مخيمات لبنان تفقد إرثها الوطني ويخسرها عباس والمنظمة

بقلم: طلال الشريف

د. طلال الشريف
  •  د. طلال الشريف

 كانت خطة حماس والإخوان الإحلالية مكان منظمة التحرير قد تأخرت بسبب الضربة القاضية التي تلقاها الاخوان المسلمين في ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بجماعة الإخوان.
خطة الإحلال بعد إنقلاب غزة كانت هي لبنان لبسط النفوذ الحمساوي على مخيمات لبنان وكل المخيمات في الدول المحيطة، وليس الضفة الغربية بعد غزة، فالضفة كانت مؤجلة بسبب واحد فقط هو تجنب الصدام مع الإحتلال الإسرائيلي إنتظارا لتغيرات سياسية في واقع سلطة فتح هناك، ومراهنة على الزمن لحلفاء الإخوان قطر وتركيا بعد غياب براك أوباما وهيلاري كلينتون عن الحكم في الولايات المتحدة، وتشتت جماعة الإخوان في بعض الدول مثل تركيا ولندن وقطر لحسن إستقرار أوضاعهم وإلتقاط الأنفاس من جديد، وعلى ما يبدو إمتد النفوذ الإسلامي وتصاعدت قوته في لبنان بدعم الثنائي تركيا وإيران وإستقرار حال قيادات الإخوان في الخارج.
 الخطة الحمساوية هي إحلال وتعبئة فراغات ومحطات ضعفت وتراجعت فيها أو عنها فتح ومنظمة التحرير، أي بطريقة ما نراه في الشهور الماضية من جولات قيادات حماس في الخارج لسحب بساط التمثيل الفلسطيني والاحلال مكان منظمة التحرير في المخيمات الفلسطينية، وهو برنامج يتقدم بخطوات أينما توفرت الإزاحة والإحلال.
الآن وبعد ضعف السلطة ومنظمة التحرير أعادت حماس والإخوان تنفيذ مشروع الإحلال يساعدها تخبط سياسات الرسمية الفلسطينية برئاسة عباس، وإدارته الفاشلة في الداخل، والخارج، وعدم الحفاظ حتى على الإرث والشعبية والتأييد الوطني لمنظمة التحرير، يضاف لذلك أيضا فشل باقي مكونات المنظمة من فصائل اليسار والبعث الفلسطينية المتواجدة في لبنان ومخيماته أمام زحف حماس والجهاد والجماعات الإسلامية الأخرى للمخيمات، والتنسيق للدائم بينها وحزب الله القوة العسكرية الأقوى في لبنان، والتي حاول دحلان والتيار الإصلاحي ومبكرا الحفاظ على هذا الإرث والذي لم تدركه قيادة فتح في رام الله في حينه، واعتبرت وجود التيار الإصلاحي سحبا من رصيدها وحاولت منع ذلك ونسيت الجماعات الإسلامية وحماس، وهذا زاد من نفوذ تلك الجماعات داخل المخيمات في لبنان، إذا ما أخذنا في الحسبان نفوذ ايران وتركيا الذي تصاعد بحجج عدة للتدخل في الشأن اللبناني، وكان ظرفا دافعا اخرا بعد ضعف الموقف السوري في التصدي لتدخلات تركيا في لبنان مثلا والذي جاء متأخرا بحجة حماية اللبنانيين من أصول تركيا في لبنان، ولكنه دعما لحماس وجماعة الإخوان للإستيلاء على المخيمات الفلسطينية، ، وكل هذه العوامل مهدت الأرضية للإستيلاء على المخيمات، وبناء قواعد مجتمعية في المخيمات بديلا للطابع الفتحاوي والوطني التاريخي، وعلى صعيد غياب فتح في لبنان وتراجع دورها يمكن نسب ذلك، أولا تراجع وضعف وجودها في مخيمات لبنان، وثانيا إهمال سكان المخيمات وشؤونهم ودعمهم في أحوالهم الصعبة، وثالثا الإنشغال في قضايا الضفة الغربية والإنقسام، ومحاولة تمكين حكم عباس وسيطرته على الوضع خوفا من فلتان يطيح بسلطة فتح هناك، وهذه كانت المهمة الوحيدة لوزارة شتية، وكتبنا في حينها عن ذلك، ورابعا تراجع دور م.ت.ف بسبب فشل عملية السلام واستمرار أزمة النظام السياسي الفلسطيني المستمرة، وضربات ترامب وصفقته، باتت فتح والسلطة في رام الله مشتتة لا تعرف من أين تمسك الحالة بمجملها.
 لذلك الآن التيارات الإسلامية وعلى رأسها حماس تستغل كل ذلك لبسط نفوذها على المخيماتفي لبنان، قد تسيدت الحالة العسكرية والسياسية في هناك ولها حلفاء من السنة والشيعة، ولولا قوة الدولة الأردنية لكانت الخطوة التالية لمخيمات لبنان هي مخيمات الأردن، في سياق مخطط الاحلال الإخواني الحمساوي مكان منظمة التحرير، وكان أيضا المنتبه الوحيد في ذلك من كل فتح هو محمد دحلان.
 الآن وفي خضم المصالحات الصورية بين عباس وحماس واجتماعات الأمناء العامين التي كانت دعوته معنونة بالتصدي للإمارات، وبتمويل وإدارة قطرية، لم، ولا يستطيع عباس منعها لخسارته مصر والامارات والسعودية، وخضوعه للإملاءات القطرية التي تستغل سكوت عباس لتقوية نفوذ حماس، وتدعم إحلالها في مخيمات اللاجئين في الدول العربية لتأتي لحظة الإحلال التي ستحل فيها حماس مكان فتح لقيادة الفلسطينيين، وإدارة حكمهم في دولة ترامب أو فيما يتمكنوا من ذلك، وحسب الخطة القطرية والتي ليست بعيدة عن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، وستجد حيزا للتنفيذ إذا ما نجح بايدن في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم، بايدن الديمقراطي الذي سيواصل برنامج أوباما بتمكين جماعة الإخوان من الحكم في الدول العربية والتي ستكون بداياتها وأول خطوات بايدن في فلسطين.
 كل حيثيات ما يدور في المنطقة العربية من تطبيع وتمتين التحالفات كلها في سياق التمركز في المواقع بقوة، ومراكمة كل دولة، وكل حزب في فلسطين خاصة، لعناصر قوته وتحالفاته الخارجية إستعدادا لحال تغيرات متوقعة في رئاسة الولايات المتحدة، ومن هنا كانت خطوة الإمارات في العلاقة الجديدة مع إسرائيل، فالإمارات معرضة لخطرين الخطر الإيراني التاريخي، وخطر تركيا، في مد نفوذهما على الوطن العربي، واستعانتهما بقطر والاخوان المسلمين طمعا في ثروة الامارات والسعودية، ويتوقعون فوز بايدن لمساندتهم في ذلك.
كل ما يدور في الشرق الأوسط عامة، والوطن العربي خاصة، هو صراع على الحكم والثروة.. ولا مكان لفلسطين في خارطة الجميع الفلسطيني، وغير، الفلسطيني، فنحن ليس في عصر التحرير، بل نحن في عصر التمكين في الحكم والإستيلاء على الثروة، والجميع يدعي بأنه يفعل ذلك من أجل تحرير فلسطين .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت