- كتب /د. وجيه ابو ظريفة
نتائج اجتماع جامعة الدول العربية علي مستوى وزراء الخارجية امس ربما كانت مفاجئة للبعض رغم انها لم تكن صادمة لاحد فاسقاط مشروع القرار الفلسطيني المخفف ضد التطبيع اظهر ان الدول الاعضاء لا تدافع عن الامارات ولكن تدافع عن التطبيع بحد ذاته تمهيدا لالتحاقها بمسيرة مستمرة علي طريق التطبيع وربما حتى التحالف مع اسرائيل وخشيت هذه الدول ان مر مشروع القرار الفلسطيني ان تجد نفسها تعيق مسارها المرسوم لها في واشنطن نحو انفتاح جديد في العلاقة مع اسرائيل
لم يخسر الفلسطينيين خساره جديدة اليوم بل فقط تم في هذا الاجتماع الاعلان عن هذه الخسارة التى كانت على مدار سنوات طويلة تتطور لتصل الى حالة الانهيار الكلى لمنظومة العلاقات العربية الداعمة لحق الشعب الفلسطيني دعما فعليا وليس مجرد خطاب سياسي لذر للرماد في العيون
صحيح ان وصول القادة الجدد الي سده الحكم ورغبتهم في المحافظة على بقائهم فيها جعلهم يفكرون في حماية الذات وهذا لن ياتي الا ضمن انتظامهم في تحالف يحميهم كانت امريكا راس هذا التحالف لفترة طويلة ولكنها رغبت في ان تكون اسرائيل هي زعيم هذا التحالف بالوكالة عنها وبالتالى لم يجد هؤلاء الزعماء خيارا الا ان يخضعوا لقياده اسرائيل لتحالف يحميهم سواء من العدو الموهوم ايران او العدو الفعلي لهم وهي شعوبهم المقهورة بعدوانهم عليها وعلى حقوقها وبالتالى استطاعت الولايات المتحدة ان تدفع هؤلاء القادة الى احضان اسرائيل وتضعهم في مواجهة مع من تحدى الامريكان والاسرائليين وهم الشعب الفلسطيني وقيادته
ان المشكلة اليوم ليس في افشال مشروع القرار فقط بل في ما تريد هذه الدول اسقاطه بعد اسقاط هذا القرار وهذا يعيدنا بالذكرة الى القمة العربية في بيروت في العام ٢٠٠٢ عندما رفضت نفس هذه الدول السماح للرئيس ياسر عرفات المحاصر حتى بالقاء كلمه مباشرة في القمة وكانت هذه القمة هي بداية حقيقية لمسار التخلص من ياسر عرفات ومن نهج المقاومة الذي اندفع اليه في انتفاضة الاقصى ورفضه للخضوع للابتزاز الامريكي والاسرائيلي
يبدو ان التاريخ سيعيد نفسه الان واصبح العرب جزء من معركة الولايات المتحدة واسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والقياده الفلسطينية التى قالت لا كبيره لخطة ترامب نتنياهو المسماه بصفقة القرن واعلنت عن قطع علاقتها بالادارة الامريكية في خطوه ربما لم تقدم عليها دولة في العصر الحديث الا نادرا بل ذهبت اكثر من ذلك واعلنت عن تحللها من الاتفاقات الموقعة وقطع العلاقة مع اسرائيل ورفض اي تنسيق معها حتى وان كان لذلك اثمان سياسية واقتصادية وامنية
ان هذا التحدي الفلسطيني الذي توج اخيرا باجتماع الامناء العامون للفصائل الفلسطينية بمشاركة حماس والجهاد والذي تري فيها بعض الدول العربية جزء من معادلة الاعداء لها جعل من هذه الدول تعمل علي اكثر من مجرد اسقاط مشروع القرار الي ما ستبذله من جهد لاسقاط من هو خلف هذا القرار وكل القرارات السابقة التى اغضبت الادارة الامريكية واسرائيل
ان عملية التخلص من ابو عمار وشكل النظام السياسي الذي كان قائما حينها بدا في العام ٢٠٠٢ وما تلاه من خارطه الطريق الامريكية ومن ثم اغتيال ياسر عرفات تتكرر الان وبشكل واضح فان اسقاط مشروع القرار الفلسطيني يعني ان المسار قد بدا لاسقاط القياده الفلسطينية الحالية وعلى راسها الرئيس محمود عباس وسنشهد خلال الفتره القادمة الاحاديث مرة عن تجديد القيادة وتمكين قيادة شابة ومره عن حق الشعب في اختيار ممثلية عبر انتخابات جديدة وربما سنسمع عن ضرورة تغيير النظام السياسي الفلسطيني نفسة ليتماشى مع ما هو مطلوب منه في سياق صفقة ترامب والتى ياتي التطبيع كمرتكز اساسي فيها
ان المطلوب فلسطينيا الان هو الحذر الشديد والبحث عن مقاربات جديدة لوقف الانهيار العربي تجاه اسرائيل وايضا حتى لا يمنح هؤلاء فرصة لتحقيق خططهم مستغلين هشاشة الاوضاع الداخلية واللعب على عواطف الناس وايضا حاجاتهم الاقتصادية والاجتماعية مستغلين حلفاء لهم داخل الشعب الفلسطيني يطمحون لتولي المواقع التى قد تسهل تنفيذ ما يريده هؤلاء العرب وخلفهم الادارة الامريكية
اننا بحاجة الي عملية اصلاح واعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته من منظمة التحرير الي السلطة والقوى السياسية الي الاتحادات والنقابات ومؤسسات العمل الاهلي وهذا يدفعنا الى ضرورة ان نصلح بانفسنا وبطريقتنا ما يسعي غيرنا لاصلاحه لنا بطريقته وهذا يحتاج الى تقدير المخاطر وكيفية التعامل معها عبر عملية حوار وطني حقيقي لكل القوى السياسية والمجتمعية والنقابات والفعاليات الشعبية والفكرية والشبابية من اجل وضع الاستراتيجة الوطنية الموحدة والشاملة واعادة اللحمة للشعب والنظام السياسي وتجاوز موبقات الماضي واهمها الانقسام البغيض والانطلاق نحو مرحلة جديدة حتى وان شكلت انقلابا علي ما كان سابقا من منظومة سياسية او منظومة في العلاقات الدولية عبر اعلاء راية الكفاح الوطني في وجه المحتل ورفع الغطاء عن اسرائيل الذي يظهرها دولة طبيعية في المنطقة والعالم عبر سحب الاعتراف الفلسطيني فيها واطلاق مواجهة حقيقية شاملة لرفع تكلفة الاحتلال من جهة ولاظهار وجهه البشع من جهة اخرى ووضع اسرائيل في مكانها الحقيقي دولة احتلال فاشية مارقة علي القانون الدولي والشرعية الدولية ولا تصلح شريكا اوحليفا لاحد خاصة للدول العربية
اننا بحاجة الي الصراحة والوضوح واعلاء النقد البناء وتجاوز اخطاء الماضي والمكاشفة بالاخطاء والخطايا واتاحة المجال امام جيل جديد يقود معركة الخلاص من الاحتلال ويبطل كل المؤامرات التى تستهدف شعبنا وقضيته العادلة
• رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديموقراطي والتنمية السياسية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت