- بقلم : شاكر فريد حسن
هنالك مسوغات ومبررات يسوقها المهرولون العرب الساعون إلى جعل التطبيع مع دولة الاحتلال ثقافة سائدة في المنطقة، منها أن اسرائيل حقيقة واقعة لا يمكن القفز عنها، وأنها قوة عسكرية لا يستهان بها، ولا يمكن هزيمتها في أي حرب قادمة.
ويتناسى المطبعون الذين يروجون لثقافة التطبيع أن الأنظمة العربية المستبدة الفاسدة، وبشكل خاص الأنظمة الخليجية، هي المسؤولة عن حالة الضعف والترهل والهزيمة الراهنة التي تعيشها المنطقة العربية. وهم يتناسون أن اسرائيل هي دولة محتلة قامت على أنقاض شعب لم ينل الاستقلال ولم يتحرر حتى الآن بعد مرور 73 عامًا على قرار التقسيم، وهي تواصل عدوانها على شعبنا الفلسطيني، وتحاصره وتمارس ضده كل أشكال العدوانية والعنصرية والفاشية. والانكى من ذلك أن أنصار التطبيع والمروجون لثقافة التطبيع لا يخجلون ولا تحمر وجوههم عندما يتغنون بديمقراطية اسرائيل المزعومة.
إن أهمية التطبيع الثقافي بالنسبة للمؤسسة الاسرائيلية وخطورته، يكمن في أنه يهدف إلى تشويه الحقائق وتزييف التاريخ، وإعادة تشكيل الوعي العربي، وكتابة تاريخ فلسطين والمنطقة بما يتوافق مع الرواية والمزاعم الصهيونية حول ظروف نشأة وقيام الدولة العبرية، وتبرير مزاعمها أن فلسطين هي الوطن القومي لليهود، والتنكر للحق الفلسطيني المشروع، وانتزاع الوطن الفلسطيني من العمق العربي القومي، وبذلك تحقق المؤسسة الصهيونية من خلال التطبيع ما عجزت عنه في كل الحروب التي خاضتها ضد العرب.
لقد سارع مشيخات النفط في الخليج بالانقلاب على أنفسهم مع توقيع اتفاقات العار بين اسرائيل والامارات والبحرين، وتحولت دموع السديس إمام الكعبة المشرفة على ضياع فلسطين وذبح شعبها إلى مديح وانبهار بذكاء ودهاء الشعب اليهودي وتمجيده كشعب عاد إلى وطنه وليس دولة محتلة.
ومن وجهة نظر هذه الأنظمة العاهرة أن الخطر الصهيوني قد زال، والخطر الحقيقي هو في ايران وقوى الثورة والمقاومة العربية في المنطقة وعلى رأسها حزب اللـه.
وإزاء هذا العبث في مضامين ومكونات ثقافتنا الوطنية الانسانية المقاتلة، الرافضة للهيمنة والاحتلال والهرولة والتطبيع، فلا بد من فضح وتعرية المطبعين وكشف حقيقتهم، واستعادة الوجدان العربي الفلسطيني عبر إحياء وانبعاث الثقافة الوطنية ذات البعد القومي الإنساني، وتجذير ثقافة الكفاح والمقاومة كرد عملي على ثقافة الانبطاح والاستسلام والتفريط والتطبيع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت