- بقلم عدنان الصباح
لم يكن الإعلان عن اتفاقية إسرائيل الإمارات مفاجئة لأحد على الإطلاق فكل الأحداث والمؤشرات كانت تشير إلى أن الاحتفال سيأتي قريبا ليس من جهة الإمارات بل ومن كل الجهات فما كان عيبا قبل حرب أكتوبر 1973 لم يعد كذلك بعد كامب ديفيد السادات بيغن وبعد اتفاق إعلان مبادئ الحكم الذاتي الفلسطيني والذي جرى وضع اسم بديل عنه للتمويه بتسميته اتفاق أوسلو وتغييب كلمة الحكم الذاتي عمدا وصرف الأنظار عن انه اقل بكثير من حكم ذاتي فهو محض إعلان مبادئ للحكم الذاتي وليس حكما ذاتيا حتى.
ليست الإمارات العربية المتحدة هي الفاجرة الأولى في قطع العلاقة مع القضية الفلسطينية وهي لن تكون الأخيرة الذاهبة غدا للعب دور الوساطة بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال فكل العرب الا من رحم ربي سنجدهم غدا يعقدون مؤتمرا لإرضاع الفلسطينيين رغما عنهم للقبول بحكم ذاتي للولايات الفلسطينية الغير متحدة وبأيدي عربية وفلسطينية فلكل دولة عربية عراب سيكون جاهزا لتنفيذ ما يؤمر به وليس الأمر ببعيد على الإطلاق فلا عاشت إذن ورقة توتنا التي لا زال البعض يغطي بها فضيحته ولا زلنا نمثل دور المغفلين تجاه أفعاله المعلنة فقد صار لزاما علينا نحن أن نزيل بأيدينا ورقة توتنا عن عوراتهم علنا.
فيما عدا سوريا والجزائر فلا يوجد نظام عربي واحد لم يقم علاقة ما مع دولة الاحتلال بشكل أو بآخر أو أقام تلك العلاقة عبر جهات من داخله أهلية أو حزبية أو شبه حكومية وقد طالت تلك العلاقات كل شيء من الثقافة إلى الاقتصاد إلى السياسة إلى التحالف شبه العلني في المواقف وأنماط من التعاون والتنسيق الأمني وحتى تجارة السلاح والإسناد لقوى عميلة وفاسدة وتعلن ارتباطها مع دولة الاحتلال ضد بلادها كما يحدث وحدث مع سوريين وعراقيين وليبيين.
لقد جاءت فعلة الإمارات المشينة اليوم لتعلن عن بدء حفلة سقوط أوراق التوت عن العورات العربية المفضوحة أصلا والمسكوت عنها عمليا من الجميع ونحن في فلسطين كنا ولا زلنا في مقدمة الصامتين عن الجرائم ما دامت خجولة في الإعلان عنها ولذا صمتنا عن الزيارات المتبادلة ولم نوجه حتى نقدنا لسلطنة عمان وهي تستقبل رئيس وزراء الاحتلال علنا ولا لمواقف وزير خارجية البحرين الذي بات مدافعا عنيدا عن حق اليهود في فلسطين وباحثا لنا عن بدائل ولا للزيارات المتبادلة بين الإمارات ودولة الاحتلال ولا لوساطات قطر الأقدم في إقامة العلاقات العلنية مع دولة الاحتلال وبلا أدنى خجل ولا لأبواب أخرى في عديد دول العرب المفتوحة أمام دولة الاحتلال زيارات وتنسيق وعلاقات بالسر والعلن.
لم يعد هناك وجود حقيقي حتى لورقة التوت الكاذبة التي تغطى بها البعض في علاقته بالقضية الفلسطينية والأسوأ من ذلك أن بعض مثقفي العرب باتوا يتحدثون علنا عن أفضلية دولة الاحتلال على فلسطين وشعبها وقضيتها وبعض الساسة راحوا يمارسون دور الناصحين للفلسطينيين بضرورة التنازل عن حقوقهم وقضيتهم وقبول ما يعرض عليه ولم يعد عيبا ولا مستهجنا أن نسمع مديح دولة الاحتلال وسيدتها الولايات المتحدة الأمريكية علنا وبات التحالف ضد فلسطين وقضايا العرب كلها مع أعداء العرب أمرا مستهجنا وان أفضل العرب هو من يقبل بالقيام بدور الوساطة بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال أو الإدارة الأمريكية.
ليس مهما ما جرى ويجري من أنشطة عربية ودولية لحماية المشروع الصهيوني في فلسطين والإضرار بالقضية الوطنية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بل المهم هو ما الذي ينبغي على الفلسطينيين فعله اليوم وما هي مشاريع العمل الوطني المطروحة للعمل والتنفيذ على أرضية أن لا حلفاء حقيقيين فاعلين من حولنا فسوريا اشغلوها بألف ألف حكاية وما عادت العراق عراق وإيران وحزب الله تشن عليهم الحروب من كل حدب وصوب وبالتالي فان حالة الجمود المميتة التي نعيشها قد تصل بنا بأيدينا إلى الهاوية إذا واصلنا حالتنا هذه التي تقترب تدريجيا من حالة العجز فبالضرورة علينا أن ندرك أن البدائل دائما موجودة ولا يمكن أن تكون مستحيلة وكل المطلوب منا أن نصحو وبمسك بضالتنا وننتقل من حالة الشلل والعجز والصراخ اللفظي إلى حالة الفعل على الأرض لعل وعسى أن لا تصل بنا الأمور إلى ما يريدونه لنا أن يكون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت