ماذا بعد اجتماع الأمناء العامين للفصائل في رام الله وبيروت؟؟!!

بقلم: أحمد أبو حليمة

أحمد أبو حليمة
  • أحمد أبو حليمة
  • عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية فلسطين

في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ شعبنا، والتي تتعرض فيه القضية لمخاطر المؤامرات والتصفية ومحاولات اختزالها  في حلول معيشية، تكمن أهمية إعلان  الرئيس أبو مازن عن عقد اجتماع الأمناء العامين بالتوازي ما بين رام الله وبيروت،  من أجل خروجه بنتائج تكون عند مستوى تطلعات شعبنا، ويتحول للقاء وطني مقرر يصوغ معالجات حقيقية ورؤية عملية لتجاوز هذه المرحلة الصعبة بتحدياتها الكبرى (صفقة القرن بما فيها الضم، الاستيطان والتطبيع ..الخ) ووضع آلية عملية لإنجاز الوحدة الوطنية باعتبارها أولوية وطنية، وأن تشكل النتائج خارطة طريق وإستراتيجية جديدة ننطلق بها بشكل موحد لمواجهة تداعيات صفقة القرن الأميركية بجميع عناوينها .

وفي إطار المداخلات الرئيسة التي قدمت بالاجتماع، نجد إجماعاَ وطنياً على ضرورة طي صفحة أوسلو ومشروعه السياسي والتحرر من قيوده، وقيود بروتوكول باريس الاقتصادي، وبناء جبهة مقاومة وطنية في مواجهة الاحتلال، تقودها قيادة وطنية موحدة على غرار القيادة الوطنية التي تشكلت إبان انتفاضة الحجارة الكبرى، تخوض النضال والمقاومة بكل الأشكال المتوفرة حتى الخلاص الوطني وفي مقدمتها المقاومة الشعبية. وهذا ما تمخض في البيان الختامي الصادر عن هذا الاجتماع الهام.

ورأينا في البيان الختامي الدعوة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية وبناء أساس ثابت للشراكة الوطنية، بما يعزز وحدة شعبنا ووحدة قضيته ووحدة حقوقه، على قاعدة وحدة القضية والأرض والشعب من خلال إجراء الانتخابات الشاملة وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية الممثل والشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وتحويل هيئاتها لهيئات وطنية جامعة تجمع الكل الفلسطيني.

 قرارات واضحة وخطوات هادفة

نجم عن هذا اللقاء القيادي الهام والتي ظهرت مخرجاته في البيان الختامي،  قرارات واضحة وإجراءات ملموسة وعدد من الخطوات والبنود الهادفة لتعزيز البيت الداخلي الفلسطيني، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وأهمها تشكيل لجنة تقدم رؤية إستراتيجية خلال 5 أسابيع لتحقيق إنهاء الانقسام، إلى جانب تشكيل لجنة وطنية لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، لينطلق الفعل الفلسطيني على قلب رجلٍ واحد تحت مظلة م. ت. ف، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، بمبادرة شجاعة ومسؤولية وطنية عالية، للشروع في جهدٍ وطني مبارك يستجيب للرغبة الوطنية الصادقة، وينسجم مع أهدافنا ومبادئ ومنطلقات تحتم علينا الترجمة الحقيقية لإنهاء الانقسام، وإنجاز الوحدة الوطنية، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية.

وأيضا أهم ما قرر الحوار القيادي  الاتفاق على قواعد الاشتباك مع الاحتلال والتوافق على وسائل مواجهته، والتأكيد على أهمية المقاومة بكافة أشكالها للخلاص من الاحتلال وتفعيل المقاومة الشعبية في أماكن الاشتباك مع الاحتلال والمستوطنين كخيار استراتيجي للمرحلة الحالية، والتوافق على العيش بنظام سياسي واحد وسلطة واحدة وقانون واحد، وإعادة إحياء اللجان والفعاليات التي جرى الحديث عنها والجميع وافق عليها لمواجهة عدد من القضايا الوطنية كلجنة فك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي ووقف التنسيق الأمني ..الخ.

دورة استثنائية للمجلس المركزي

مقترح الرئيس محمود عباس بالدعوة العاجلة لانعقاد دورة استثنائية للمجلس المركزي لاقى ترحيباً من كافة الفصائل، ما يتطلب استثماره بعقد دورة للمجلس المركزي لإعادة صياغة كاملة لأوضاع اللجنة التنفيذية حتى تتحول لهيئة قيادية جامعة يتمثل فيها الكل الفلسطيني، وتطوير تطبيقات القرار القيادي الفلسطيني في 19/5/2020 بالتحلل من الاتفاقات والمعاهدات مع دولة الاحتلال والولايات المتحدة والإعلان عن تعليق الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن تعترف هي بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس، ووقف الاستيطان ومخطط الضم، وضمان حق اللاجئين في العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.

حيث أن مثل هذه الخطوة تشكل تطبيقاً لقرارات المجلسين الوطني (2018) والمركزي (2015+2018) ومن شأنها أن تعزز وحدة الموقف الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ومشاريع الاستيطان والضم، الذي لم يتوقف بل وكما تؤكد الوقائع، يتقدم بخطوات كبرى على طريق ابتلاع الأرض الفلسطينية، وضمها إلى الاحتلال، في عمل يومي في تطبيق خطة شاملة لا يتوقف رئيس الحكومة الإسرائيلية عن تأكيد التمسك بها.

ويعتبر تعليق  الاعتراف بدولة الاحتلال من شأنه أن يغلق الطريق أمام الآخرين في إنفلاتهم نحو الإنفتاح على دولة الاحتلال، متذرعين بالاعتراف الفلسطيني بإسرائيل تحت شعار بائس: «لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين» لا يترجمونه إلا بما يخدم سياسة التخلي عن واجباتهم القومية والوطنية نحو القضية الوطنية لشعبنا وحقوقه المشروعة في الخلاص من الإحتلال، وقيام دولته المستقلة على كامل الأراضي المحتلة بعدوان حزيران 67 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.

رؤية واقعية لتجاوز أزمات المرحلة

تميز طرح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من خلال مداخلة  نائب أمينها العام الرفيق المناضل فهد سليمان بتقديم رؤية وطنية واقعية وعملية بالإمكان العمل عليها لتجاوز الأزمات المركبة للمرحلة الحالية، ولاقت تفاعلاً كبيراً باعتبارها مداخلة هادفة، مباشرة، تتضمن حلول جذرية للصراع، وللمشكلات والتحديات الكبرى التي تعترض طريقنا، حيث أكد على كل أشكال المقاومة ضد الاحتلال ودعا لحل سلطة الأمر الواقع في غزة وتجاوز حالة الانقسام وفيما يلي المداخلة كاملة:

استهل نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الرفيق فهد سليمان، كلمة الجبهة في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بنقل تحيات خاصة من الرفيق الأمين العام للجبهة نايف حواتمة للأخ الرئيس محمود عباس. وأوضح أن الحركة الوطنية تواجه تصعيداً من خلال «صفقة ترامب- نتنياهو» ومخطط الضم والتطبيع العربي مع إسرائيل. مبيناً وجود مخطط لإقامة تحالفات سياسية وأمنية واقتصادية من خلال التطبيع لتأخذ المنطقة لمحاصرة شعوبها واستغلالها والتحكم بها والقضاء على الحركات الوطنية والتقدمية والحداثية، والقضاء مشروع الدولة الوطنية في المنطقة العربية .

وفيما يتعلق بمشكلة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني قال أن ما جربناه منذ عام 2010 وحتى عام 2019 لإنجاز الوحدة لم ينجح، والقضية الرئيسية التي تواجه شعبنا الفلسطيني تتمثل في التحدي المطروح علينا جميعاً لتجاوز حالة  الانقسام، والرد على ذلك باستعادة الوحدة الداخلية. مشيراً إلى وجود خمس محاولات لإجراء انتخابات شاملة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني ولم تنجح هذه المحاولات، وهذا ليس لأننا لا نملك الإرادة، بل لأن هناك معادلة تريد منعنا من الإقدام على هذه الخطوة المتطورة الديمقراطية التي تساعد على بناء الحركة الوطنية على أسس صلبة وأضاف: «علينا البحث عن آلية أخرى تقربنا من الانتخابات ولا تبعدنا عنها، وهذه الآلية ليست بحاجة لاختراعها أو اجتراحها، كونها تمثل أحد التقاليد الراسخة بالعلاقات الوطنية الفلسطينية والعمل الوطني، ويتمثل بالتوافق الوطني وتشكيل الهيئات والقيادات وحل المشكلات والتغلب على الصعوبات». مؤكداً تأييده لاقتراح تشكيل قيادة وطنية موحدة تدير العمل الوطني النضالي لمواجهة الاحتلال والاستعمار والاستيطان بموجب برنامج وطني يتواءم مع المعطيات المتوفرة في كل ساحة من ساحات تواجد الشعب الفلسطيني، خاصة في بلدان الشتات وفي أوساط اللاجئين ضمن حركة اللاجئين.

وفيما يتعلق بدعوة الرئيس لانعقاد المجلس المركزي أكد على ضرورة استغلال مقترح الرئيس عباس بالدعوة العاجلة لانعقاد دورة استثنائية للمجلس المركزي لكي نستخدمها من أجل إعادة صياغة كاملة لأوضاع اللجنة التنفيذية حتى تتحول لهيئة قيادية جامعة يتمثل فيها الكل الفلسطيني وقال سليمان: «يجب أن تُحل ما تسمى سلطة الأمر الواقع بغزة من خلال تطبيق اتفاق نوفمبر 2017 لتمكين الحكومة لممارسة مهماتها شرط أن تأخذ هذه الحكومة طابع ومضمون حكومة الوحدة الوطنية». مضيفاً: «عندما تتوحد المؤسسات الوطنية من خلال التمثيل الشامل لكل القوى الوطنية، حينها نكن جاهزين لرفع التحديات التي تعترض المسار الوطني، إن كان في مواجهة الضم والاحتلال والتطبيع».

وفي ختام حديثه الهام، أكد  أن المقاومة في مركز الاهتمام، ونقصد هنا المقاومة بكل أشكالها وفي مقدمتها المقاومة الشعبية والتي لا نرى ما حصل في الضفة حتى الآن هو شكل من أشكال المقاومة الشعبية، لأن المهرجانات لا تساوي المقاومة الشعبية، بل المقاومة الشعبية تعني التحضير للاشتباك مع الاحتلال والاستيطان والعصيان الوطني، وليس عقد بعض المهرجانات يحضرها بضع مئات، ولا تؤدي إلى نتيجة بل تبقى محدودة الفعل والتأثير

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت