- بقلم: دعاء جيوسي.
تداولت وسائل إعلام عربية وعبرية خلال الأيام الماضية أخباراً تمحورت حول جهود تُبذل على أكثر من صعيد بُغية إبرام صفقة تبادل أسرى بين المقاومة ودولة الاحتلال خبر كهذا كفيلٌ بأن يقلب السجون رأساً على عقب وأن ينفخ الروح في الزنازين الباردة ويبث الأمل بين الأسرى لا سيما أصحاب المحكوميات العالية وذات الفعل يقوم به خارج السجون بين الأهالي والمهتمون بعالم الأسر ورواده.
خبر كهذا يجب أولاً التعامل معه بكثير من الحذر وبمقدار أقل من الأمل المُبرر أو لنقل الأمل المنطقي فدولة الاحتلال كما خبرناها داخل السجون وخارجها لا تُعطي إلا بعد أن تأخذ تذهب في شوط المراوغة ومحاولات تدوير الزوايا حتى النهاية تطلب ما لا يُعطي وحين يُعُييها الطلب تأتي للتفاوض وفيه أيضاً تُراوغ وحسب رأيي فقد استنفذت دولة العدو الكثير من السبل وهي تُحاول إنجاز الشق الأول من خطتها لاستعادة جنودها من غزة فقاتلت وقتلت شددت حصارها وألقت جُل ما في جعبتها من عملاء صوب غزة ولم تَخرجَ بنتيجة وهذا يجعل الحديث عن صفقة تبادل أمرٌ منطقي قد يحدث وقد لا يحدث قريباً , وعليه ولأن تجارب الحياة و السياسة علمتنا أن المفاجئة أحد أخطر الأسلحة في يد العدو دعونا نجرده من هذا السلاح ونتخيل صفقتنا القادمة بالعدد والاسم والرسم بالجغرافيا والحكم.
وهذا أمر أقطع أن المقاومة تُدركه وتنفذه...ولكن المهم أن نقوم نحن الأسرى المحررون والمختصون بقضايا السجون بالتذكير الدائم به والإضاءة على كل الزوايا لتظل صورة ما نُريد جلية لا يعلوها غُبار.
بداية إن أهم الدروس المُستخلصة من صفقة وفاء الأحرار هي أن العدو حين يعجز عن إستعادة أسراه وتتعاظم أزماته الداخلية يبدأ بالاستجابة لمطالبنا ولو جزئياً وهذا يتطلب أن نظل على شروطنا حتى لو تأخرت الصفقة قليلاً فمن قضى في السجن عشرون عاماً يُمكنه أن ينتظر شهراً أو إثنين ليخرج للحرية بشروط تحفظ كرامته وكرامة من قاتل لإجلهم وقاتلوا لأجله.
ثمة درس آخر يجب أن لا نُغفله...هو أن دولة الاحتلال تحاول دوماً تصفير خسائرها أو خفضها للحد الأدني لذلك أطلقت سراح الأسرى في صفقة وفاء الأحرار ثم أعادت إعتقالهم وهي تُدرك أنها ستطلق سراحهم في أي صفقة قادمة وبذلك يتحرر كل أسير منهم في التبادل مرتين ويفقد بعض إخوانه في السجن فرصتهم في التحرر ليحدث بالضبط ما يُحذر منه مثلنا الشعبي (من ذقن عبيد إفتلوا له قيد) لذلك يجب أن يكون إطلاق سراح مُحرري وفاء الأحرار مقدمة الحديث في أي تبادل قادم وليس جزءً من الثمن الذي يدفعه العدو لاستعادة جنوده.
نقطة أخرى يجب ألا نُغفلها ونحن بمعرض الحديث عن صفقة تبادل أسرى مأمولة هو أن تحديد مكان الإقامة سواء داخل الأرض المحتلة أوخارجها أمرٌ يرفضه الأسرى جملة وتفصيلاً فمبدأ الإبعاد عن الوطن مرفوض ومبدأ الترحيل من بقعة في الوطن لأخرى مرفوض بذات القوة كذلك المنع من السفر وقيود التنقل والشرط الذي يجب أن نحاول فرضه على العدو أنك بمجرد إطلاق سراح الأسير تنتهي وصايتك وسيادتك على حياته ولا يحق لك مٌسائلته في ما مضى أو التحكم بحياته.
أمر آخر يجب أن يظل حاضراً مهما كان حضوره معيقاً لإتمام التبادل هو أن أسيرات وأسرى الداخل والقدس مواطنون و مناضلون فلسطينيون وليس لهم تعريف آخر و ما يجري على مناضلي وأبناء شعبنا يجري عليهم' يُضاف ملف كبار السن والمرضى مهما إنخفضت أحكامهم والأسرى ذوي التفاصيل الاجتماعية الأكثر مأساوية كالأب الذي لا معيل لأبنائه والأسير وحيد والديه أو من يعاني أحد أحبته مرضاً قد لا يمهله طويلاً ليرى حريته.
دروس وعبر كثيرة تلك التي يُمكن الإضاءة عليها وهي بالقطع لا تُنقص من قدر مقاومتنا ولا تبخسها حقها بل نُقدمها لأننا نشعر أننا جزء من تجربة وجسم المقاومة وواجبنا أن نظل ظهيرها وسندها إلى أن تطلبنا فنُسارع إليها شاكي السلاح مُقدمي الأرواح.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت