لم تحقق الزيارة التى قام بها جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مدي يومين لدولة الإمارات، اختراقا ملموسا على مستوى توقيع الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل، الا بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون المستقبلي في القطاع المصرفي والمالي.
وضم الوفد مع جاريد كوشنر، روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي الأمريكي، ومائير بن شبات مستشار ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إلى جانب عدد من ممثلي القطاعات المختلفة بدولة إسرائيل.
فقد حظيت الزيارة بدعاية كبيرة من قبل الآله الإعلامية الأمريكية ووسائل الإعلام الإسرائيلية، بأن كوشنر سوف يشهد توقيع الكثير من الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل، لكن الزيارة خيبت ظن المتابعين وخوت من المضمون، ووصفتها وسائل إعلام عربية "بالزيارة الرمزية" في حين أطلقت عليها وسائل التواصل الإجتماعي "زيارة بروتوكولية" تمهد لفتح آفاق التعاون بين الإمارات وإسرائيل، فيما أعرب إسرائيليون عن عدم اهتمامهم بتلك الزيارة ونتائجها الباهتة.
وتتسارع الأحداث في الآونة الأخيرة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة بعد التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فقد تم اليوم توقيع أول بروتوكول تفاهم بشأن التعاون في الخدمات المصرفية بين إسرائيل والإمارات، من قبل القائم بأعمال المدير العام لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رونين بيرتس، ومحافظ بنك الإمارات العربية المتحدة عبد الحميد سعيد.
وفي بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فأنه بموجب الاتفاق الجديد سيتم تشكيل لجنة إسرائيلية إماراتية مشتركة لتعزيز التعاون في الشؤون المالية والاستثمارات.
في حين، يرى محللون سياسيون إسرائيليون أن الاتفاق بين البلدين سيكون له فائدة اقتصادية كبيرة لإسرائيل، بعد الضربة التي تلقاها بسبب أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويقول المحلل السياسي أمنون لورد "رحلة الطيران التاريخية بين إسرائيل والإمارات مع جاريد كوشنر ومائير بن شبات التي مرت من سماء السعودية هي حلم منذ 10 سنوات مثل خطوة إلغاء ولى عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قانون المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل الصادر العام 1972".
وأضاف أمنون لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الأهمية الفورية للاتفاقات التجارية المتوقعة بين البلدين تبلغ أكثر من 500 مليون دولار أمريكي، واصفا بأنها "رياح تفاؤل بتعافي الاقتصاد الإسرائيلي".
وقبل أيام، وصف نتنياهو اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات "بالتاريخي"، مشيرا إلى أنه سيساعد في تحقيق الازدهار الاقتصادي بشكل عام وخلال فترة الكورونا بشكل خاص.
وتأثرت العديد من القطاعات الحيوية في إسرائيل بأزمة كورونا بعد تفشي المرض في نهاية فبراير الماضي، وعلى رأسها قطاعي الطيران والسياحة.
ويرى المحلل السياسي ناحوم برنياع أن توقيع اتفاقيات مع أبوظبي يعني أن "مئات مليارات الدولار ستضخ من الإمارات إلى إسرائيل مباشرة".
وأضاف لوكالة أنباء (شينخوا) أن رحلة العال التي انطلقت أمس من إسرائيل إلى أبوظبي ليست أمرا لا يؤبه به، حتى لو كان صحيحا أنه يوجد بين إسرائيل وبين الإمارات علاقات تجارية وأمنية منذ عشرات السنين.
أما المحللة السياسية نوعا لانداو فترى أن الجماهير الإسرائيلية لا يبدو وكأنها "مولعة بالاتفاق".
وقالت لانداو لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن جماهير إسرائيلية تلقت الاتفاق مع الإمارات بلامبالاة، مضيفة أن "الجمهور الإسرائيلي يبدو في العام 2020 لم يعد مدفوعا بالخوف الجماعي الوجودي".
واستطردت "ولكن وعلى الرغم من ذلك وفي أيام كورونا، يهتم الإسرائيليون بالدرجة الأولى في الوقت الحالي بصحتهم وسبل عيشهم"، مشيرة إلى أن مرض كورونا "هز حياة العديد من العائلات الذي يواجهون البطالة".
وبحسب مصلحة الاستخدام والتشغيل، بلغت نسبة البطالة في إسرائيل الشهر الحالي حوالي 20 في المائة، وعدد العاطلين عن العمل 846 ألفا، مقارنة بـ 3.9 في المائة وحوالي 162500 عاطل عن العمل قبل تفشي المرض في إسرائيل في أواخر فبراير الماضي.
ونوهت لانداو بأن التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات بين البلدين لن يتعدى كونه "راحة إيجابية من صعوبات روتين كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنه".
من جانبه، يرى المحلل السياسي التونسي الحبيب الأسود أن الإمارات أدركت أن الصراع لن ينتهي خلال أعوام أو عقود، وأن أوضاع العرب الراهنة لن تجمعهم على هدف واحد.
وأضاف الأسود أن من يرى النهضة الحضارية التي تشهدها الإمارات العربية المتحدة، يدرك أنها باتت في مكان مختلف عن بقية الدول العربية، وتركز اهتمامها على الذكاء الاصطناعي وغزو الفضاء التكنولوجيا الحديثة والطاقة النووية السلمي.
في حين، رأي المحلل والكاتب السياسي المصري الدكتور طارق السنوطي نائب رئيس تحرير صحيفة (الأهرام)، أن زيارة كوشنر والوفد الإسرائيلي لدولة الإمارات العربية المتحدة لا تعد كونها "بروجندا" إعلامية فاشلة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، علاوة على أنها زيارة بروتوكولية لم تحقق اختراقا ملموسا على صعيد توقيع الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل.
وقال السنوطي، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الزيارة تفتح الباب والطريق فقط أمام تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، والتى أمامها الكثير لتصل إلى مستويات مرضية بالنسبة للإسرائيليين، الذين يرغبون في تطبيع العلاقات مع الإمارات ووصولها لأعلى المستويات في فترة زمنية وجيزة، لافتا إلى أن الآله الإعلامية الأمريكية حاولت تضخيم حجم زيارة كوشنر والوفد المرافق له لدولة الإمارات، لكى تدل على نجاح ترامب في إقامة علاقات مستقرة ومفيدة لإسرائيل مع دول في الشرق الأوسط، ولكن نتائج الزيارة تعتبر خاوية من أى مضمون يذكر.
وأشار إلى أن وسائل إعلام عربية وصفت الزيارة بأنها "رمزية" في حين أطلقت عليها وسائل التواصل الإجتماعي "زيارة بروتوكولية" تمهد لفتح آفاق التعاون بين الإمارات وإسرائيل، وهذا يدل على أن الزيارة فشلت فى تحقيق أهداف الدعاية التى قادتها وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة عن التوصل لاتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 13 أغسطس الجاري بوساطة أمريكية.
وقال الرئيس الأمريكي في تغريدة له على موقع (تويتر) أنه تم التوصل إلى "اتفاق تاريخي" بين البلدين، في حين كتب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على (تويتر) أنه "في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا إلى علاقات ثنائية".
وقوبل الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بالرفض من قبل الفلسطينيين، واعتبروه "نسفا لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية".
ووفقا لبيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فإن الاجتماعات في أبو ظبي تركز على القضايا المتعلقة بالمجالات المدنية والاقتصادية مثل المالية والطيران والسياحة والفضاء والعلوم والاستثمارات والتجارة.
ووقع عبد الحميد محمد سعيد الأحمدي محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي و السيد رونن بارتس مدير عام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مذكرة تفاهم للتعاون المستقبلي في القطاع المصرفي و المالي، حسبما ذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) يوم (الثلاثاء).
وأصدرت الإمارات وأمريكا وإسرائيل الإثنين بيانا ثلاثيا مشتركا في ضوء زيارة الوفد الأمريكي - الإسرائيلي المشترك برئاسة جاريد كوشنير كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدولة اليوم.
ونص البيان المشترك على أن "تمثل معاهدة السلام التي تم التوصل اليها بين دولة الإمارات ودولة إسرائيل برعاية أمريكية في 13 أغسطس 2020 خطوة شجاعة نحو منطقة شرق أوسط أكثر استقرارا وتكاملا وازدهارا".
وتحث الولايات المتحدة ودولة الإمارات القادة الفلسطينيين على إعادة الانخراط مع نظرائهم الإسرائيليين في المناقشات الرامية إلى تحقيق السلام.
وألغت دولة الإمارات يوم السبت الموافق 29-8-2020 رسميا قانون المقاطعة الذي تم إصداره قبل 40 عاما، مما سمح للشركات والأفراد من دولة الإمارات بإقامة علاقات تجارية مباشرة مع دولة إسرائيل.