- بقلم : محمد علوش
بطريقة متسرعة صدر البيان رقم (1) عن القيادة الوطنية الموحدة لقيادة المقاومة الشعبية ، وقد صدر البيان ولاقى ما لاقى من ترحيب ومن ملاحظات هنا وهناك على مستوى الساحة الفلسطينية ، ورغم أهمية وضرورة تطوير واستنهاض المقاومة الشعبية بكافة أشكالها ومواجهة مخططات ومشاريع الاحتلال المدعومة من قبل الادارة الامريكية بفعل شعبي وجماهيري ضاغط ومؤثر وقادر على تدفيع الاحتلال لأثمان الجرائم والأعمال الدموية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ، الا أن التسرع في اصدار البيان دون وجود ضوابط ومحددات لطبيعة وبنية ومنطلقات القيادة الوطنية الموحدة والمنشودة التي يتطلع اليها شعب فلسطين لتشكل رافعة للمقاومة الشعبية في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من عمر القضية الفلسطينية .
فكرة القيادة الوطنية الموحدة جاءت خلال مداولات اجتماعات الأمناء العامون للفصائل وهي فكرة رائدة وخلاقة نحو استلهام تجربة الانتفاضة الكبرى المجيدة (1987-1993) ، الانتفاضة التي دخلت قواميس كل لغات العالم وخلقت فضاءا جديدا للشعب الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تقود وتوجه الانتفاضة من تونس وصولا الى تحقيق أهداف وبرنامج الانتفاضة نحو الدولة والعودة والاستقلال ، ولكن لعبت الظروف الذاتية والموضوعية في عدم استكمال زخم الانتفاضة التي شارك بها كل الشعب من كافة الأطياف والمنابت والمنطلقات في فعل انتفاضي تصاعدي بمواجهة الاحتلال الذي أمعن بسياسة القمع والارهاب وتكسير العظام واقامة الباستيلات والسجون التي زج بها جيل الانتفاضة بعشرات الالاف من المناضلين الذي سجلوا بطولات خلدها التاريخ في الصمود وعدم الركوع لسياسات وجنون الاحتلال .
وبالعودة الى البيان رقم (1) فقد صدر البيان وانتشر بشكل كبير في الصحافة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وهذا يتطلب فعلا حقيقيا ورؤية سياسية شاملة ومشاركة عامة من قبل كل القوى والفصائل والمؤسسات والهيئات الشعبية والانتقال من مربع الأقوال الى ميدان الأفعال واستعادة الأمجاد السابقة التي حملتها تجربة الانتفاضة التي قادتها قيادة وطنية موحدة لم تكن معروفة كما هو الحال اليوم حيث الشكل أهم من الجوهر .
الساحة الفلسطينية في ظل ما تتعرض له من تحديات كبرى وعلى رأسها الهجمة الاحتلالية الامبريالية الرجعية عبر محاولات فرض الحلول التسووية الاستسلامية الأمريكية وفرض مشروع صفقة القرن وتنفيذ مخطط الضم لأجزاء واسعة من أراضي دولة فلسطين المحتلة ودعم مشاريع التطبيع واقامة العلاقات الطبيعية الرخيصة تحت عباءة " سلام ابراهيم " كما جرى مع أنظمة الامارات والبحرين ومن سيلحق بهما على خشبة المسرح الهزلي المسمى اقامة " سلام ابراهيم " وتريسيخ العلاقات العربية - الاسرائيلية في طعنة مسمومة للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، وساحتنا الفلسطينية اليوم التي ما زلت مرهونة لحالة الانقسام والتجاذبات السياسية رغم المقاربات والتفاهمات الأخيرة بين القوى وبخاصة بين حركتي حماس وفتح وهي تحتاج الى مراجعة شاملة على مستوى عال للخروج من عباءة الصمت والانتظار والترقب نجو هجوم سياسي فلسطيني يعيد الثقة بين الشعب والقيادة ويعيد التلاحم الوطني الوطني ويعيد المكانة الطليعية للقضية الفلسطينية في الوجدان العربي وفي الضمير العالمي ويعيد ترسيخ العلاقات الفلسطينية الدولية لاننا لا نعيش بجزيرة نائية لا نعنى بقضايا وأحداث العالم .
ادارة ترامب ستواصل اتصالاتها مع الأنظمة الهامسية في العالم العرب من أجل أن تلتحق بما يسمى مشروع " سلام ابراهيم " ، هذا السلام الهش الذي لا يقوم على أسس ومرتكزات السلام المنشود ، السلام العادل والشامل القائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ، هذا السلام هو سلام القوة والهيمنة والتبعية والطاعة العمياء من قبل الأنظمة المنخرطة بهذه المسرحية الساخرة ، ومحاولات التهويم واطلاق العنان للأفكار التي سيجلبها سلام ابراهيم هو مجرد ذر للرماد في العيون وفرض الوصاية واحتواء الأنظمة الهامشة لمحاولة فرض المزيد من الاجراءات والضغوط والابتزاز لقيادة الشعب الفلسطيني تحت لافتات متعددة منها الابتزاز المالي والحصار الاقتصادي والتهديد بفرض القيادات البديلة على غرار التصريحات التي تفوه بها السفير الأمريكي المستوطن في القدس المحتلة والتي قالها بشكل صريح بأن الادارة الأمريكية ستفرض محمد دحلان زعيماً على الفلسطينيين !!
نحن بحاجة الى البيان رقم (1) الذي ينادي بالمقاومة الشعبية والانتفاضة وتجديد عزيمة قوى الشعب في مواجهة ومقاومة الاحتلال واسقاط المشاريع والمؤامرات والأوهام واعادة الثقة بالمستقبل والاستمرار في المسيرة الكفاحية والنضالية وتوفير كافة مقومات الصمود لتقطف المقاومة الشعبية وكافة أشكال النضال الشعبي والجماهيري ثمار هذا النضال في تخسيير الاحتلال وتدفيعه ثمن ما يقوم به من أجرام دولة منظم بحق شعب فلسطين الأعزل الذي يبحث عن الحرية والاستقلال والخلاص من ليل الاحتلال الطويل .
لدينا ثقة بقدرة وعظمة شعبنا المصمم على انجاز الاستقلال الوطني بصموده ومقاومته وارتباطه بالعالم الحر والشرعية الدولية التي ستنتصر لعدالة الشعب الفلسطيني وتنتصر لكرامته الوطنية ، فقد انكشفت كافة الأوراق ودولة الاحتلال المحمية بنفوذ وهيمنة الامبريالية الأمريكية محشورة في زاوية العالم اليوم بفعل عنصريتها وبشاعة سياساتها المعادية للشعوب العربية وللشعب الفلسطيني .
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
المصدر: -
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت