غداً سنشكر الإمارات..!

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح

أرادت دولة الإمارات العربية "المتحدة"  أن تتحدث بإسم الدولة الفلسطينية "المنقسمة" , كما فعلت غيرها من الدول , ولكن هذه المرة من خلال وضع شرط مفاده تجميد ضم الضفة الغربية  والأغوار , مقابل تطويرعلاقة التطبيع الى إتفاقية سلام مع إسرائيل , فالإمارات ترى أن سلامها مع إسرائيل ليس الأول ولم يكن الأخير , فمصر والأردن وهما الأقرب الى فلسطين , أبرما إتفاق سلام مع إسرائيل , وكما أن غالب الدول العربية والإسلامية تطبع مع إسرائيل , وعلى رأس هذه الدول "قطر وتركيا" والتي يتغنى بهما الساسة المخدوعين في غزة , ولكن الإمارات ترى أن شرطها بتجميد الضم في إتفاقها مع إسرائيل , يعد الأول من نوعه , لأنه ليس هناك أي دولة عربية أو إسلامية قامت بوضع شرط كهذا قبل التطيبع مع إسرائيل , ولذلك إعتبرت الإمارات أن إستخدام القضية الفلسطينية في إتفاق سلامها مع إسرائيل هو دعم لفلسطين ويستحق الشكر , وليس مبرر للإتفاقية أو وسيلة لحفظ ماء الوجه كما يقول البعض , أما الإتفاقية  بحد ذاتها فهي بقرار سياسي إماراتي مستند على أن  جميع الدول العربية والإسلامية تتعامل مع إسرائيل  كدولة قائمة على أرض الواقع , وحتى الإمارات ترى أن الفلسطينيين يتعاملون مع إسرائيل كدولة قائمة على مساحة 78% من خارطة فلسطين التاريخية , وذلك بموجب إتفاق أوسلوا , وبموجب مبادرة السلام العربية , وبموجب قرارات الأمم المتحدة , وجامعة الدول العربية , والتي تؤيد دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية , ومساحتها الجغرافية هي 22% من خارطة فلسطين التاريخية ,  وهي أصبحت من الثوابت والتي تجمع عليها حركة فتح وفصائل منظمة التحرير وحركة حماس وملحقاتها , ولذلك فالإمارات تعتبر أن إتفاقية السلام لم تخترع دولة إسرائيل , بل تتعامل معها  كما تعامل الفلسطينيين ومن قبل العرب والمسلمين .

نحن الفلسطينيين شكرنا جميع الدول المطبعة مع إسرائيل , وإعتبرناها دول حاضنة للقضية الفلسطينية ,  لمجرد أن هذه الدول قدمت دعماً لنا , وغداً سنشكر دولة الإمارات في حال تقديمها دعماً لنا , وبالطبع هذه حالة التناقض الواضحة لم تأتي من فراغ , بل هي نتاج خمول في العقلية السياسية الفلسطينية وعدم إنتاج بدائل وحلول تغنينا عن المساعدات المذلة  , وبسبب الخمول وعدم القدرة على تقديم الحلول , أصبحنا نؤمن  بنظرية المؤآمرة  ووصلنا لقناعة بأن بعض الدول هي السبب في الإنقسام وليس نحن , وأن بعض الدول هي التي باعت فلسطين وليس نحن , وأن بعض الدول هي التي قتلت الديمقراطية في فلسطين وليس نحن , وفي نفس الوقت نتعامل مع هذه الدول معاملة الفاتحين , ونشكرهم ليلاً نهاراً على الفضائيات , ووصل الحال بنا أن نرفع أعلام بعض الدول المطبعة مع إسرائيل بدلاً من علم فلسطين في الميادين العامة ,  وكل هذا بسبب أن المؤسسات السياسية الفلسطينية بشكل عام لا تنتج سياسة , بل تتعامل مع سياسة واردة إليها من الخارج , ولهذا السبب قامت الدنيا ولم تقعد على الإمارات بسبب إتفاق السلام , ولم تقوم ولم تقعد بسبب الإنقسام , وبسبب عجز الفصائل على إنجاز مجرد مهرجان مشترك لا يحمل سوا خطابات وشعارات .

 ملاحظة : أنا كفلسطيني لا أتفق مع التطبيع العربي مع إسرائيل وبأي حال من الأحوال , ولكنني أرى أن الوضع الفلسطيني الداخلي الآن أخطر بكثير من التطبيع , والدليل على ذلك أن  مطلقي الصواريخ والبالونات على إسرائيل , لم يشترطوا بتجميد الضم مقابل إيقاف التصعيد كما إشترطت الإمارات , لأن السبب في إطلاقها هو تأخير دخول الدولارات الى حكومة غزة وليس ضم الضفة والأغوار , ولكن الإمارات إشترطت على إسرائيل تجميد الضم مقابل السلام , وكان من الممكن أن توقع الإمارات على إتفاق السلام بدون أن تشترط على إسرائيل بتجميد الضم , ومن الممكن أيضاً أن ترسل الإمارات في الأيام القادمة حقيبة نقود الى غزة كما فعلت قطر , وبالطبع حينها  سنقول للإمارات شكراً كما قلناها للدول الأقرب لإسرائيل مثل قطر وتركيا .

كاتب صحفي

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت