وصل وفد يقوده وزير الصحة والخدمات البشرية الأمريكي أليكس عازار، إلى تايوان يوم الأحد الماضي، تحت مسمى تعزيز التعاون ضد مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
يعتبر عازار أكبر مسؤول أمريكي على مستوى مجلس الوزراء يزور تايوان منذ 1979، عندما أقامت بكين وواشنطن العلاقات الدبلوماسية. وتعتبر هذه الزيارة استفزازا صارخا جديدا من واشنطن ضد مبدأ صين واحدة وتحديا خطيرا للأساس السياسي للعلاقات الصينية - الأمريكية.حسب وكالة (شينخوا)
في الحقيقة هذه ليست أول مرة تسعى فيها واشنطن لتخطي خط الصين الأحمر حول قضية تايوان. ففي وقت سابق من هذا العام، دعمت الولايات المتحدة بشكل صارخ محاولة تايوان الانضمام لمنظمة الصحة العالمية. وخلال الأعوام القليلة الماضية، واصلت الإدارة الأمريكية الحالية بيع أسلحة إلى تايوان وصدقت على ما يسمى قانون السفر لتايوان على الرغم من معارضة بكين القوية.
ويبدو أن تعزيز التعاون في مكافحة المرض ضروري، حيث مازالت الجائحة التي تحدث مرة في القرن تجتاح أنحاء الكوكب. ولكن مع هذا، وبالنظر إلى حقيقة أن واشنطن لديها طرق عديدة أخرى لفعل هذا مع احترام مبدأ صين واحدة، بالإضافة إلى تاريخها الطويل من الاستفزاز ضد الصين في الشؤون المتعلقة بتايوان، يظهر الغرض الحقيقي لزيارة عازار بشكل واضح.
ومع انخفاض نسبة التأييد للإدارة الحالية وزيادة القلق بشأن إعادة الانتخابات، أصبح البيت الأبيض أكثر يأسا، حيث سعى لتحويل انتباه الجمهور في الولايات المتحدة من فشلها في الاستجابة لكوفيد-19. ومع زيادة استعداد واشنطن خلال الأيام القليلة الماضية لحملتها ضد الصين، فإن عبثها بقضية تايوان لم يكن أمرا مفاجئا.
وبتحدي مبدأ صين واحدة، تحاول واشنطن أيضا أن تختبر أين يكمن الخط الأساسي لبكين وأن تطمس التزاماتها الواضحة بقضية تايوان بتكتيكات تقطيع الشرائح (السلامي).
لم تعترف واشنطن في البيانات الثلاثة المشتركة بين الصين والولايات المتحدة، الوثائق السياسية الأساسية التي ضمنت استقرار وتقدم العلاقات الثنائية خلال أكثر من أربعة عقود ماضية، بأنه "ليس هناك سوى صين واحدة وأن تايوان جزء من الصين" فحسب ولكنها وعدت أيضا بأن "الشعب الأمريكي سوف يحافظ على علاقات ثقافية وتجارية وعلاقات غير رسمية أخرى مع أبناء تايوان".
لذا، مهما كان عذر البيت الأبيض في إرسال مسؤول رفيع المستوى إلى المقاطعة الجزيرة الصينية، فإنه لن يغير حقيقة أنه انتهك بشكل صارخ التوافقات السياسية الأساسية وطويلة الأمد بين البلدين.
وبالإضافة إلى هذا، فإن الإدارة الأمريكية الحالية، التي ترى الصين "منافسا جيوسياسيا رئيسيا" و"قوة تنقيحية"، تكرر أيضا نفس الخدعة القديمة بتشجيع الانفصاليين في تايوان على خلق توترات في مضيق تايوان وعرقلة القوة الدافعة لتوحيد الصين واحتواء تنمية البلاد.
وبالنسبة لمن هم في تايوان ويحاولون الاعتماد على الولايات المتحدة في محاولتهم للاستقلال، وينغمسون في وهم أن واشنطن سوف تساعدهم في مخططاتهم الانفصالية، يجب أن يتنبهوا لحقيقة أنهم ليسوا إلا مخلب قط لسعي واشنطن للحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في آسيا والمحيط الهادئ.
يجب أن يعلم المتشددون في واشنطن أن أعمالهم الاستفزازية ضد مبدأ صين واحدة، الذي حصل على اعتراف عالمي متزايد، ليس من شأنها سوى تقوية إصرار بكين الصلب بالفعل، على توحيد البر الرئيسي مع تايوان والحفاظ على سيادة الصين وسلامة أراضيها. ولن تقبل بكين بأي تنازل فيما يتعلق بمصالحها الجوهرية.
ويتعين عليهم أيضا معرفة أن تصعيد الأعمال الاستفزازية حول تايوان يدفع ما يصفه الكثيرون بأنه أهم علاقات ثنائية في العالم، نحو الاتجاه الخاطئ، ما سيقوض التعاون الثنائي الضروري للتعامل مع نطاق واسع من التحديات العالمية الضاغطة، خاصة مرض فيروس كورونا الجامح.
ويتعين على واشنطن التوقف عن التدخل في شؤون الصين الداخلية والإضرار بالعلاقات الصينية-الأمريكية. وإذا كانت تريد حقا الإسهام في الحرب العالمية ضد المرض، فيتعين عليها تقديم مساهمة حقيقية، بدلا من استخدامها كذريعة لأغراضها الخبيثة.