طالب وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني خالد العسيلي، بتنفيذ القرارات الصادرة عن قمة القدس التي عقدت في المملكة العربية السعودية الخاصة بمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي ونظامه الاستعماري ودعوة جميع الدول والمؤسسات والشركات والأفراد إلى وقف جميع التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي.
وجدد العسيلي في كلمته أمام أعمال الدورة (106) الافتراضية (عن بعد) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية على المستوى الوزاري برئاسة وزير المالية بدولة الكويت براك الشيتان، وبحضور الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، وذلك في إطار الاجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا المستجد" كوفيد- 19، دعوته لكل الأشقاء العرب لرفض أي خطة أو صفقة بمسميات وهمية لا تستند على المرجعيات الدولية القانونية ومبادرة السلام العربية، مثمنا الجهود التي بذلتها الدول العربية الشقيقة وشعوبنا الأصيلة التي ترفض الالتفاف على قرارات الجامعة العربية ومبادرة السلام العربية.
وقال: إن السلطة القائمة بالاحتلال ما زالت تفرض مصفوفة القيود والمعيقات التي من شأنها فرض تغيرات جيوسياسية وتشوهات تؤثر على اقتصادنا الفلسطيني، وإننا نخوض معركة تضاف الى معاركنا مع هذا المحتل الذي يستمر في انتهاكاته لجميع قرارات الشرعية الدولية، حيث ما زال مخطط الضم قائما ولم يتوقف، بالرغم من وجود ادعاءات بتأجيله، ولا بد من الإشارة إلى أن القضية الفلسطينية لا تنحصر بفرض الضم من عدمه، وإنما بوجود هذا الاحتلال الغاشم واستمرار انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف العسيلي، علاوة على هذا التهديد الوجودي من الاحتلال، يجابه العالم أجمع تحديا مستمرا يتمثل بانتشار فيروس "كورونا" الذي نجم عنه شلل في حركة العالم بأسره، وكذلك اقتصادنا الوطني، مشيرا إلى أنه مع تفاقم هذه الأزمة الصحية فقد انعكست هذه الجائحة على مختلف فئات المجتمع الفلسطيني لا سيما الشباب حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل إلى 336 ألف عاطل عن العمل، وتقدر خسائر الاقتصاد الوطني بـــ3 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يصل عجز الموازنة لأكثر من 2.8 مليار دولار للعام الجاري .
وأكد وزير الاقتصاد، أن الانتهاكات المستمرة للحقوق الإنسانية والاقتصادية للشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي قد فاقم الضرر الذي تسببت به الجائحة الصحية ويهدد بجعل إنعاش القطاع الاقتصادي الفلسطيني باعتباره "مهمة مستحيلة"، مشيرا إلى أن هذه الجائحة كشفت صعوبة الأوضاع المالية التي تعيشها دولة فلسطين ونظرا للانتهاكات الإسرائيلية من اقتطاعات للمقاصة، ومصادرة الايرادات والأرض والموارد وغيرها، ما يستدعي من أمتنا العربية الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني ودعم شعبنا من خلال الوفاء بالالتزامات حيال موازنة دولة فلسطين وتفعيل شبكة الأمان المالية العربية التي أكدتها قرارات الجامعة العربية، مشددا على أن القدرة على صمود شعبنا الفلسطيني على أرضه مرهون بالوفاء بهذه الالتزامات في ظل هذه التحديات السياسية والاقتصادية.
وثمن العسيلي في ختام كلمته جهود الدول العربية السياسية لمنع عملية الضم وإلزام اسرائيل
بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، مشيرا إلى أنه قد تم إدراج مشروع القرار الخاص بدعم جهود دولة فلسطين في مواجهة الآثار الاجتماعية المترتبة من تفشي الجائحة الصحية، علاوة على مشروع قرار لدعم الاقتصاد الفلسطيني ليحظى بموافقتكم الكريمة والانطلاق للبدء بتنفيذه لصالح شعبنا الفلسطيني بدعم عربي وبمرجعية عربية تستند على مبادرة السلام العربية.
بدوره، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن اجتماعنا اليوم يعقد لأول مرة عبر تقنية الاتصال المرئي، وذلك في ظل الظروف الاستثنائية التي لا تزال تمر بها منطقتنا العربية والعالم أجمع، وهو الأمر الذي استدعى اختصار بنود مشروع جدول الأعمال، مشيرا إلى أنه يبحث عددا من الموضوعات الهامة والحيوية ولعل في مقدمتها التداعيات الصحية والتنموية المباشرة المترتبة على جائحة "كورونا".
وضاف إن دعم الاقتصاد الفلسطيني يظل في مقدمة الأولويات العربية خاصة في ظل استمرار الأزمة المالية التي تمر بها دولة فلسطين نتيجة للحصار الغاشم الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التعسفية التي تستهدف تقويض الاقتصاد الفلسطيني وحرمان هذا الشعب من حقه الأساسي في التنمية.
وتابع: إن جائحة كورونا جاءت لتُضاعف من المعاناة التي يكابدها بالفعل المواطن الفلسطيني، وأضحى تقديم الدعم والمساندة اللازمة للأشقاء الفلسطينيين واجبا علينا جميعا، مشيرا إنه معروض أمام مجلسكم الموقر تقرير مفصل عن وضع الاقتصاد الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجائحة كورونا.
وأوضح الأمين العام، أن أزمة الوباء العالمي تذكرنا مجددا بمركزية العمل الاقتصادي الاجتماعي، وأهمية تعزيز العمل العربي الجماعي من أجل التخفيف من وطأة هذه الأزمة غير المسبوقة من حيث حدتها واتساع آثارها، خاصة على المجتمعات الأكثر هشاشة والتي كانت تعاني بالفعل من أزمات خطيرة وضاغطة، ثم جاء الوباء ليضيف إليها ويضاعف من تأثيراتها، فلقد أدت الأزمة إلى فتح ملفات كثيرة على الصعيد العالمي إذ انكشفت نقاط ضعف خطيرة في تركيبة الاقتصاد الدولي ومنظومة العولمة وأهمية القدرة الطبية والصحية في مواجهة مثل هذه الأزمات.
وقال، إن عددا كبيرا من الدول تسعى بما فيها دول كبرى إلى مراجعة سياساتها وتوجهاتها الاقتصادية بهدف تعزيز أمنها الغذائي والصحي والدوائي في حالة التعرض للأزمات الكبرى والمفاجئة كأزمة الوباء، ولا شك أن المنطقة العربية أحوج ما تكون إلى هذا النوع من التفكير المستقبلي، وإلى استخلاص الدروس والعبر، ومعالجة نقاط الانكشاف والضعف، فمنطقتنا العربية ما زالت تعاني من أكبر فجوة غذائية في العالم ومؤشرات الفقر متعدد الأبعاد في ارتفاع مطرد، وثمة دول عربية، وبسبب انتشار الصراعات، تُعاني من أزماتٍ إنسانية مستفحلة، ولا شك أن هذه الأوضاع تفرض علينا جميعا العمل بصورة حثيثة من أجل تعزيز التنسيق والتكامل بين السياسات العربية في المجالات الغذائية والدوائية، إلى غير ذلك من أوجه التكامل الاقتصادي خاصة في ظرف الأزمة.
وشارك في الاجتماع الافتراضي إلى جانب الوزير العسيلي، سفير دولة فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية دياب اللوح، والمستشار تامر الطيب، والمستشار جمانة الغول من مندوبية فلسطين بالجامعة العربية.