( ابراهام ) الاماراتي...

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد
  • د. هاني العقاد

لم يكن الحمل كاذبا ولم تستطع الحامل ان تحفظ ذلك سراً ابعد من تاريخ الامس بعدما جاء المولود للعلن, كان اهلها يكذبوا اللقاءات والسهرات الماجنة وكانوا يلعنوا من يشكك في عذريتها وقد يقتلوا من يتهمها بالسفاح حتي بان كل شيئ ولم يعد احد يستطع الانكار ولم يعد سراً .  اقاموا للسفاح بيتا و كنيسا واستضافوه علي طاولات امهاتهم  واعتبروه  واحدا الامراء , كان لابد من الافصاح عن هذا الحمل الحرام لكنهم انتظروا حتي ياتي الولد وحينها سيحبكوا القصة التي تظهر طهرهم . جاء  ابن السفاح ( ابراهام ) ولم يخجلوا من تسميته واعلان ديانة ابيه اليهودية الاسرائيلية , لم يستحي احد منهم ان يعلن للجميع انه فرح بهذا المولود (ابراهام)  الذي جاء بعدما خشي الجميع مزيدا من الفضائح  لكنهم صنعوا له  سريراً ذهبي واقاموا احتفال بهي واطلقوا زغاريد المتوضئين بماء العهر , قالوا انه جاء ليحفظ كرامة العرب وكبريائهم وينقذ فلسطين من الضياع ويوقف التهويد والضم ويرسي قواعد العدالة الدولية ويعيد للمظلومين حقوقهم ويحمي الارض والعرض والانسان ويطرد الاحتلال من القدس  العربية ويقضي علي كل ما يجول في خاطرالمحتل من جرائم مستقبلية بل قد يجبرالمحتل علي تقديم الاعتذار للعرب اجمع عما فعل في اخوانهم الفلسطينين طوال  سبعة عقود واكثر.

يبقي (ابراهام) ابن سفاح جاء علي فراش  عربي ولم ياتي علي فراش ابية اليهودي , شيئا من الذهول اصاب الجميع ممن كانوا يصدقوا قصص الطهارة والعذرية التي تروي وكاله نشرة الاخبار  .الامر اكثر من عادي بعد  اكثر من ثلاثة اعوام والعاشق يختلس الزيارات والجلسات وحلقات الهوى تقدم له الموائد وتسير له الرحلات  حتي وصلت الي بيوت الله , وهنا بات عيبا ان يستمر العشق سرا فالعاشق لا يريد الا ان يكون العشق علنا ويمسي الولد (ابرهام ) شرعياً ويفتخر بنسبه ويبني له بيتا في كل حارة  ومدينة .  عن اتفاق التطبيع بين الامارات واسرائيل اتحدث ما يسمونه اتفاق (ابراهام ) للسلام والذي فرح به الاماراتين كثيرا واعتبروه انجازا تاريخيا وليس خيانة ولا سقوط كما يعتقد البعض من العرب والفلسطينين وجاء لصالح الامارات لانه سوف يفتح مجالات للتعاون الامني والعسكري والتكنولوجي مع الاسرائيلين وفي ذات الوقت انقذ حل الدولتين الفلسطيني الذي كان بين الحياة والموت ونسي  هؤلاء الناس ان من يتحدثوا عنه ويقنعوا الناس به اي  وقف الضم هو مخطط جاءت به   صفقة القرن الامريكية ولم يكن ليجرؤ نتنياهو علي فعل شيء كهذا لولا الضوء الاخضر الامريكي الذي جاء في اكثر من بند واعطي اسرائيل الحق في ضم ما بين 30% الي 35 % من ارض الضفة الغربية ويعطي الفلسطينين دويلة بعد اربع سنوات اذا اثبتوا حسن النية واعترفوا بالدولة اليهودية واقروا ان القدس اصبحت مدينة عبرية .

الاتفاق ليس جريمة اماراتية بحق القضية الفلسطينية ولا مجرد خيانة لدم الشهداء والقدس والعروبة بل انه كسر لضهر العرب وكبريائهم وقوتهم وما اتفقوا عليه في القمم العربية السالفة واهمها مبادرة السلام العربية 2002 بيروت  التي قدمتها العربية السعودية لتقول ان اي تطبيع قبل اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس علي كامل حدود العام 1967 يعتبر خيانة وعمل غير مقبول وغير قانوني ولن يعترف به العرب ولا تقره جامعة العرب التي بلعت لسانها اليوم , ليس هذا فقط وانما اعلان الامارات الثلاثي من شانة ان يزيح المبادرة العربية من قاعدة الاسس والمرجعيات التي حددت دوليا واعترف بها اعضاء الرباعية والامم المتحدة لاي عملية سلام بين اسرائيل والعرب  لتقدم حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية حسب القرارات الشرعية والمرجعيات القانونية واولها مبادرة السلام العربية , القضية ابعد من مجرد اتفاق ثلاثي  في جوهره جزء  اساسي وحلقة اساسية من حلقات تطبيق  خطة الصفقة الامريكية والتي اعتمدت السلام العربي بين اسرائيل والعرب اي الدول العربية التي قالوا عنها انها معتدلة والتي من شانها ان تدفع باتجاه تقوية التوجه الامريكي لتطبيق الصفقة عمليا علي الارض والتي رفضها الفلسطينين علانية .

( ابراهام ) اول اتفاق عربي امريكي اسرائيلي تنجح ادارة ترمب عبر عرابيها بالشرق الاوسط  في عقدة في المنطقة العربية  لحصار الرفض الفلسطيني للصفقة وتفرغة من محتواه بل وخطوة لاسقاط من يرفضه واستبداله بمن يوافق , (ابرهام)  اتفاق منفرد لانهاء الصراع وعقد صلح تاريخي بين الدولتين كمرحلة اولي من مراحل الاتفاقات التي ستتبع بعد ذلك في الاقليم والتي تنسق الولايات المتحدة الامريكية انجازها علي طريق تطبيق الصفقة , تم اختيار الامارات لتعقد هذا الاتفاق لانها الدولة الاقدم  في العلاقات التحتية والسرية مع اسرائيل والتي اعلن الاتفاق شرعيتها  وبالتالي   اصبحت علنية . لن يتوقف السقوط هنا وسيكون قريباً مزيدا من الولادات الغير شرعية  لسفاحات اخري في البحرين وعمان وقطر وبعض الدول التي باتت لا تخشي الفضيحة بعد سابقة الامارات وتتسلح بشرعية هذا الاتفاق, قريبا سيكون هناك احتفالات في تل ابيب بولادة اتفاقات مشابه  تحمل اسماء اولاد سفاح جدد ( ابراهام العماني)  و( ابراهام البحريني)  و( ابراهام القطري ) و(ابراهام ) السوداني وابراهام اخرمازال يختبئ تحت جلباب امه...؟  وسوف تحتفل تل ابيب بأضاءة مبانيها باعلام عربية اخري  وعلي غرار  اضاءة الاماراتين برج خليفة بن زايد في الامارات بعلم اسرائيل وسوف تضاء ابراج العرب في الخليج العربي في دبي وعمان والبحرين والدوحة باعلام اسرائيل وسيحتفل ترامب في البيت الابيض  بانتصاره باعتباره الرئيس الوحيد الذي غير الخارطة الجيوسياسية بالشرق الاوسط وحل الصراع لصالح الدولة اليهودية مقابل ان يحشد له اليهود اصواتهم كي يفوز بولاية حكم ثانية.    

[email protected]

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت