عبر ثغرات في جدار الفصل بقرية نائية في طولكرم بالضفة الغربية، يتوافد آلاف الفلسطينيين للانتقال إلى داخل إسرائيل من دون تصاريح أو موافقة أمنية مسبقة.
ويشكل ذلك ظاهرة غير مسبوقة تنامت بعد قرار القيادة الفلسطينية في مايو الماضي التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل بما في ذلك وقف التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل.
ويلاحظ يوميا توافد عائلات بكامل أفرادها عبر جدار الفصل في قرية فرعون جنوب طولكرم دون ظهور تعقيدات ظلت ترافق دخولهم إلى إسرائيل لسنوات طويلة.
ويعبر هؤلاء في رحلة سهلة متجاوزين الأسلاك الشائكة ومن ثم الوصول إلى الجهة المقابلة حيث يستقلون حافلات تنقلهم إلى داخل إسرائيل في ظاهرة ارتفعت وتيرتها خلال إجازة عيد الأضحى مطلع هذا الشهر وما تزال مستمرة.
وينتظر الشاب رامي بولص من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية بفارغ الصبر يوم اجازته الأسبوعية للذهاب مع أبناء عمومته الى إسرائيل مستغلا وجود ثغرات الجدار الفاصل.
ويقول بولص في الثلاثينيات من عمره لوكالة أنباء (شينخوا)، إنه يستهدف التنزه والذهاب إلى البحر داخل إسرائيل لاسيما في ظل الإغلاق المتكرر أيام الإجازات في الضفة الغربية ضمن تدابير مكافحة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويضيف بولص وهو أب لثلاثة أطفال ويعمل طبيب أسنان أنه "لم يعد هناك مشكلة في الذهاب إلى إسرائيل خاصة أن هناك ثغرات في الجدار تسمح بدخول وخروج من يريد".
بدورها، تقول السيدة ليندا مصطفى من بلدة بير الجمال قرب طولكرم لـ(شينخوا)، إنها تعتزم التوجه إلى إسرائيل في رحلة استجمام لها ولعائلتها بعد مرور أشهر على الإغلاق ومنع الحركة.
وتضيف أنها ترغب بتحقيق حلم قديم لها في زيارة مدينتي يافا وحيفا في داخل إسرائيل، موضحة أنها تتبع كامل إجراءات الوقاية اللازمة لتفادي إصابتها وعائلتها بمرض فيروس كورونا خلال الرحلة.
وبدت الحركة في قرية فرعون غير اعتيادية في ظل استمرار توافد حافلات تنقل مواطنين فلسطينيين يرغبون بالتنقل إلى داخل إسرائيل بشكل يومي.
ويقول مهند عمر رئيس مجلس قروي قرية فرعون لـ(شينخوا)، إن مئات آلاف المواطنين من جميع أنحاء الضفة يتوافدون إلى القرية بقصد الدخول من خلالها إلى إسرائيل.
ويوضح عمر أن حالة الازدحام المروري شكلت مشكلة في القرية حيث باتت تعاني من حركة سيارات نشطة للمواطنين سواء كانت مركبات خاصة بهم أو مركبات النقل العمومي.
وتعمل حافلات نقل من الجانب الإسرائيلي للمتنزهين الذين يتوجهون عادة لزيارة يافا وعكا وحيفا والتمتع بالبحر في الوقت الذي لا يوجد منفذ إلى البحر من الضفة الغربية بينما قطاع غزة لا يسمح لأهالي الضفة زيارته.
ويقول حسين قندح سائق مركبة عمومية بين مدينتي نابلس وطولكرم لـ(شينخوا)، إن مئات الاف المواطنين عبروا من الضفة لإسرائيل خلال عيد الأضحى عبر فتحات الجدار.
ويضيف أنه نقل ما لا يقل عن 200 مواطن منذ أربعة أيام فقط من نابلس إلى طولكرم، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا من مدن شمال الضفة الغربية يتوجهون بشكل كثيف إلى إسرائيل للاستجمام وآخرين بغرض العمل.
ويؤكد قندح أن ما يجري اليوم من دخول الفلسطينيين لم يشهده طوال عمره وعمله على نقل الركاب بين المدينتين.
ويقول الشاب محمد حسين من بلدة بزاريا شمال نابلس لـ(شينخوا)، إنه عاد إلى بلدته اليوم عبر فتحة الجدار بعد غياب لشهر ونصف بسبب عمله دون الحصول على تصريح.
ويوضح حسين أنه لم يحصل على تصريح عمل بسبب صغر سنه وكونه أعزب لذلك يستغل فتحات الجدار وعدم تواجد الجيش الإسرائيلي عليها من أجل التوجه لإسرائيل للعمل وتحصيل قوت يومه.
ورغم سهولة الدخول إلى إسرائيل عبر فتحات الجدار إلا أن شركات السياحة الفلسطينية الرسمية تعمل على تنظيم رحلاتها بشكل نظامي لمن يحمل تصريح أو ليس بحاجة له أصلا.
ويقول رامي أبو غليون مدير شركة سياحة في مدينة رام الله إن شركته تعمل على تنظيم رحلات لمن هم ليس بحاجة تصاريح ودون العمر القانوني أقل من 16 عاما أو ممن يحملون تصاريح أصلا.
ويرفض أبو غليون تنظيم رحلات غير نظامية عبر فتحات الجدار "لأن هناك حالة من الغموض في الإجراءات الإسرائيلية خاصة فيمن يتم ضبطه ينقل ركاب بدون حيازة تصاريح وكيفية تعامل الشرطة الإسرائيلية معهم داخل إسرائيل".
ويشير أبو غليون إلى أن هناك رحلات أسبوعية يتم تنظيمها إلى إسرائيل وتشهد اقبالا كبيرا من الفلسطينيين.
في المقابل، اعتبر وكيل وزارة الداخلية الفلسطينية يوسف حرب أن إسرائيل تحاول تجاوز دور السلطة وإجراءاتها خاصة بالحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد عبر السماح بتدفق المواطنين من الضفة الغربية.
وقال حرب لـ(شينخوا)، "واضح أن إسرائيل تحاول أن تظهر انها صاحبة السيادة على الحدود والمعابر وهي من تقرر متى ومن يدخل ويخرج من الضفة الغربية".
وأضاف "هذا يشكل تعديا واضحا على سيادة السلطة الفلسطينية خاصة بعد قرار القيادة الفلسطينية التحلل من الاتفاقيات ووقف التنسيق الأمني الذي كان يتضمن تنظيم الدخول للعمال والمواطنين الفلسطينيين من نقاط رسمية".
وبين الأهداف السياسية والأمنية تبقى الملامح الاقتصادية أبرز المشاهد فيما يحدث في ثغرات جدار الفصل بين الضفة الغربية وإسرائيل التي تستفيد تجاريا من تدفق الفلسطينيين إليها، بحسب مراقبين.