عار التطبيع والمطبعين

بقلم: محمد سيف الدولة

محمد سيف الدولة
  • محمد سيف الدولة

توفى يوسف والى أشهر وزير زراعة فى عصر مبارك والامين العام للحزب الوطنى أمس السبت الموافق 5 سبتمبر 2020، عن عمر يناهز 89 عاماً.

ورغم انه قد غادر منصبه فى السلطة منذ سنوات طويلة، ورغم ان للوفاة حرمتها وأن تقديم العزاء للاهل وللاسرة تقليد واجب مع كل من انتقل الى رحمة الله. الا ان وسائل التواصل الاجتماعى قد انفجرت أمس بسيول من التعليقات الغاضبة والحانقة والكارهة للوزير الراحل بسبب ما اشيع عنه من علاقاته الوثيقة مع (اسرائيل) وتطبيعه معها وتمكينها من اختراق الزراعة المصرية وتلويثها بالمبيدات المسرطنة.

وذهبت سدى كل محاولات الشيوخ والحكماء لتهدئة الشباب والرأى العام، ومحاولة دفعهم الى الترفق فى استخدام الالفاظ والعبارات التى وصفوا ووصموا بها الوزير التطبيعى الراحل.

***

نفس ردود الفعل تتكرر كل مرة حين يرحل عن دنيانا أحد رموز التطبيع، فلقد حدثت مع الكاتب المسرحى "على سالم" مؤلف مسرحية "مدرسة المشاغبين" الشهيرة، الذى قام بزيارة دولة الاحتلال واصدر كتابه الشهير "رحلتى الى اسرائيل".

وحدثت مع احد رجال مبارك المقريبن، رجل الاعمال "حسين سالم" بطل صفقة تصدير الغاز لاسرائيل بابخس الأثمان. وايضا مع الكاتب والسياسى المحنك واليسارى القديم "لطفى الخولى" الذى قاد ونظم لقاءات كوبنهاجن التطبيعية فى التسعينات، والقائمة تطول.

***

والحكاية لا تتوقف عند هجاء المطبعين الراحلين عند وفاتهم قبل أن تبرد أجسادهم، وانما تستمر الى ما لانهاية، فيتم تسجيل اسمائهم فى قوائم العار او القوائم السوداء المحفورة فى ضمائر الشعوب وتاريخ الأمم. فكلما ذُكِرَت اسماءهم او جاءت سيرة أى منهم فى اى مناسبة، أثارت على الفور تعليقات ومشاعر سيئة وسلبية لدى الحضور، بدون أن يقبل أحد او يسمح بالاشارة او الاشادة باى من مواقف او اعمال طيبة أخرى قد صدرت عنهم فى اى قضايا او ملفات أخرى. فالتطبيع يَجُبُ ما قبله وما بعده، يلغيه تماما فلا يلتفت اليه مهما بلغ من قيمة، لسبب بسيط لأن التطبيع خيانة.

سبب كتابة هذه السطور، هو الرغبة الصادقة فى تحذير كل المطبعين الذين يعيشون بيننا اليوم، سواء فى مصر او فى العالم العربى من المصير الذى ينتظرهم وأبناءهم وأحفادهم، ومن الوصمة التى ستقترن باسماء عائلاتهم الى يوم الدين من تحقير وتجريس تتوارثه الاجيال. فما زال اسم "بطرس باشا غالى" عالقا فى الأذهان ومقترناً حتى اليوم فى ذاكرة المصريين بجريمة التواطؤ مع الاحتلال البريطانى فى مذبحة "دنشواى"، رغم مرور ما يزيد عن قرن من الزمان. وتاريخنا حافل بقوائم العار، مثلما هو عامر والحمد لله بقوائم النبل والشرف والوطنية.

فثوبوا دام عزكم الى رشدكم، أثابكم الله.

[email protected]

*****

6 سبتمبر 2020

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت