-
اشرف صالح
إذا كانت كلمة حصار غزة والتي نسمعها على وسائل الإعلام ليلاً نهاراً ستخدم القضية الفلسطينية , فأنا ككاتب سأكون أول المروجين والمسوقين لهذه الكلمة , ولكنني أرى أن كلمة حصار والتي من المفترض أن تجلب لنا الدعم والتعاطف من المجتمع الدولي , أصبحت ذريعة لكل من يريد التهرب من مسؤولياته تجاه شعبه , وحتى المجتمع الدولي أصبح بعيداً عنا وخاصة الدول العربية بسبب سوء إستخدام هذه الكلمة , وزد على ذلك أن الحكومة في غزة تستغل وتستخدم كلمة حصار كي لا تكون مطالبة أمام أهل غزة بتحمل مسؤولياتها كحكومة , وفي المقابل الحكومة في الضفة بعيدة عن غزة بسبب الإنقسام , ومواقفها متناقضة تماماً بما يخص غزة , فمرة تقول أنها مسؤولة عن غزة كالضفة تماماً وتخصص موازنة تعود بالفائدة على حكومة غزة قبل أن يستفيد منها الشعب , ومرة تقول أنه يجب أن تتحمل حكومة أمر الواقع في غزة كل شيئ بصفتها حاكمة على أرض الواقع , وتباشر بخطة تقويض تخطئ الهدف ويتضرر منها المواطن وتنتفع منها حكومة الأمر الواقع , وهذا بحد ذاته هو الصراع على الحكم وإدارة البلاد , والذي إنبثقت عنه الكوارث المختبئة تحت كلمة حصار , والذي يحاولون الساسة تجاهلها وعدم إصلاحها تحت ذريعة أن غزة محاصرة , وهروباً من خطيئة الإنقسام..
لكي يكون الكلام عن الحصار بالمنطق والدليل سأعرض بعض التساؤلات , ومن خلال هذه التساؤلات سنعرف إذا كانت غزة محاصرة فعلياً , أم هي مجرد إدعاءات لبعض الساسة بهدف الهروب من مسؤولياتهم تجاه شعبهم والذي من المفترض أن يجدد ثقته بهم كل أربع سنوات عبر صناديق الإقتراع , والتساؤلات هي : كيف غزة محاصرة وهناك وفود من حركة حماس والفصائل تزور العواصم في العالم , بالإضافة الى الوفود التي تدخل عزة ليلاً نهاراً ؟ وكيف غزة محاصرة وهناك مواطنين يخرجون من غزة للعلاج والتعليم والعمل والتجارة ؟ وكيف غزة محاصرة والأسواق تفتح أبوابها وتضج بالبضائع بكل أصنافها ؟ وكيف غزة محاصرة والأموال القطرية تدخل لها من مطار تل أبيب ؟ وكيف غزة محاصرة والمشاريع والمساعدات الدولية تدخل لها من المعابر ؟ كل هذه التساؤلات تجيب بأن تصنيف وضع غزة بعيد كل البعد عن المسمى الحقيقي له , وبعيد كل البعد عن حل المشكلة الحقيقية والتي تتمثل في الإنقسام , فهناك مشاكل كثيرة ومعقدة في غزة ليس للحصار المزعوم علاقة معها , فطالما وأن هناك حكومتين تأخذان على عاتقهما حكم الشعب , وتتلقيان الدعم الخارجي وتجبيان الضرائب , فهما مسؤولتان بشكل مباشر عن توفير فرصة عمل لكل مواطن , وتوفير حياة كريمة لكل مواطن , أما وإن كل مشكلة تواجهنا سنعلقها على شماعة الحصار , فهذا يعني أن ليس هناك حل لأي مشكلة , وليس هناك أي موطن سيستطيع أن يحاسب أي مسؤول , فكلما طلب المواطن شيئ من المسؤول سيقول له المسؤول غزة محاصرة كي يتهرب من طلبه , وهكذا سندخل في دوامة لن تنتهي , وسنستمر بالقول أن غزة محاصرة حتى لو أصبحت غزة مثل سنغافورا..
حصار غزة هو حصار جزئي , وهو مصنف أمنياً بإمتياز , لأن بعض البضائع التي يتحفظ الإحتلال على دخولها الى غزة بسبب إستخدامها المزدوج , هي البضائع التي تستخدم لأغراض عسكرية وما شابه , وتسكير المعابر لفترات قصيرة يعود الى أسباب أمنية مؤقته , وحتى المنع الأمني لبعض المسافرين عن طريق إيرز سواء للعمل أو للعلاج , فهو يتعلق بسبب أمني شخصي وليس حصاراً عاماً , أما الحصار المالي والسياسي فلا وجود له , فكما أسلفنا هناك وفود سياسية خارجة من غزة تتواصل مع العالم , وهناك أموال ومشاريع تدخل الى غزة ليلاً نهاراً , ومن هنا فلا نريد أن يتم إستخدام كلمة حصار في مكانها الغير صحيح , وبدلاً أن تجلب لنا الدعم والمساعدات والتعاطف العربي والدولي , ستتحول الى سنفونية يتغنى بها كل من يريد التهرب من مسؤولياته تجاه شعبه , لأن معاناة أهل غزة الحقيقية هي بسبب البطالة وقله العمل , وبالطبع توفير الوظائف وفرص العمل تقع على عاتق الحكومة وليس على عاتق الإحتلال .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت