إحنا آسفين يا صلاح.. الإمارات

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

إحنا أسفين يا صلاح , هي جملة إشتهرت على لسان الشباب الفلسطينيين عندما يسخرون من شيئ ما  أو يلمحون الى شيئ ما ,  وقد حفظوا هذه الجملة الشهيرة كونهم متابعين ومحبين للسينما المصرية , فهذه الجملة قالها أحد أبطال فيلم "كلمني شكراً" خلال معركة كوميدية دارت بين أهالي الأحياء الشعبية في القاهرة , حيث كان صلاح رئيس عصابة مسلحة في إحدى الأحياء , وكانوا أهل الحي المقابل له يحملون الهروات والسكاكين والجنازير , وعندما حاصروا بيت صلاح من أجل إطلاق صراح بنت قد إختطفها صلاح من حيهم , وكانوا كثيرو العدد , خرج صلاح وعصابته وأطلقوا النار الكثيف في الهواء من أسلحتهم النارية , حينها أدركوا أهل الحي الآخر أن المعركة غير متكافئة بينهم , وإضطر بطل الفيلم أن يعتذر لصلاح بالنيابة عن أهل الحي جميعاً , وقال جملته الشهيرة بطريقة كوميدية وجميلة , إحنا آسفين يا صلاح .

لأن السينما تعبر عن واقع الحياة , تكرر مشهد الفيلم السينمائي الكوميدي  في مشهد سياسي تراجيدي , عندما خرج الفلسطينيين قيادتاً وشعباً في مظاهرات ضد الإمارات على خلفية إتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل , وقاموا بحرق العلم الإماراتي وصور الشيخ محمد بن زايد , وبعد هذا المشهد التراجيدي الغاضب ,  إعتذر بعض الساسة الفلسطينيين للإمارات مدركين خطورة الغضب وأهمية الدبلماسية في هذا الوقت بالذات , فالساسة يعلمون جيداً خطورة أن نخسر كفلسطينيين دولة كالإمارات , وخاصة أن سلامها مع إسرائيل أصبح مباركاً من مجلس التعاون الخليجي وغالب الدول العربية , فبالأمس طالب مجلس التعاون الخليجي وبالنيابة عن الإمارات القيادة الفلسطينية بالإعتذار الرسمي عن ما صدر من بعض قادة الفصائل في خطابهم خلال إجتماع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية , وبالفعل إعتذرت القيادة الفلسطينية على لسان  نبيل أبو ردينه , وهذا الإعتذار ليس من باب القوة والضعف كما حدث في الفيلم المصري , بل من باب المصلحة العامة والروابط الإضطرارية التي تربط القضية الفلسطينية بالأنظمة العربية..

هناك حالة تناقض واضحة في المواقف السياسية الفلسطينية تجاه الدول العربية , فالشجب والإستنكار الفلسطيني لسلوك الدول العربية متزامن مع الثناء والشكر في آن واحد , وهذا التناقض يعود لسبب أن الشعب الفلسطيني يعيش بين نار التخاذل العربي ككل , وحقيقة أن القضية الفلسطينية جزء أصيل من النظام العربي , بمعنى أن الدولة الفلسطينية المستقبلية لم ولن تقوم إلا بالحاضنة العربية   ,  فالصراع في المستقبل سيكون صراع فلسطيني عربي إذا لم يتوقف الفلسطينيين عن إدانه الدول العربية بسبب التطبيع مع إسرائيل , لأن الأيام القادمة شتشهد تطبيعاً عربياً شاملاً مع إسرائيل , وربما يكون هذا التطبيع من مصلحة الفلسطينيين من وجهة نظر الدول العربية كما وصفت دولة الإمارات بأن تطبيعها سيخدم القضية الفلسطينية , ووقف عملية ضم الضفة والأغوار كان بداية هذه الخدمة , ومن هنا فإذا قرر الفلسطينيين الإستمرار في حرق أعلام وصور رئساء الدول العربية , حينها  ستنحاز الدول العربية مع إسرائيل , وخاصة أننا في زمن إنتهت فيه جملة الصراع العربي الإسرائيلي , وأصبح الصراع فلسطيني إسرائيلي فقط .

في النهاية يجب أن يسلم الشعب الفلسطيني بأن القضية الفلسطينية ليست هي القضية المحورية بالنسبة للعرب , وخاصة بعد الثورات العربية , والتسليم هنا لا يعني أن نجلس ونضع أيدينا على خدنا ونبكي , بل يعني أن نبدأ مرحلة جديدة وإسلوب جديد في النضال , ونوحد صفوفنا كي نستطيع أن نخاطب العالم بلهجة صاحب الحق , والشطارة هنا أن نستغل العلاقة المستقبلية بين العرب وإسرائيل لصالحنا بدلاً من المعاداة , فمثلاً اليوم الإمارات دولة قوية سياسياً وإقتصادياً وتستطيع أن تؤثر على إسرائيل من خلال السلام  لصالح القضية الفلسطينية , ولذلك يجب علينا كفلسطينيين التقارب من العرب وليس معاداتهم , وذلك على قاعدة أن السياسة الناجحة هي التي تتعامل مع الأمر الواقع وتترك النظريات جانباً .

كاتب صحفي

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت