-
اشرف صالح
جيل التسعينات والذي أصبح شاباً بعد الإنقسام الأسود , ولا زال شاباً يبحث عن ثلاث أشياء مهمة قد فطر الله الإنسان عليها منذ أن خلقه وكتب له رزقه , وهي "العمل والرزق – الزواج والأسرة – المكانة الإجتماعية" والترتيب الإلهي هنا متناسب تماماً مع طبيعة البشر وحياته الإجتماعية , فالمكانة الإجتماعية تأتي بعد الزواج والإستقرار , والزواج والإستقرار يأتي بعد العمل والرزق , وبالطبع فهذه الأشياء الثلاثة يجب أن تكتمل عندما يصل الشاب الى سن الأربعين عاماً , ومن هنا تأتي مأساة جيل التسعينات , فهو وصل الى سن الثلاثين عاماً ولم يحقق شيئاً مما ذكرت أعلاه , ولا زال يبحث عن الخطوة الأولى والتي لا يمكن تحقيق باقي الخطوات بدونها , وهي العمل والرزق , ولهذا قرر جيل التسعينات أن يعبر عن مأساته بالطريقة التي لا يحاسب عليها القانون الوضعي ولا الأنظمة القمعية , ولا تحجبها الرقابة السياسية الدكتاتورية , وهي كتابة المنشورات عبر مواقع التواصل الإجتماعي , فهذه المنشورات لا توجه أصابع الإتهام الى جهة معينة , أو شخص مسؤول بعينه , إنما هي عبارة عن شكوى من ضحية تخشى ذكر إسم جلادها , وهذه الطريقة من وجهة نظري تعبرعن مأساة أخرى تضاف الى رصيد المأسي لجميع الأجيال , وهي مأساة الدكتاتورية الفاشية القمعية..
رسالة الى جيل التسعينات , أيها الجيل الشاب العزيز , صاحب الطاقة المخزونة والهمم المشحونة والعقول المفكرة والقلوب الصابرة , والذي من المفترض أن تكونوا شركاء في بناء الوطن وصياغة القرار , إن المتهم الأول في سرقة أعماركم هو الإنقسام الأسود وليس الحصار كما يزعم البعض , فقد يدعي بعض الساسة المنتفعين من كلمة حصار بأن الحصار هو المسؤول عن سرقة أعماركم , وذلك تهرباً من مسؤوليتهم تجاه شعوبهم , ومع إفتراض وجود حصار متمثل في عدة إجراءات أمنية تحول دون دخول بعض السلع الى غزة , أو تسكير المعابر بين فترة وأخرى , فهذا لا يعني أن الإحتلال مسؤول بشكل مباشر عن توفير فرص عمل للشباب أو وظيفة أو حتى بطالة , فالمسؤول المباشر عن توفير فرص العمل أو الوظيفة للشباب هي الحكومة , فأنا هنا لا أعفي الإحتلال من ما فعل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني , ولكن يجب وضع النقاط على الحروف كي لا يضيع حقكم يا جيل التسعينات بسبب تعليق كل الخطايا على شماعة الإحتلال , فالإنقسام هوالذي أدى الى خلل في التوزيعة الجغرافية والمؤسساتية والمهنية والإقتصادية بين الضفة وغزة , وأصبح الحزب السياسي هو من أهم مقومات الوظيفة أو العمل , ضف على ذلك وجود "فيتامين واو" والذي يعتبر عامل مشترك بين فساد المجتمع وفساد الأنظمة الحاكمة , فمعرفة الجاني الحقيقي أفضل بكثير من أن يكون المجني عليه على غشاية من أمرة ومضلل وتايه , فعلى الأقل المعرفة بحد ذاتها قد تساهم في حل المشكلة .
أما رسالتي الأهم الى جيل التسعينات العزيز , فهي أن السعادة والعمل وإثبات الذات لا تنحسر في الوظيفة فحسب , فهناك مجالات كثيرة قد تكون أفضل من الوظيفة وتؤدي الى النجاح وإثبات الذات , وكلامي هذا لا يعني توفير هذه المجالات أوسهولة الحصول عليها في غزة , ولكن الفكرة هي أن يكون لدى كل شاب قناعة بما هو يحبه , فهناك بعض الشباب يحبون التجارة والعمل الحر , وهناك بعض الشباب يحبون الصنعة والحرفة , وهناك بعض الشباب يجدون كفائتهم في القطاع الخاص , فهناك كثير من المجالات والتي من الممكن أن تسعد الشباب وتفتح لهم أبواب الرزق في حال توفرت , فالفن والرياضة والتجارة والصناعة والزراعة والصيد والحرفة تعتبر جميعها مصادر للرزق , فالله خلق الإنسان وتكفل في رزقة , ومن هنا ورغم ما فعله الإنقسام من تشوية للمنظومة الإقتصادية والتي أدت الى تفشي البطالة بين الشباب وتحديداً جيل التسعينات , يجب أن يكون الشباب مستعدين للعمل مهماً كان إذ توفر , ولا يضبطوا عقارب ساعاتهم على عمل معين أو وظيفة معينة , فدوام الحال من المحال , ربما يتغير الحال الى الأفضل , وتصبح البطالة فعل ماضي , ويصبح الإنقسام في خبر كان .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت