- بقلم د. مصطفى البرغوثي
- الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
خضنا، وما زلنا نخوض، على امتداد عقود من الزمن معارك لا تتوقف ضد الرواية الإسرائيلية التي تشوه الحقائق في وسائل الإعلام العالمية، وفي أوساط الرأي العام الدولي.
واستغلت حكومات إسرائيل انحياز العديد من الحكومات ووسائل الإعلام لصالحها في ترسيخ رواياتها الكاذبة لما جرى ويجري في فلسطين.
كما إستخدمت لوبيات دقيقة التنظيم في معظم البلدان الغربية لفرض رواياتها وللسيطرة على مواقع صنع القرار في وسائل الإعلام الكبرى، المرئية والمسموعة.
واعتمدت الرواية الإسرائيلية على أكاذيب جرى الترويج لها بإنتظام ومثابرة، من طراز، أن إسرائيل وافقت على مشروع التقسيم عام 1947، في حين رفضه العرب والفلسطينيون، أو أنها الضحية في الصراع الجاري، ,أن الضفة الغربية ليست أراضي محتلة بل مناطق متنازع عليها. وحاول الإعلام الإسرائيلي بإصرار ومثابرة إلصاق صفة الإرهاب والإرهابيين بالنضال الوطني الفلسطيني.
ومنذ عام 2000، مع إنطلاق الإنتفاضة الثانية، صعد اللوبي الإسرائيلي وآلة الحرب الإعلامية، هجماتها في محاولة لعزل الشعب الفلسطيني وتشويه نضاله العادل.
وبدأت حملة مركزة أولا، لاختراق الرأي العام العربي وتحريضه ضد الفلسطينيين، وثانيا لاختراق الوعي الفلسطيني، بالإشاعات والتحريض، مع إستغلال نقاط الضعف الفلسطينية الداخلية، كالانقسام.
وعلى الصعيد الدولي، بدأت إسرائيل حملة لا يمكن وصفها إلا بالإرهاب الفكري، ضد كل من يتجرأ على تأييد الشعب الفلسطيني أو مناصرة نضاله العادل، وضد كل من يتبنى حملة المقاطعة ضد نظام الأبرتهايد الإسرائيلي.
ولم تتورع عن وصم كل من لا يخضع لابتزازها الفكري، بتهمة اللاسامية، بل وصل الأمر إلى وصف اليهود المعادين للاحتلال والتمييز العنصري بأنهم " يهود كارهين للنفس".
لم أتوقع يوما أن أسمع عبر وسائل إعلام عربية ودولية متحدثون عرب يكررون الروايات الإسرائيلية، مثل " نضال الفلسطينيين هو إرهاب" و"الفلسطينيون لايحبون السلام" و" الفلسطينيون يتاجرون بقضيتهم" مع تجاهل كامل لما تمارسه إسرائيل من " الاحتلال الأطول في التاريخ الحديث" و" المس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية" وما أنشأته من "أسوأ نظام تمييز عنصري في تاريخ البشرية".
نحن نعرف أن هؤلاء المتحدثون يمثلون أقلية وسط شعوب متعاطفة مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل، ولكننا نعرف أيضا أن فتح أبواب الإعلام لهم، يحمل في طياته خطر انتشار التضليل الذي يكررونه.
وكل ذلك يستدعي تغييرا جوهريا في وسائل الإعلام الفلسطينية، والتي تحتاج إلى تطوير كبير في منهجها ورسالتها، وأساليب عملها، بحيث تكون قادرة على خوض الكفاح الإعلامي على ثلاث جبهات، الدولية، والعربية، والفلسطينية المحلية.
وذلك لا يمكن تحقيقه إلا بتنظيم دقيق يضمن وحدة الرسالة، والمثابرة المنهجية في نشرها، مع متابعة دقيقة للإعلام المعادي وما يروج له.
ولو قمنا بعشر الجهد الذي تبذله الحركة الصهيونية إعلاميا، ستلحق الهزيمة بهم، لأن الدعوة للحقيقة أقوى وأسهل بكثير من نشر الضلال.
ولكن الحقيقة بدون تنظيم، و دون جهد، و دون مثابرة، ستكون ضعيفة أمام التضليل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت