- بقلم ديمتري دلياني
عقدت الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر "الحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي" بالعاصمة الأمريكية واشنطن يومي 14 و15 سبتمبر 2020، حيث ترأس الجلسة الافتتاحية كل من مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، ومحمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري.
وتم خلال هذه الاجتماعات في إطار ما سُمي ب "الحوار" الاستراتيجي عقد عدة اتفاقيات جميعها بتمويل قطري سخي، ومهنا توسيع قاعدة العُديد الجوية الامريكية في قطر على حساب القطريين، ومواءمة إجراءات تشغيلها مع معايير "الناتو" بهدف زيادة الطاقة التشغيلية للولايات المتحدة وقوات التحالف (مثل تركيا) المقيمة في قطر. كما تم الاتفاق على برنامج مبيعات عسكرية أمريكية للدوحة بقيمة 26 مليار دولار أمريكي (لا تتضمن ال F 35 التي ستحصل عليها الامارات).
ولربما من بين عشرات الاتفاقيات على نفقة المواطن القطري كان هناك مشاركة واحدة بالنفقات من الجانب الأمريكي وهي ابتعاث اثنين من باحثي "فولبرايت الأمريكية" لقطر لإجراء بحث حول الهيدرولوجيا ومرض الزهايمر في الفصل الدراسي المقبل.
لكن أخطر ما بالاتفاقيات وهو الأمر الذي لا يراه المرء في الصحافة القطرية او في أي من وسائل وقنوات الاعلام الموالية للمال القطر او الأيديولوجية الاخوانية او أتباع الاحلام الاردوغانية، هي فقرة ظهرت في ملخص الاجتماعات بالصفحة الالكترونية الخاصة بوزارة الخارجية الامريكية حيث أن القانون الأمريكي يجبر الوزارة على نشر نصوص هكذا اتفاقيات. وهي فقرة تتحدث عن اتفاق قطر والولايات المتحدة للعمل على تحقيق رؤية ترامب لحل الصراع في الشرق الأوسط. ورؤية ترامب هي صفقة القرن. وبذلك تُصبح دولة قطر اول دولة عربية وإسلامية تقبل، وبل وتتعهد، بالعمل على تمرير صفقة القرن، وهذا بالنسبة للولايات المتحدة موقف أكثر تقدماً من موقف بنيامين نتنياهو الذي قَبل الصفقة لكن لم يقدم تعهدات بالعمل على تمريرها.
وللتذكير فإن صفقة القرن او رؤية ترامب "للسلام" تسعى لإنشاء كيان فلسطيني في أجزاء من الضفة الغربية محاط بمستوطنات وبدون القدس او الاغوار مع قطاع غزة وبضعة اميال من صحراء النقب على حدود مصر وعدم عودة اللاجئين.
وقد مرت عدة أيام على نشر تفاصيل المحادثات والاتفاقيات الامريكية القطرية ولم اسمع عن انتقاد رسمي فلسطيني او تركي مثلاً لقبول قطر ودعمها لصفقة القرن!! بل سمعنا عن تبرير للعلاقات التركية الإسرائيلية من قبل الأخ موسى أبو مرزوق الذي يستعد لترشيح نفسه لرئاسة المكتب السياسي لحماس.
ورجعت بي الذاكرة لعدة أيام الى الوراء حين خرج عدد من الأطر السياسية الفلسطينية بحملة "ردح" معيبة بحق الاماراتيين والبحرينيين بسبب اتفاقية التطبيع التي تم عقدها في البيت الأبيض مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والتي نرفضها ويرفضها شعبنا الفلسطيني بكافة شرائحه وفصائله وتياراته وتوجهاته وحتى جمعياته الخيرية وفرقه الكشفية. وبالرغم من أن البيانات الرسمية الإماراتية والبحرينية اكدتا قبيل وبعيد التوقيع على تمسك الدولتان بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين كما هو منصوص عليه بمبادرة السلام العربية والتي وافقت عليها ايضاً جميع الدول الإسلامية بما فيها ايران، الا ان ذلك لم يشفع لهما، فتستمر الحملة ضد الامارات والبحرين حتى بعد تعهد قطر بتمرير رؤية ترامب لتصفية القضية الفلسطينية!!! وبالرغم من أن الرئاسة الفلسطينية قد لحقت بتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح بعد عدة أيام مطالبة بوقف الإساءات الى رموز الدول العربية، الا أن الفصائل التابعة للرئاسة في رام الله او حكم اردوغان بتركيا او الدولار القطري استمرت بالهجوم والسب والشتم غير اللائق على دول عربية ما زالت متمسكة بالمطالب الوطنية الفلسطينية، ولكن حين أتت قطر ونسفت هذه مطالب الوطنية الفلسطينية وتعهدت أن تعمل على تحطيم الحقوق الوطنية الفلسطيني في وثيقة رسمية بتوقيع وزير خارجيتها ونائب رئيس وزرائها لم يُعلّق احداً!!!! لم ينتقد احداً، لم نشهد من المتحمسين على شاشات التلفاز يصرخون في وجه التنازل القطري، لم نرى الإعلام الإسرائيلي يسكب الزيت على النار، لم يخرج من أمناء عامين الفصائل المنسية بحماسة كلام غير محسوب للتعبير عن حرقته وللتذكير بوجوده، لا شيء وكأنه يوم عادي حيث ان الصمت المريب مازال سيد الموقف!!!
وهنا تأتي عدة أسئلة:
هل القيادة الفلسطينية موافقة على رؤية ترامب؟ وإذا لا، كما اعتقد، لماذا لا تخرج في بيان دبلوماسي يرفض التعاون القطري الأمريكي لتمرير هذه الرؤية التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية؟
هل لقرض ال 400$ مليون دولار من قطر للسلطة الفلسطينية دور في هذا الصمت؟
هل علمت القيادة الفلسطينية بهذا البند من الاتفاق من قبل؟
وهنا لا أطالب القيادة او النشطاء بإعادة المسلسل الهجومي على الامارات والبحرين بمسلسل آخر ضد قطر، لأني اعتقد ان الردح والشتم لا يمكن ان يخدم قضيتنا، لكن أطالب على الأقل باستدعاء السفير الفلسطيني في الدوحة كخطوة احتجاجية كون الموقف القطري يُشكل خطراً أكبر بمئات الاضعاف على القضية الفلسطينية من اتفاقيات التطبيع الإماراتية والبحرينية التي ما زلت ارفضها، واعتقد أنها تصب في غير مصلحة القضية الفلسطينية، وبنفس الوقت أرى بموافقة قطر على صفقة القرن خطر شديد في ظل صمت مريب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت