د. طلال الشريف
الكيدية السياسية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.
يبدو أن الإعتقالات لأعضاء التيار الإصلاحي في حركة فتح في الضفة الغربية، جاءت على خلفية التحضير للإنتخابات التي أعلن عنها جبريل الرجوب، بأنهم بصدد الذهاب إليها، ودعم تلك التصريحات، إتصال الرئيس كما ذكرت مواقع إعلامية، لطمأنة أردوغان على تواصل اللقاءات الفتحاوية الحمساوية، وجولتها الجديدة بين الرجوب والعاروري على الأراضي التركية، وطلب الرئيس من تركيا التحضير لمشاركة مراقبين أتراك لهذه الإنتخابات، وبعد لجوء الرئيس عباس لمحور قطر تركيا الإخوان المسلمين، بعد جولتين من خطوات ابتعاد الرئيس عباس، المنتهي الشرعية، والرسمية الفلسطينية، المنتهية الشرعية أيضا، عن مصر حاملة الملف الفلسطيني بتكليف من جامعة الدول العربية.
الرئيس عباس، والرجوب، يواصلون الضربات لمصر ، بدأووها باجتماع تلفزيوني بين الرجوب والعاروري بعيدا عن القاهرة، كما خططت قطر وتركيا، وتلوها بضربة أخرى باختيار بيروت لاجتماع الأمناء العامين بعيدا عن مصر، والآن الضربة الثالثة، بطلب الرئيس عباس مشاركة مراقبين أتراك للإنتخابات القادمة في فلسطين، مواكبة مع إجتماع الرجوب العاروري الجديد في تركيا، وبعيداً عن مصر أيضاً، وعلى أراضي خصومها.
هذا ما يفعله رئيس السلطة، وخطورة ما لا يعرفه المتحمس لمقعد الرئاسة جبريل الرجوب، من مغزى سياسة الرئيس عباس، بعد شعوره بإهتزار سلطته، قبل أن يكمل مخطط تسليم السلطة والرئاسة لحماس، كما تعهد بها لقطر. على ما يبدو منذ مدة، وشروع القطريين في إعادة خالد مشعل للواجهة، للترشح لمقعد الرئاسة القادم، حيث لا منافس فتحاوي قادر على هزيمة مشعل جماهيريا إلا دحلان الفتحاوي.
الرئيس يريد تسليم مشعل وحماس دفة الحكم، لضمان مخرج آمن له ولإسرته، بعد نفاذ الوقت لسلطته ورئاسته، ولعدم ثقته بكل الفتحاويين، حتى أقربهم له من شلة المقاطعة، واللجنة المركزية، فعباس ليس له شلة، ولا يؤمن بالأصدقاء، وهو بالمناسبة ليس له أصدقاء، ويعمل لذاته، وهو متيقن من عدم توفر مخرج آمن له عند أي فتحاوي، حتى الرجوب، والشيخ، وفرج، الغافلين عن ذلك، ولذلك بوجود حماس ومشعل كما خططت قطر هو الضمان الوحيد للخروج الآمن لعباس.
ولكن ما علاقة الاعتقالات لأعضاء التيار بالضفة الغربية بالانتخابات؟
هي بداية، ستتصاعد، وتدخل في موجات إعتقال أخرى لتيارات، وشخصيات فتحاوية أخرى، حتى قد تصل الرجوب نفسه لإبعاده من الطريق، بحيث تنشغل فتح، وتتغير البيئة من الآن وحتى الإنتخابات، يكون الشمل الفتحاوي قد تمزق إرباً، لمجموعات، ومراكز قوى، تكتشف لاحقا، بأن الخطة هي تمزيق فتح، لتمكين حماس من الفوز، وتصدر خالد مشعل للرئاسة الفلسطينية، وما بعدها من ترتيبات، لا ندري خطة قطر وأميركا، هل لها علاقة بصفقة القرن أم لا؟
ليس هناك. كما بدا واضحا، ولعدم وجود رغبة حقيقية ومقدرة، لسلطة عباس حتى بترتيباته مع حماس، لإستجلاب الجمهور للمقاومة الشعبية، كما جربوا ذلك في الأسبوع الماضي، ولذلك سيذهبون للإنتخابات كمخرج، لتتويج حماس، ولكن بعد تمزيق فتح، في صراعات بينية، رغم ضعفها الآني، وحتى لو أطلق سراح المعتقلين، فالإعتقالات ستتواصل، وستنجم عنها صدامات محسوبة الهدف، دون الفوضى، ليتمكنوا من إجراء الإنتخابات .. هذا هو المخرج الآمن لرئيس بات تفتيت وحدة فتح الهدف، وهي خطة قديمة جديدة بدأت تلوح نهاياتها.
هكذا رئيس، بوصلته الكيدية السياسية، التي لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية، لا يتصدى للتطبيع حقيقة كما هو ظاهر، بل يتصدى لدحلان، هذا ما يحلم به ليل نهار ،خرب العلاقات مع مصر العروبة، ويمزق فتح، ويحاصر الشعب الفلسطيني لأعوام قادمة، بعد غيابه، بتسليم البلد لحماس، ليستمر الشعب الفلسطيني في أزماته إلى وقت بعيد.
عباس لا يحب فتح، ولا يحب الفلسطينيين، ولا يحب العرب، ولا يحب أحداً إلا نفسه ... فهل سيحب الرجوب وفرج والشيخ والعالول وعريقات وباقي اللجنة المركزية ليسلمهم السلطة؟؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت