رفعت إسرائيل تأهب قواتها عند حدودها مع لبنان تحسبا من هجوم تتوقع أن ينفذه حزب الله ردا على اغتيال أحد مقاتليه خلال غارة إسرائيلية استهدفت موقع في مطار دمشق، قبل أسبوعين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أطلق النار باتجاه "خلية"، قال إنها تابعة لحزب الله، توغلت في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، وأنه تعمد عدم إصابة أفرادها منعا لتصعيد.
وليلة الأحد – الإثنين الماضية، أطلق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه أربعة أشخاص في جنوب هضبة الجولان السورية وقتلهم، بادعاء أنهم أرادوا وضع عبوات ناسفة قرب موقع عسكري إسرائيلي، وأعلن أن هذه خلية تابعة لمجموعات موالية لإيران، وأن لا علاقة لحزب الله بالحدث.حسب الاعلام العبري
واعتبر تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، يوم الثلاثاء، أن هذه الأحداث هي "فصل آخر في الصراع بين إسرائيل وحزب الله على بلورة معادلة الردع بينهما". وبحسب تقارير كثيرة، نُشرت في السنوات الأخيرة، فإنه يوجد تبادل ردع بين الجانبين، يمتنع بموجبه حزب الله عن شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية، فيما تمتنع إسرائيل عن شن هجمات في لبنان، كالتي تشنها في سورية بادعاء منع نقل أسلحة إلى لبنان. وفي حال دخلت شحنة أسلحة إلى لبنان تمتنع إسرائيل عن استهدافها، إلا في حالات نادرة جدا.
وحسب التقرير، فإن "التطورات الأخيرة توضح أن حزب الله يحاول توسيع معادلة الردع مع إسرائيل إلى الحلبة السورية، لخدمة ’المحور الشيعي’ أيضا، من أجل إنشاء جبهة أخرى ضد إسرائيل، والسماح باستمرار تهريب الأسلحة المتطورة إلى لبنان، رغم الصعوبات التي يواجهها في ذلك".كما ذكر موقع "عرب 48".
وفيما أشار التقرير إلى عدم وجود مصلحة لدى إسرائيل وحزب الله بحرب واسعة، "يتوقع، خلافا للماضي، أن تشمل قتالا في الجبهتين اللبنانية والسورية"، لكنه اعتبر أن "الصراع على معادلة الردع سيتواصل، والجولة الحالية قد تقودهما إلى مواجهة محدودة ومتواصلة".
وأضاف التقرير أن "حزب الله قد يختار هذا التصارع من أجل صرف الأنظار عن الوضع الصعب في لبنان، المنهار اقتصاديا، وعن الانتقادات الموجهة إليه".
رغم هذه التقديرات، إلا أن التقرير لفت إلى أن "الأحداث في الحلبة اللبنانية تشير مرة أخرى إلى الأهمية التي يوليها حزب الله لـ’معادلة الردع’ الموجودة بينه وبين إسرائيل، ويسعى إلى توسيعها... وفي السنة الأخيرة أضاف عنصر آخر للمعادلة وحذّر من أن أي استهداف لناشطيه في سورية سيقابل برد فعل من جانبه. وحسن نصر الله يحاول إملاء هذه المعادلة منذ الأول من أيلول/سبتمبر الماضي"، عندما أطلق مقاتلو الحزب قذيفة مضادة للمدرعات باتجاه سيارة إسعاف عسكرية عند موقع عسكري قرب بلدة أفيفيم الحدودية، ردا على هجوم إسرائيلي بطائرة مسيرة صغيرة (درون) في الضاحية الجنوبية في بيروت، وقالت إسرائيل أن الهدف كان مشروع دقة الصواريخ، وكذلك ردا على استهداف "خلية" في سورية "أوشكت على تنفيذ هجوم بواسطة درونات باتجاه إسرائيل، وقُتل في الغارة الإسرائيلية ناشطين من الحزب".
واعتبر التقرير أن "مجمل الاعتبارات التي توجه نشاط حزب الله مقابل إسرائيل واسعة، وتشمل الحاجة إلى الحفاظ على مكانته واستقلاليته في لبنان، واستمرار تعاظم قوته العسكرية إزاء الضغوط الكبيرة التي تمارس عليه حاليا من الداخل والخارج، إلى جانب توقعات راعيته إيران بأن يأخذ حزب الله بالحسبان احتياجاتها وضائقاتها".
وبحسب التقرير، فإن "حزب الله يواجه معضلة تتعلق بكيفية الحفاظ على معادلة الردع الموجودة وتوسيعها إلى الحلبة السورية أيضا، من دون أن تصعّد ردود فعله على الهجمات الإسرائيلية إلى درجة حرب واسعة، والتي يتوقع أن تكون نتائجها مدمرة لدولة لبنان وللحزب نفسه ولشركائه في ’المحور الشيعي’. وفي ميزان الإنجازات، يبدو أن حزب الله يحقق نجاحا جزئيا وحسب".
وأضاف التقرير أنه "رغم وجود توازن ردع عند الحدود اللبنانية، والجيش الإسرائيلي يمتنع عن نشاط واسع في الأراضي ذات السيادة اللبنانية وعن استهداف ناشطي الحزب ومواطنين لبنانيين، لكن هذا التوازن هش وجزئي. ويكفي أن نذكر الهجوم في الضاحية واستمرار النشاط الجوي للجيش الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية لغرض جمع معلومات استخبارية وعملانية، وبضمن ذلك بهدف شن غارات في سورية، وهجمات المعركة بين حربين المكثفة في سورية من أجل وقف شحنات الأسلحة من إيران إلى حزب الله".
وتابع التقرير أن "حزب الله لم ينجح حتى الآن بتوسيع المعادلة إلى سورية. وإسرائيل تُظهر إصرارا على منعه من هذا الإنجاز، مثلما ينعكس ذلك في رد فعل الجيش الإسرائيلي على محاولة وضع عبوات ناسفة لخلية عند الحدود في سورية، ليلة الأحد – الإثنين الفائتة".
وادعى التقرير أن "الكرة في ملعب حزب الله الآن، وهو مطالب بأن يقرر إذا كان سينفذ عملية أخرى ضد إسرائيل عند حدود لبنان في الفترة القريبة. ونصر الله يُظهر إصرارا على ترسيخ قواعد لعبة وفرضها على إسرائيل، لكنه يدرس خطواته جيدا أيضا، ويحافظ على ضبابية حيال ردود فعله وخطواته في المستقبل. ومن أجل الحفاظ على توازن ردع، فإن حزب الله لا يرتدع من المخاطرة. فلو تمكن ناشطوه من وضع عبوات ناسفة في مزارع شبعا، الأسبوع الماضي، واستهدف جنود إسرائيليون، لكان يمكن أن يكون رد الفعل الإسرائيلي شديدا ويقود إلى جولة عنف".
ولم يستبعد التقرير إمكانية "أن يسعى حزب الله إلى صرف الأنظار العامة في لبنان عن ضائقته الحالية من خلال احتكاك عسكري مع إسرائيل، من أجل تعزيز مكانته كـ’حامي لبنان’ وكقائد ’المقاومة’. ولذلك، من الجائز أن يسعى إلى الحفاظ على التوتر على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية لفترة طويلة".
وقال التقرير أن "لإسرائيل مصلحة إستراتيجية بمواصلة نشاطها (هجماتها) في الحيز السوري الرامي إلى تقليص الوجود العسكري لإيران وأذرعها في سورية، ومنع شحنات الأسلحة إلى حزب الله، وخاصة إحباط مشروع دقة الصواريخ. ورغم ذلك، لإسرائيل مصلحة بتمديد الجولة الحالية وإبقاء قواتها عند حدود لبنان، خاصة في التوقيت الحالي، وفيما هي غير معنية بالدخول في حرب واسعة في الشمال، والتي قد تشمل قتالا في الجبهتين السورية واللبنانية معا".
واعتبر التقرير أن "الوضع السيء لحزب الله وشركائه في ’المحور الشيعي’ يسمح لإسرائيل بمواصلة الإستراتيجية التي تبنتها، وفي مركزها استمرار المعركة بين حربين في سورية من أجل منع تحولها إلى جبهة تشكل تهديدا كتلك اللبنانية، إلى جانب رد فعل حازم على أي خطوة من جانب حزب الله على طول الحدود".
وخلص التقرير إلى أنه "حتى لو انتهت الجولة الحالية، فإن المعركة المستمرة بين الجانبين حول بلورة معادلة ردع لم تنته ولن تصل إلى نهايتها قريبا. وذلك إثر إصرار حزب الله وشركائه في ’المحور الشيعي’ على الاستمرار بالتموضع في سورية ونقل أسلحة دقيقة إلى لبنان، وهي جهود تصرّ إسرائيل على لجمها".