- بقلم : جبريل عوده *
بعد الفجور التطبيعي من دويلة الإمارات , وتباهي حكامها بإبراز نموذج السلام الدافئ مع اللقيطة "إسرائيل" , وعرقلة البيان الفلسطيني في جامعة الدول العربية الرافض للتطبيع , لم يكن مستغرباً أن تعلن دويلة البحرين تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني , الإعلان بمثابة مجاهرة بالمعصية التي كانت تمارس سراً وعلى أعلى المستويات , فلم يعد المطبعين يستحيون من أحد على أفعالهم الرخيصة , وإنبطحاهم الذليل أمام رغبات الأرعن ترامب , الذي يسعى أن يكون كيان الإحتلال جسماً طبيعياً في المنطقة العربية , ويعمل هو وإدارته الصهيونية على مدار الساعة طالباً لرضى اللوبي اليهودي مع إقتراب الإنتخابات الأمريكية .
ليس غريباً أن تقوم دويلة البحرين بإعلان التطبيع مع العدو الصهيوني , فلقد كانت مواقفها تكشف سلوكها الخياني للقضية الفلسطينية وشعبها الصابر , وتصريحات وزير خارجيتها خالد بن أحمد آل خليفة كانت بمثابة كاشفة عن السلوك التطبيعي المشين والإنسلاخ من كل الإلتزامات القومية والإسلامية إتجاه القضية الفلسطينية , كما أن دويلة البحرين إستضافة المؤتمر التطبيعي بتاريخ 25و26-يونيو 2019 والذي عرف بإسم "ورشة عمل السلام من أجل الازدهار" , هذا المؤتمر كان بمثابة الإنطلاقة العملية لتنفيذ صفقة القرن المشؤومة التي تستهدف قضيتنا الوطنية وهويتنا الفلسطينية.
خلال مؤتمر المنامة التطبيعي أصدر وزير خارجيتها خالد آل خليفة تصريحات من الحجم التدميري الكبير لكل القيم والثوابت لدى الأمة في صراعها مع العدو الصهيوني , ليقول في إحدى تصريحاته " نريد من العرب أن يشعروا بأن إسرائيل تنتمي إلى هذه المنطقة " , كيف تريد للعرب أن يستسلموا لإرادة الإحتلال ومخططاته ؟ , وهل يعقل أن نقول كفلسطينيين بهذا المنطق لو تعرضت البحرين لإحتلال مماثل ؟! , لم يكتب التاريخ أو يسجل أن أمة حرة , قبلت بالإحتلال الخارجي وإستسلمت له, وإلا ما رأينا إحتفالات أيام الإستقلال التي تعتز بها الشعوب وتتخذ يوم حريتها عيداً تحتفل به .
الموقف الرسمي للبحرين كان يرفض التعاطي مع المبادرة العربية التي حازت الإجماع الرسمي في مؤتمر القمة العربية بلبنان أواخر مارس 2002م , والتي وضعت شرطاً للتطبيع أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه وفقاً لما تسمى بـ"الشرعية الدولية" رغم أن تلك القرارات المجحفة تطمس الحقوق التاريخية لشعبنا في كامل تراب فلسطين المغتصبة , البحرين أعلنت تجاوزها الإجماع العربي الرسمي , وتخلت عن شروط المبادرة العربية حيث قال وزير خارجيتها خلال مؤتمر المنامة التطبيعي في صيف 2019 " التوصل إلى حل سياسي قبل التطبيع هو قول مبتذل بات من الماضي". , وهو إعلان عن نية البحرين التطبيع مع الكيان الصهيوني .
مواقف البحرين المعادية لمبادئ العروبة وثوابتها جلية وواضحة , حيث عبّرت في أكثر من مناسبة عن دعمها لعمليات الجيش الصهيوني على الأراضي السورية بذريعة مهاجمة “أهداف إيرانية”، حيث قال رأس خارجيتها وممثلها أمام العالم “من حق (إسرائيل) الدفاع عن نفسها " وهذا بمثابة تبرير من دولة عربية لجرائم الإحتلال ضد شعبنا الفلسطيني والدول العربية . اللقاءات بين ممثلي البحرين والمسئولين الصهاينة لم تتوقف , كان أبرزها المشاركة في لقاء وارسو التطبيعي في نوفمبر 2019 بحضور رئيس وزراء العدو نتانياهو, تحت عنوان العدو الوهمي وإستبدال مصفوفة الأعداء لذا العرب, لتصبح الجارة إيران عدو لا يمكن الحوار معها , ويصبح الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين صديق وشريك وحليف ! كما جرى لقاء بين وزيري خارجية البحرين وكيان العدو في العاصمة الأمريكية واشنطن على هامش مؤتمر حول حرية الأديان , هذا يوضح لنا أن مسار السياسة البحرينية المعلنة كانت تسير في إتجاه التطبيع مع عدو الأمة المركزي.
رسالتنا للعالم أجمع ؟ ,
القضية قضيتنا والأرض لنا موروث الأجداد وعهدة الأجيال , لن يكسرنا خذلان حدثاء السياسة ولا خيانة الرغاليين الجدد , سنمضي بعزم الأوفياء للأرض والمقدسات , لن تلين عزائمنا ونحو نواجه حرب الطمس لهويتنا ووجودنا على أرض فلسطين,
,ما هو المطلوب فلسطينياً ؟
لا يحتاج إلى كثير من التفكير , يجب إعادة القضية إلى جذرها الأساس , كقضية تحرير لكامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر , فما وقع على فلسطين بإسناد الإنتداب البريطاني هو إحتلال غاشم يجب أن يزول ولن نقبل حلول التجزئة والتقسيم , لتذهب للجحيم قرارات الأمم المتحدة التي تنتقص من حقوقنا , ولتسقط ما تسمى بـ" المبادرة العربية للسلام " ولتعود إلى واجهة الأحداث مبادرة تحرير فلسطين , هذا هو الموقف الإستراتيجي الذي يجب أن يعلن إلى العالم أمام هذا الهجمة الشرسة التي تستهدف إبادة شعبنا وتقزيم قضيتنا الوطنية , لن نقبل مبادرات أو قرارات تنتقص شبراً واحداً من فلسطين , ولن نقبل بأي مسار سياسي يضع فلسطين على طاولة التفاوض , لم يعد مجدياً إلا خيار البندقية لترتفع عالياً فلقد داست البغال غصن الزيتون .
كاتب وباحث فلسطيني 11-9-2020م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت