- اشرف صالح
هناك أسماء يجب أن نكتبها على صفحات السلطة الرابعة , ليس من باب التلميع أو الترويج , بل من باب التشجيع والتحفيز لكل فنان وصاحب رسالة , فبعد أن فقد الشعب الفلسطيني الأمل في كل شيئ جميل بفضل الإنقسام والإحتلال , بقي الفن الفلسطيني فاتحاً ابواب الأمل , لتبقى الإبتسامة والثقافة والمعرفة حاضرة في حياة الشعب , وخاصة أنه صاحب قضية ورسالة , فالفن هو القوة الناعمة والأقرب الى القلب والعقل , وهو صاحب الصلاحية التي لم تنتهي , والفكرة التي لم تموت , وهو المعبر عن الحضارات والأزمنة , والمعالج لكل الأزمات والنكبات , ولقد ثبت ذلك حقاً عندما إجتمع الكاتب العراقي سعد هدابي مع المخرج الفلسطيني أسامة مبارك الخالدي , ليقدموا لنا رائعة فنية مسرحية , وهي مونودراما "صهيل" ولقد جسد هذه المونودراما الفنان الشاب وليد أبو جياب , ورغم أن هذا العمل المسرحي لم يخرج الى النور بعد , وسيتم عرضه بعد العيد , إلا أنني أردت نقله لكم ككاتب عبر هذا المقال , وكما شعرت به تماماً..
عندما حضرت كضيف على قاعة البروفات كي أقول رأيي بهذا العمل المسرحي , وجدت نفسي أمام عمل يفوق كل الإمكانيات المتاحة في غزة , ويخاطب العقول الراقية عبر كلمات بالغة القوة , تحاكي كل العصور , وتعالج كل القضايا في آن واحد , فكان الفنان وليد أبو جياب يعمل بجهد لا يقل عن جهد المخرج أسامة مبارك الخالدي , كي تتجسد الرواية المكتوبة على الورق , الى أداء رائع يعبر عن ما هو داخل الرواية , فالرواية تحاكي الظلم والقهر والإستبداد عبر كل العصور , والأهم من ذلك أنني إنبهرت كمشاهد , لقوة الأداء , ورؤية الإخراج , وروعة التصميم والديكور , وتناغم الموسيقى والمؤثرات الصوتية مع أداء الفنان , حينها علمت تماماً أن الفن الفلسطيني يستحق منا الكثير والكثير , لأنه الشيئ الجميل الذي بقي وسيبقى في واقعنا المؤسف..
لم يقتصر مقالي على وصف جمال وقوة المونودراما "صهيل" , ولم يقتصر بالثناء على من قاموا بتجسيد المونودراما , ولكنه سيكون رسالة هامة الى كل من يحب فلسطين , أو حتى من يدعي أنه يحب فلسطين , فرسالتي هي أن نحترم الفن الفلسطيني , ونعطيه حقه كاملاً , لأن الفن عموماً , والفن الفلسطيني خصوصاً , هو حضارة , فالحضارة لم ولن تنتهي , والفن لم ولن ينتهي..
ملاحظة : عندما كنت طفلاً إستطعت أن أتعرف على كل ما يتعلق بمصر والأردن كدول وشعوب , ودون أن أسافر , وذلك بفضل الأعمال الفنية التي كانت تعرض على قناتي مصر الأولى والثانية , والتلفزيون الأردني , والفيلم المشهور والذي كان يعرض على قناة إسرائيل الأولى كل يوم جمعة , فكانت هذه القنوات الوحيدة المتوفرة عن طريق "ريشة الأنتينه" آناذاك , وفي التسعينيات ظهرت خدمة القنوات الفضائية , وكثرت الأعمال الفنية في الوطن العربي , لنتعرف من خلالها على المزيد من ثقافات الشعوب وحضارات الأمم , ومن هنا تأتي أهمية الفن بشكل عام , والفن الفلسطيني بشكل خاص , فالفن الفلسطيني اليوم هو السفير الحقيقي للقضية الفلسطينية في كل مكان وزمان , ولذلك فيجب أن نكتب أسماء المبدعين أمثال أسامة مبارك الخالدي وغيره من الفنانين , على صفحات السلطة الرابعة تعزيزاً وتكريماً للفن الفلسطيني .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت