- فتح وهبه
عقدت قبل أيام قليلة الفصائل الفلسطينيه إجتماعاً لها في العاصمة اللبنانية بيروت وبالتّوازي مع إجتماع آخر في مقر السلطة الفلسطينية في رام الله، وكان الإجتماعات برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، ولقد ناقش المجتمعون على جدول أعمالهم سبل تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينيه، وأكدوا على ضرورة البدء بالمُصالحة الفلسطينية من أجل إنهاء الإنقسام وإطلاق يد المقاومة الشعبية، كما أكدوا على رفضهم لأي مساس بالقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية ورفضهم المطلق أيضاً لجميع المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية بما فيها صفقة القرن وأكدوا أيضاً على تمسكهم بمبادرة السلام العربية لإسقاط التطبيع المجاني وعلى التمسك بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية، مما يعني الإعتراف الفعلي بدولة الاحتلال والإقرار بأن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 هي حق للعدو، وهذا شئ خطير جداً، فيه إعتراف بشرعية الإحتلال وتنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، وهو بمثابة طعنة لهم في الصدر وفي الظهر وهو بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية التي يدَّعون حرصهم الشديد عليها، هذا إلا إذا كانوا لا يعترفون أصلاً بأن قضية اللاجئين من صُلب القضية الفلسطينية وإن لم أكن مخطئ جوهرها !.
الإستخلاص والتعقيب على هذا الإجتماع :
أولاً: إن هذا الإجتماع يحمل في طيّاتهِ رسائل عدة للمجتمع الدولي وبالأخص للحكومة الإسرائيلية فرئيس السلطة الفلسطينية يريد أن يستخدم هذا الإجتماع كورقة ضغط لا أكثر من أجل الخروج من العُزلة التامّة التي يعاني منها اليوم والعودة إلى طاولة المفاوضات وتحسين شروطه التفاوضية
تانياً: إن كل المحاولات السابقة التي إستبشر بها شعبنا خيراً لإنهاء الإنقسام الفلسطيني كان مصيرها الفشل والعودة الى نقطة الصفر نتيجة غياب النوايا الصادقة والإرادة الصلبة وإستقلال القرار والتدخلات الخارجية فما الذي تغيَّر عن أمس حتى نتفائل خيراً؟!.
ثالثاً: اذا كان الحاضرون جادون في مواقفهم فعليهم فوراً تجميد كل الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية التي تُطبَّق من طرف واحد، لأن المستفيد الوحيد منها هم فقط الإسرائيليين.
رابعاً: كيف للمقاومة الشعبية التي طرحها المجتمعون كأحد الخيارات المتاحة للمرحلة القادمة أن تنجح في ظل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال ؟!
خامساً: لن يكون هناك حل للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي ما لم يكن هُناك حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس تطبيق قرار 194 لأن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي بوابة السلام.
سادساً: هذا الإجتماع خيَّب آمال اللاجئين الفلسطينيين وعلى أثرهِ ستزداد الأصوات المطالبة بالهجرة وستعلو أيضاً أصوات كثيرة من داخل المجتمع الفلسطيني تُطالب المسؤولين الفلسطينيين بالكف عن التلاعُب والمتاجرة بمصيرهم وحتى التحدث باسمهم لأن هذا الإجتماع أسقط تمثيلهم لهم.
سابعاً: كان من المفترض أن يُبدي المجتمعون إهتماماً وحرصاً تحاه ألاوضاع المعيشية والإجتماعية والصحية والإنسانية الكارثية التي يعاني منها اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ويقدموا لهم مساعدة مالية عاجلة لدعم صمودهم وخاصة في ظل تداعيات وباء كورونا والأزمة الإقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان والتي إنعكست بشكل سلبي ومباشر عليهم وحوَّلت حياتهم إلى جحيم وفي ظل أيضاً تقاعُس وكالة الاونروا عن تحمُّل مسؤولياتها تجاههم إلا أنهم لم يُبدوا ولم يُقدِّموا.
ثامناًً: إن الفصائل ألتي يريد الرئيس أبو مازن التلويح والاستعانة بها اليوم هي فصائل غالبيتها هشَّه لا تمتلك لقاعدة جماهريه وتوقفت عن العمل المقاوم وهي مُجرد أسماء لا ثِقَل لها ولا تأثير، وإن كان يريد المُراهنة عليها فهي مُراهنة خاسرة وخاصة في ظل غياب أي دعم عربي.
تاسعاً: إن تبني المجتمعون لخيار المقاومة الشعبية قرار مرتبك يدل على العجز والإفلاس وعلى إطالة عمر الإحتلال، فالثورة الفيتنامية لم تنتصر بالمقاومة الشعبية وكذلك الثورة الجزائرية والأمثلة كثيرة حول ذلك، وبدأ من يومنا هذا حتى يتم تبنى مقولة "ما أخد بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" سيكون بإنتظار اللاجئين الفلسطينيين وخاصة في لبنان مزيد من الإنتظار والمعاناة والقهر والجوع والحرمان وسيكون بإنتظار القضية الفلسطينية مزيد من التهميش والتضييق والركود.
وختاما اقول : "جميل ان تتصارح وتتصالح الفصائل الفلسطينيه فيما بينها، لكن الأجمل إن تصارحت وتصالحت مع شعبها".
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت