هناك شعار ترفعه أكاديمية ((ويست بوينت)) العسكرية في الولايات المتحدة، وهو "الواجب، الشرف، البلاد".
ومن خلال تمسكه بالكذب والخداع والسرقة، يكون وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد خان الصفة التي تدافع عنها جامعته الأم، ونما ليصبح قرصانا معاصرا في واشنطن.
يستحوذ القراصنة التقليديون على شهرتهم وثروتهم من خلال سرقة السفن، والسعي للهيمنة في البحر. ويسعى بومبيو لتحقيق مصالحه الذاتية وطموحاته من خلال إساءة استخدام مكتب كبير الدبلوماسيين الأمريكيين.
أصبح الكذب الآن أحد الأساليب الأكثر استخداما لبومبيو لسوء استغلال صلاحيات مكتبه.
ومن أجل تلبية احتياجات المحافظين المحليين من اليمين المتطرف، وتصوير نفسه على أنه مقاتل مناهض للشيوعية، ظل يتقدم في حملة الإدارة الأمريكية الحالية لتشويه سمعة الصين على أساس عقلية الحرب الباردة المهترئة والتحيز الأيديولوجي.
في كلمته الأخيرة في مكتبة ريتشارد نيكسون الرئاسية، حاول إساءة تفسير العلاقات المثمرة بين الصين والولايات المتحدة، على مدى العقود الأربعة الماضية، وتشويه سمعة الحزب الشيوعي الصيني، وتعزيز التحيز الأيديولوجي ضد بكين. لقد كانت كلمة مليئة بالأكاذيب.
وجّه ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة فكرية، انتقادا لـ"تحريف بومبيو للتاريخ وفشله في طرح مسار متماسك أو قابل للتطبيق للمضي قدما لإدارة علاقات ستحدد هذه الحقبة أكثر من أية علاقة أخرى".
على المسرح العالمي، عمل بومبيو بمثابة رجل الأحقاد للبيت الأبيض المتشدد بشكل متزايد، حيث يتنمر على الدول في جميع أنحاء العالم.
وجال حول العالم للضغط على الحكومات لحظر شركة الاتصالات الصينية ((هواوي))، وهددها بالعواقب إذا فشلوا في التعاون؛ ودعا أيضا إلى فرض عقوبات أحادية الجانب على الشركات الأوروبية لانضمامها إلى مشروع خط أنابيب ((نورد ستريم 2)) الروسي؛ وقد خاطر، مع صقور آخرين في البيت الأبيض، بتقريب الولايات المتحدة وإيران من حافة الحرب. أما نهجه الاستفزازي القائم على كل شيء أو لا شيء في التعامل مع محادثات نزع السلاح النووي مع بيونغ يانغ، فلم يحرز أي تقدم حتى الآن.
ويعمل بومبيو أيضا على تسييس وزارة الخارجية، ويسعى إلى تحويلها إلى نقطة انطلاق لتحقيق طموحاته السياسية.
وبالكاد أخفى أهدافه السياسية المتغطرسة. وأجاب ذات مرة بصراحة بنعم على سؤال عما إذا كان يفكر في الترشح للرئاسة.
في الشهر الماضي، حضر بومبيو، مُستخدما موارد وزارة الخارجية، ((قمة القيادة العائلية)) في ولاية آيوا الأمريكية، وهو حدث تقليدي لمرشحي الرئاسة الجمهوريين المفترضين.
جاء في تعليق نشرته شبكة ((سي أن أن)) الأمريكية، مؤخرا، أنه "في غضون عامين قصيرين فقط، أصبح مايك بومبيو- بتركيزه على إمكانية نيل حظه من الرئاسة في عام 2024، وعلى قاعدة الدعم التي من المفترض أن يرثها من الرئيس دونالد ترامب- ليس أسوأ وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة، فحسب، بل أيضا الأكثر تحزبا".
ونتيجة لتصرفات بومبيو البربرية وأنانيته الدبلوماسية على مدى العامين الماضيين، تلطخت مصداقيته باعتباره الوجه الدبلوماسي لأمريكا في العالم، وكذلك مصداقية الولايات المتحدة.
الجانب الإيجابي الوحيد هو أن المجتمع الدولي أصبح لديه الآن فهم أوضح وأعمق لطبيعة الهيمنة لواشنطن وطموحها المطلق للسيطرة على العالم.
وإذا تم النظر للأمور بأي مقياس، فإن بومبيو، ومعه إرثه السام في وزارة الخارجية، قد قلب وجهة نظر الرأي العام الأمريكي والآخرين في جميع أنحاء العالم، حول دور وزير خارجية الولايات المتحدة.
وإذا ظل هذا القرصان المعاصر في واشنطن، قادرا على شق طريقه في الساحة السياسية الأمريكية، فسيكون ذلك كارثيا ليس للولايات المتحدة فقط، بل أيضا لبقية المجتمع الدولي. والعالم يأمل فعلا ألا يحدث ذلك.