- بقلم عدنان الصباح
قد يبدو للمراقب أن رفض تسلم أموال المقاصة هو رفض لدور الاحتلال وتنفيذ لقرار السلطة بوقف العلاقة مع دولة الاحتلال بكل الأشكال وتنفيذا لقول الرئيس محمود عباس " على سلطة الاحتلال ابتداء من الآن، أن تتحمل جميع المسؤوليات على أنها دولة احتلال لدولة فلسطين المحتلة وما يترتب على ذلك من آثار وتبعات (وفق القانون الدولي) وخاصة اتفاقية جنيف" هذا نظريا لكن واقع الحال أن الذي يتحمل مسئولية خبز الشعب الواقع تحت الاحتلال هي السلطة وليس الاحتلال الذي بات يحتفظ بثلاثة أشهر من المقاصة أي ما قيمته أكثر من ملياري شيكل بينما لا تجد السلطة ما تدفع به رواتب موظفيها وبالتالي قوت أطفالهم الذين لم يتسلموا منذ نهاية شهر أيار إلا نصف ما يستحقون وتعاني الخزينة الفلسطينية من عجز شديد قد يطال كل القطاعات بينما نمنح الاحتلال قرض حسن بملياري شيكل بدون فوائد وسبق لنا أن وقعنا معهم على قرض ب 800 مليون شيكل بفوائد.
إن أي صاحب بقالة صغيرة في أي حارة فلسطينية يعرف جيدا حجم الضرر الفادح بالإدارة المالية حين تقوم أنت بالاستدانة وتدفع فوائد على هذا الدين وتترك دينك بين أيدي الغير بدون فوائد وهذا ما يجري بواقعنا اليوم على الأرض فنحن استدنا من دولة الاحتلال وحملنا أنفسنا عبء قرض كبير ثم تنازلنا عن حقنا في خزائنهم وتركنا الموظفين وعائلاتهم يستدينون ثمن قوتهم إن وجد من يقبل ومنحنا البنوك حق التغول على الناس دون أن نجد حلا لهم فأين هو وجه الصحة في ترك أموالنا بيد المحتلين بينما يجوع أطفالنا ويتغول عليهم أغنياؤنا فلا شركة الكهرباء ولا المياه ولا الاتصالات تقبل بتأخير مستحقاتها فبيوت الفقراء وصغار الموظفين قد تصبح أو أصبحت بدون ماء أو كهرباء وهاتف والبنوك لم تترك حقا مهما كان صغيرا في حين يجوع الناس وخبزهم في خزائن المحتلين وكما نفعل يوميا نغلق أبواب الرزق ونفتح الأفران فمن أين سنأتي بثمن الخبز إن لم نعمل ونجني قوتنا.
المطلوب أن يجوع الاحتلال لا أطفالنا, أن نأخذ حقنا من المحتلين لأرضنا قسرا لا أن نمنحهم قرضا حسنا بدون فوائد ونترك أفواه أطفالنا للريح وخزائننا فارغة ونفسح المجال للتغول من كل الجهات على فقراءنا بما في ذلك البنوك والشركات الكبرى, إن ترك أموالنا بأيديهم وخزائنهم هو منحة ضرر لشعبنا المطالب بالصمود في وجه المحتلين وقرض حسن يسهل على المحتلين ما يقومون به تجاه مواطنيهم بتقديم عونا شهريا يكفيهم وأطفالهم ومن أموالنا بينما نقترض ونتسول ونجوع نحن وفي نفس الوقت نطالب شعبنا بمقاومة المحتل والصمود في وجهه جائعا فلا حق ولا شرعية لما نفعل سوى أن نأتي بأموالنا ليأكل الجياع لعلهم يقاومون ويصمدون فلن يطعم الكلام الأفواه الجائعة ولا يجوز أن ننتظر هبات الآخرين ونترك حقوقنا بأيدي أعداءنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت