تتصاعد الضغوط الاقتصادية بشكل حاد في قطاع غزة بفعل إجراءات حظر التجوال العام في أغلب مناطقه في إطار التدابير الاحترازية لمكافحة انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
وفرضت السلطات الحكومية التي تديرها حركة "حماس" منذ نحو أسبوعين قيودا مشددة على الحركة في قطاع غزة عقب تسجيل أول إصابات محلية بكورونا.
ورغم الإعلان عن إجراءات لتخفيف جزئي للإغلاق خلال اليومين الماضيين في بعض المناطق في قطاع غزة، فإن إغلاقا شاملا لا يزال ساريا على الأسواق العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة.
ومنذ ذلك الوقت تغلق مئات المحال التجارية أبوابها في شارع عمر المختار التجاري الرئيسي وسط مدينة غزة، ما أحال آلاف عمال المياومة إلى جيش العاطلين عن العمل.
فضلا عن ذلك تسبب حظر التجوال العام بانهيار قطاعات اقتصادية مختلفة، أبرزها المصانع التي يعمل فيها عشرات آلاف العمال، والذين يعتمدون بشكل أساسي على مصدر دخل يومي لتلبية احتياجات عوائلهم.
وصرح رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في غزة سامي العمصي، بأن نحو 160 ألف عامل في قطاع غزة تضرروا بفعل الإغلاق المفروض بسبب أزمة مرض كورونا، فيما تتجاوز الخسائر مبلغ 27 مليون دولار.
وقال العمصي في تصريح صحفي مكتوب وزع على الصحفيين، إن الطاقة الإنتاجية للمصانع في غزة انخفضت بشكل كبير، بحيث يعمل حاليا 100 مصنع فقط من أصل ألفي مصنع كانت تشغل 21 ألف عامل تعطل معظمهم عن العمل.
وأوضح أن المصانع العاملة حاليا تختص بمجال الخياطة لصناعة الملابس الطبية والكمامات واللباس الواقي والأغذية والألبان بقدرة إنتاجية محدودة، ويعمل بها مئات العمال فقط.
وأشار العمصي إلى تعطل قرابة 20 ألف سائق يعملون على تحميل الركاب بفعل الإغلاق العام، ونحو 3 آلاف عامل في الغزل والنسيج، وقرابة 30 ألف مزارع، و600 عامل يعملون في المحال التجارية، وآلاف الباعة المتجولين.
وقدر اتحاد نقابات العمال في غزة ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة في صفوف العمال إلى أكثر من 75 في المائة، حيث بلغت أعداد المتعطلين عن العمل نحو 250 ألف عامل.
ويبدو الوضع مماثلا للعاملين في أكثر من 500 منشأة سياحية في قطاع غزة ما بين فنادق ومطاعم واستراحات وصالات أفراح أغلقت جميعها أبوابها بفعل الإغلاق العام.
وقال رئيس الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق والخدمات السياحية في غزة صلاح أبو حصيرة، إن ما يزيد على سبعة آلاف عامل في هذه المنشآت السياحية في القطاع فقدوا أعمالهم بفعل أزمة مرض كورونا.
وذكر أبو حصيرة للصحفيين في غزة، أن القطاع السياحي يعتبر من أكبر القطاعات الاقتصادية أهمية في غزة رغم التحديات والظروف التي يعيشها القطاع، لكنها لم تتلق أي مساعدة من المؤسسات المحلية أو الدولية، ما يعرضها لخطر الانهيار الشامل.
وقبل يومين أعلنت سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي) إغلاق فروع المصارف في قطاع غزة حتى إشعار آخر بسبب أزمة انتشار مرض كورونا محليا.
يأتي ذلك فيما تبدأ اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة اليوم الثلاثاء صرف مساعدات نقدية لنحو 170 ألف عائلة فقيرة ومتضررة من أزمة مرض كورونا والإغلاق الناتج عنها.
وأعلنت وزارة التنمية الاجتماعية في غزة أن عملية صرف المساعدات القطرية ستتم عبر 200 نقطة صرف من خلال مكاتب البريد ضمن تدابير احترازية للوقاية من كورونا.
من جهته أكد رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة جمال الخضري، على الحاجة إلى تكثيف التحركات العربية والدولية لمضاعفة إغاثة سكان القطاع من "الواقع المأساوي" الذي سببه الحصار الإسرائيلي وأزمة مرض كورونا.
وقال الخضري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن قطاع غزة بحاجة فورية لمضاعفة الإغاثة العاجلة للاحتياجات الإنسانية والاقتصادية، والضغط على إسرائيل لرفع الحصار المفروض منذ 13 عاما.
وحذر من تضاعف غير مسبوق للأزمة الإنسانية في صفوف سكان غزة "الذي يعيشون أصلا في ظل حياة صعبة، بحيث أن 80 في المائة يعيشون تحت خط الفقر، و60 في المائة معدل البطالة، إلى جانب أن معدل دخل الفرد اليومي لا يتجاوز دولارين أمريكيين".
وسجل قطاع غزة 9 حالات وفاة و1269 إصابة بمرض فيروس كورونا منذ مارس الماضي، علما أن القطاع يقطنه زهاء مليوني نسمة ويعد من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان، ما يزيد من مخاطر انتشار واسع للمرض.