسدي، وأن 26٪ من الأطفال الذكور و18٪ من الإناث، في نفس الفئة العمرية، قد تعرضوا للعنف الجسدي الشديد مثل الضرب أو الصفع على الوجه، أو الرأس، أو الضرب المبرح المنتظم.
وأشارت دراسة لليونيسيف عام 2018، إلى أن ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1-14 عاما قد تعرضوا للعقاب التأديبي، 71٪ منهم في الضفة الغربية و31٪ في قطاع غزة.
وفي مقابلته مع الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أكد أحد ضباط الدفاع المدني العاملين في المركز الذي يقع في منطقة السنافور حي التفاح والدرج بقطاع غزة، أن الطفلة آمال وشقيقيها ترددوا عدة مرات على المركز خلال الأعوام الماضية، وفي كل مرة كانت تبدو عليهم علامات الخوف والرعب، وكانوا يرفضون العودة للمنزل.
وأضاف أنه في المرة الثانية حضرت الطفلة آمال وكانت أيضا تشعر بخوف ورفضت العودة للمنزل، فتم الاتصال بمركز شرطة التفاح والدرج، "لكن تفاجأنا بأن الشرطة لديها معرفة بقضية الأطفال وطلبوا منا الاتصال بوالدها حتى يتسلمها، وبالفعل تم إعادة الطفلة لوالدها دون أن يتم نقلها وأشقائها إلى مركز الشرطة".
في قطاع غزة، لا توجد حتى الآن أي قوانين تستهدف على وجه التحديد حماية الأسر من العنف، في حين قدم تشريع مقترح في الضفة الغربية "قانون حماية الأسرة" الذي يتماشى والمعايير الدولية لحقوق الأطفال.
لا بد من الذكر أن قانون العقوبات القديم رقم 9 لعام 1936 ما يزال مطبقا في غزة، والذي لا يوفر أي حماية حقيقية أو مساءلة قانونية عن حالات استخدام العنف في الأسرة، علاوة على ذلك فإن قانون حماية الأحداث لعام 2016 الساري في الضفة الغربية وقانون الطفل لا يطبقان في قطاع غزة، واللذان يفيان بالمعايير الدولية الأساسية لحماية الأحداث، ولكن يطبق قانون المجرمين الأحداث رقم 2 لعام 1937.
وتنص المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل على: "1. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته."
كما أن هذه الحالات تتعارض أيضا مع اتفاقية مناهضة التعذيب بكافة أشكاله والتعليق العام رقم 8 لعام 2006 بشأن حق الطفل في الحماية من العقوبة البدنية وغيرها من أشكال العقوبة القاسية أو المهينة، الذي يؤكد أن أي إجراء تتخذه السلطات التشريعية أو الإدارية أو القضائية أو العامة والخاصة، فيما يتعلق بالأطفال، يجب أن يشمل مصلحتهم الفضلى.
ويُحمل التعليق العام أيضًا الآباء أو الأوصياء القانونيين مسؤولية ضمان الرعاية المناسبة والحماية والنمو والتوجيه لأطفالهم.
وفي حادثة مشابهة، وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال مقتل الطفل عبد الكريم ع. (6 أعوام) على يد والده في مدينة قلقيلية في الخامس عشر من تموز 2020.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها الحركة، فإن والدي الطفل عبد الكريم منفصلان منذ حوالي عام، وأن الأم تزوجت في الأردن، فيما يعيش الطفل وأشقائه الثلاثة (م. 9 أعوام، وس. 6 أعوام، وأ. 3 أعوام) عند والدهم في منزل مستقل بعد أن تنازلت عنهم والدتهم أمام المحكمة الشرعية.
والد الأطفال لم يتزوج بعد انفصاله عن والدتهم، وهو يعمل داخل أراضي عام الـ 1948، وخلال تواجده في عمله يذهب الأطفال إلى منزل عم والدهم وهم معتادون على ذلك وبينهم وبين أولاد عمهم والدهم انسجام كبير، ولكن عندما يعمل الوالد داخل المحافظة يعودون إلى منزلهم ويبقون فيه لوحدهم، وتقوم الطفلة م. (9 سنوات) بالاعتناء بأشقائها.
وقالت الطفلة م. للأخصائية النفسية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إن والدها انهال بالضرب على شقيقها بواسطة سلك كهرباء، إضافة إلى أنه كان يرفعه للأعلى ويسقطه أرضا، بسبب فقدانه مبلغ 5 شواقل، مضيفة أنه اعتدى على شقيقتها أيضا بالضرب للسبب ذاته.
إن حماية الأطفال من العنف والاستغلال والإساءة تشكل عنصرا أصيلا في حماية حقهم في الحياة والبقاء والنماء، ولكن ذلك يتطلب بذل جهود أكبر من قبل الدولة ومؤسساتها في توفير الحماية وتفعيل نظام مساءلة صارمة تضمن أكبر حد من الحماية للأطفال من كافة أشكال العنف.