- بقلم: محمد مصطفى شاهين
يشكل التطبيع الرسمي بين الإمارات والبحرين مع دولة الاحتلال طعنة في الظهرو مشاركة فعلية وعلنية فاضحة في صفقة القرن في سقوط جديد من سلسلة الانحدار الغير أخلاقي و انسلاخ فاضح على كل الثوابت الوطنية والدينية والإسلاميّة وفي تنكر لدماء الشهداء العرب التي عانقت أرواحهم أرواح أهل فلسطين على هذه الأرض المباركة .
أقام النظام الحاكم بدولة الإمارات ومملكة البحرين بتكتم علاقات مع دولة الاحتلال لسنوات، لكن هذا التطبيع وكشفه للعلن يدلل أن الرئيس الأمريكي ترامب يسعى ومن خلفه الصهيونية العالمية الى تمرير صفقة القرن بأيدي التطبيع العربية الخائنة والتي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وهو ما أكده نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال أن الاتفاقيات التطبيعية مع الأنظمة العربية لن تجعله يتخلى عن ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة، بل إن الأمر "مؤجل" فقط و تظهر جلية معالم التطبيع في تطبيع العلاقات الدبلوماسية و رحلات جوية مباشرة بين البلدين و تبادل تجاري والأمن والطاقة والمياه والصحة وهو ما يعد ربحاً صافياً لدولة الاحتلال واقتصادها.
أن اتفاقيات السلام مع الإمارات والبحرين مع الاحتلال إنما هي تحقيق أهداف الولايات المتحدة الأمريكية وتتمثل بتنفيذ استراتيجية مرسومة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001م تدمير أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان لعدم دخولهم في مؤتمر سلام الشرق الأوسط الجديد.
المتابع لنصوص اتفاقية السلام كما يسمونها (أبراهام) يجد بنودها تَغْلُب على الاتفاقيات الصبغة الأمنية والتعاون العسكري تحت أي ذرائع، بهدف التواجد العسكري بشكل رسمي دائم أعلى درجة من وجود قواعد التي تحمل صفة التواجد المقيد أمام القانون الدولي ويحتاج تنفيذ عمليات إلى مشاورات في الأمم المتحدة، على عكس الاتفاقية فهي تتيح التدخل دون موافقة مجلس الأمن وتكون بمثابة الدخول في حروب الدفاع عن المصالح من خلال اتفاقيات تعاون.
إضافة الى أن التطبيع الاماراتي البحريني يهدف للتمهيد لعقد اتفاقيات مع باقي دول المنطقة كعُمان والسعودية و تشكيل تحالفات على أساس أمني عسكري يسمح للكيان الصهيوني حرية التجوال والحركة في المنطقة ، إضافة الي ضرب منظومة الأمن القومي العربي بعد سابقة إنشاء حلف العراق مصر الأردن اليمن المنحل ،و ضرب منظومة الأمن الخليجي وتفكيكه وضمان سيطرة الكيان الصهيوني بدعم الولايات المتحدة التي تقوم استراتيجيتها في المنطقة لضمان التفوق للكيان ، ومحاصرة ثلاث دول كبرى ومنعها من تطوير قوى مركزية في المنطقة وهي على التوالي تركيا إيران.
أما ما يدعون من وجود تاريخي للكيان الصهيوني بحجة الجنس السامي أو التواجد التوراتي "التلمودي" فليس لكم نسب سامي، فأنتم لستم من العرق السامي، وبالتالي أنتم كيهود ليسوا بيهود كما تزعمون ويمكن العودة إلى كتاب "يهود العالم ليسوا يهوداً" للكاتب الأمريكي الكاثوليكي- اليهودي البروتستانتي سابقاً- بنيامين فريدمان قبل 130 سنة. وأما الترابط الديني بين البروتستانت والتلموديين في العقيدة فهو يمثل إنشاء دين جديد عمره 400 عام فقط نشأ في أوروبا الغربية ونما في أمريكا الشمالية.... وهذا ما يعني ليس لكم في الشرق جذر أو عرق أو تواجد..... وهذا منطقي كون مسيحيي الشرق الأرثوذوكس الأصوليين والكاثوليك التجديديين يختلفون اختلافاً جذرياً في العقيدة والنسل والعرق عن الغربيين البروتستانت.
وان تسمية هذه الاتفاقيات باتفاق "إبراهيم" فهذا لا يجسد حالة تاريخية أو سلام بين الأديان لتبرير قبول الكيان الصهيوني في المنطقة كون الكيان الصهيوني لم ينتسب إلى أي فرع من فروع الديانات الإبراهيمية المعروفة كما يدعون ، فهنالك عقدة الوجود تلازم هذا الكيان.... ويتم تكرارها في جميع الخطابات السياسية والإعلامية و يتم اتخاذها منطلقات ودوافع للسلوك السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي بل وكل مجالات الحياة سعياً لتحقيق وإيجاد سمات وخصائص شعب أو مجتمع أو أمة أو دولة كما كانت بدايتهم في دولة الخزر وهو ما أشار إليه نتمياه وفي كتابه "البحث عن كيان" ويقْصِد بين الأمم والشعوب.
وفي الختام فان هذا التطبيع تحالف جديد ضد ايران وتركيا التي باتت الأنظمة الإماراتية والبحرينية تخشاهم كالقوة التركية والإيرانية الصاعدة ، ولكنهم بذلك أغفلوا أنهم سيكونوا الخط الأول في أي مواجهة إيرانية ضد الاحتلال وأمريكا فهم باتفاقهم هذا مع دولة الاحتلال أعلنوا صراحة العداء لدولة ايران التي تملك من القوة والجهوزية ما قد يصدم هذه الأنظمة المطبعة مع الاحتلال.
فلسطين عربية الهوية... الكيان الصهيوني زائل.....تلك كينونة التاريخ وصيرورته..
في الختام أقول فلسطين الشعب، الأرض، اللُّغة، الثقافة، الهوية، الحضارة، التاريخ والجغرافيا فلسطين الدين والمقدسات .فلسطين مقبرة الغُزاة والطامعين والمغتصبين على مر الزمان والتاريخ.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت