قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسئول فرعها في غزة جميل مزهر، إنّ "التطبيع ليس بجديد، بل كان يتم في الخفاء منذ سنواتٍ طويلة، لكن أوسلو فتحت الباب واسعًا أمام إعلان هذا التطبيع، والآن دول الخليج تعلن تباعًا عن اتفاقيات تطبيع علنية مع هذا العدو الإسرائيلي، وهناك توقعات أن تقدم عُمان و السودان على توقيع اتفاقيات تطبيع".
وأكَّد مزهر خلال حوارٍ أجرته معه إذاعة "صوت الشعب" المحلية، على أنّ "هذه الهرولة للأنظمة العربية العميلة مع العدو، والإعلان الواضح للعلاقات كانت تتم في الخفاء ويعلنون عنها اليوم، في ظل استمرار المراهنات على الإدارة الأمريكية التي تخدم المشروع الصهيوني، وما تُطلق عليه واشنطن الخطر الإيراني هو فقط فزّاعة تستخدمها لاستجلاب الأنظمة العربية نحو المزيد من الخنوع".
وشدّد مزهر على أنّ "شعوبنا العربية ستنتفض يوماً في وجه جلاديها لتزيل أنظمتهم وتنحاز للقضية المركزية قضية فلسطين، وقطار التطبيع لا يُمكن أن يتوقّف دون إشعال انتفاضة عربية شاملة تُشكل صدمة لأنظمة الرجعية العربية وتثير الشعوب ضدها".
ولفت إلى أنّ "إلغاء اتفاق أوسلو بكل إفرازاته يعد ممراً إجبارياً لوقف قطار التطبيع، إذ لا يُمكن الوقوف في وجه المطبعين بينما جزء من شعبنا يطبع مع العدو"، أمّا عن اجتماع الأمناء العامين، فقال مزهر إنّ "الاجتماع بهذه الطريقة وهذا الأسلوب هو خطوة مهمة من أجل فتح الباب أمام الوحدة الوطنية، ونحن سجّلنا عدّة ملاحظات على هذا الاجتماع".
وأكَّد على أنّ "الحوار الشامل هو الطريق لإنهاء الانقسام، لكنّ الثنائية والمحاصصة بين حركتي فتح وحماس لا يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الوضع المأساوي الذي نعيشه. الشراكة الوطنية الفلسطينية تتمثّل في إدارة الوضع الفلسطيني وفي النضال ومواجهة العدو الصهيوني".
وقال مزهر "سجلنا اعتراضنا على الثنائية التي تمت بين حركتي فتح وحماس، وأن يأتون للفصائل بعد جلساتهم هو أمر مرفوض، ولن نقبل أن نكون مجرد شاهد زور، وبات لزاماً على حركتي فتح وحماس أن يعتذروا لشعبنا عن سنوات طويلة من الانقسام".
وتابع مزهر: "يتحدّثون عن انتخابات، هل هي انتخابية وطنية شاملة؟ نؤكّد أن الأولوية هي انتخابات مجلس وطني فلسطيني، ونحن نعيش مرحلة تحرر وطني والأساس هو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وفي ظل الحديث عن اجتماع قادم للأمناء العامين نؤكّد على ضرورة ألا يكون اجتماع لإلقاء الخطابات، نريد طاولة حوار وطني شامل للوصول الي مخرجات تعزز الشراكة الوطنية".
ورأى مزهر أنّه "إذا تكرّر في الاجتماع القادم ما حدث في الاجتماع الأوّل فإن النظام السياسي يؤسّس لكارثة جديدة لا تقل عن كارثة الانقسام، والمطلوب أولاً إعلان انتهاء المرحلة الانتقالية ودفن مرحلة أوسلو هذه الجثة العفنة، ونحن عندما نطالب بإلغاء اتفاقات أوسلو فإننا نطالب بتطبيق قرارات المجلس المركزي لبناء وحدة وطنية حقيقية واشتقاق إستراتيجيات المواجهة مع العدو، ويجب سحب الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي وتكون مرجعية الانتخابات مرجعية وطنية".
وأشار إلى أنّ "أي انتخابات تشريعية تحت سقف أوسلو سيعيد إنتاج أزمة المأزق السياسي الفلسطيني، لذا نؤكّد أنّه يتوجب أولاً سحب الاعتراف بدولة الاحتلال وإلغاء اتفاق أوسلو لتكون المرجعية الأساس للانتخابات مرجعية وطنية خالصة"، مُؤكدًا أنّ "شعبنا يعيش حالة من اليأس والاحباط وفقدان الثقة لذلك لا يعول على مثل هذه الخطابات والإعلانات التي يتعامل معها كما سابقتها".
ولفت إلى أنّ "المطلوب اليوم هو استعادة ثقة المواطن الفلسطيني من خلال الجدية فيما نذهب إليه بعيدًا عن المناورات، والاشتباك الشامل ورفع كلفة الاحتلال هو طريقنا لتحرير شعبنا من حالة اليأس والاحباط واستعادة ثقته بقواه وفصائله، فلم يعد مقبولاً على شعبنا أن تلجأ الفصائل للحوار كنوع من المناورة وكسب الوقت".
وشدّد على أنّ "المُشاركة في انتخابات المجلس الوطني أمر لا نقاش فيه بالنسبة للجبهة الشعبية، ونحن نبحث عن مساحات القواسم المشتركة مع الكل الفلسطيني، ومحسوم لدينا أمر المشاركة في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، لكنّ المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي هذا أمر محكوم في الإطار السياسي لهذه الانتخابات ومرجعيتها السياسية، والجبهة ستفكر جيدًا في هذا الأمر، وقد تحسم خيارها وتشارك في هذه الانتخابات، وفي حال تغيّر الحال ستبحث الجبهة المشاركة من عدمها في هذه الانتخابات".
وفي سياقٍ آخر، قال مزهر، إنّ "المؤامرة التي تُحاك ضد وكالة الغوث واسعة وتنخرط فيها دول عدة بما فيها أطراف عربية والهدف الاساس تصفية وجود الأونروا، لكنّنا نناضل من أجل العودة للديار التي هجرنا منها، وفي سياق المحاولات الهادفة لإنهاء دور وكالة الغوث أوقفت الإدارة الأمريكية تمويل الوكالة، وهناك دول عربية لم تدفع مخصصاتها حتى اليوم وهذا أمر خطير جدًا".
وأكَّد مزهر أنّ "هناك بعض المتواطئين والمتآمرين على قضية اللاجئين، ومن هنا نظمت الجبهة وقفات احتجاجية على امتداد قطاع غزة لأنها تدافع عن اللاجئين وحقوقهم، وتوّجت هذه التحركات والاحتجاجات باجتماع مع مدير عمليات أونروا ماتياس شمالي في مكتب الجبهة الشعبية وجرى حديث مطوّل لأكثر من ساعة ونصف حددنا فيه مطالب اللاجئين الفلسطينيين".
وتابع: "جرى اتفاق مبدئي للاستجابة لمجموعة من المطالب ونحن اليوم نراقب تنفيذ ما اتفق عليه، وبالفعل تم إعادة عمال البطالة وإعادة فتح العديد من مراكز توزيع المساعدات على اللاجئين"، مُؤكدًا أنّ "الجبهة ستظل تُناضل ضد المؤامرة التي تستهدف الاونروا من جهة وضد محاولات المنظمة الدولية التنصل من مهامها وواجباتها تجاه اللاجئين وفي هذا السبيل ستواصل سيرها مُنحازة للاجئين وحقوقهم".
وقال مزهر إنّ "الجبهة قدّمت في اجتماع قيادتها مع مدير عمليات الأونروا مطالب اللاجئين وتعهّد بتلبية محاور هامة منها، وعليه لا زلنا نراقب مدى الالتزام بهذا التعهد بعد أنّ كان هناك بطؤ وتقليص في المعونات الغذائية التي أثّرت على اللاجئين الفلسطينيين".
وشدّد على أنّه "من صباح الغد سيعود عمال المياومة في الأونروا لأعمالهم وسيتأنف توزيع المساعدات الغذائية على اللاجئين، وجرى الحديث عن الكثير من المواضيع تتعلق بفتح مكاتب جديدة في القطاع، والحديث عن الطرود الصحية التي توزع على اللاجئين، كما جرى الحديث عن تصويب العلاقة مع اتحاد الموظفين في غزة".
وأوضح مزهر أنّ قضية اللاجئين مركزية بالنسبة لنا في الجبهة وسنظل نناضل من أجل حماية الأونروا والحفاظ على دورها ومهامها تصدياً للمخطط الامريكي الذي يهدف لتصفيتها كخطوة على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، وفي اجتماعنا مع رئاسة الأونروا ضغطنا من أجل تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتعليمية وزيادة المساعدات التي ستوزع على اللاجئين، كما شكلت الجبهة الشعبية لجاناً خاصة لمراقبة ومتابعة التزام الأونروا بالتعهدات التي قطعتها لها وإسنادها في المهام الإغاثية والتوعوية التي تنفذها".
أمَّا عن جائحة كورونا، فقال مزهر إنّها "زادت من معاناة شعبنا خاصة في قطاع غزة في ظل الفقر الشديد وتفشي البطالة لذلك نؤمن أنه يتوجب على السلطة الفلسطينية أن تضع خطة انقاذ شاملة للقطاع لتعزيز صمود المواطنين قبل أن ندعوهم للانخراط في عمليات انتخابية وغيرها، ونضالنا للحفاظ على حق اللاجئين وغيرهم من أبناء شعبنا مستمر لن يتوقف، هذا جزء من برنامج عمل الجبهة الشعبية التي أطلقت مؤخراً حملة وطنية للدفاع عن حقوق اللاجئين التي ستتجه نحو المأسسة وإشراك القوى والشخصيات الوطنية كافة فيها".
ورأى مزهر أنّ "شعبنا يحتاج إجراءات سريعة وعاجلة في القطاع بشكل أساسي وكافة أماكن التواجد الفلسطيني، إيجاد خطة إنقاذ وطنية شاملة باتت ضرورة مُلحة".
وأكَّد على ضرورة "توحيد العمل القانوني والقضائي، وتوحيد العمل المؤسساتي، ووقف الاعتقالات السياسية وإطلاق الحريات وهو أمر أساس، ومن يتحدّث عن الانتخابات يجب عليه الالتزام بها لاستعادة ثقة المواطنين، ولماذا لا يكون هناك خطة وطنية بين الضفة وغزة و القدس لمواجهة أزمة كورونا؟ وقد تكون هذه الخطوة تعزز الثقة بين المواطن والمسؤول. هذه خطوات ضرورية ومهمة لمواجهة الجائحة، مع ضرورة تخفيف الاجراءات ضد المواطنين وعدم استخدام العنف من قبل الأجهزة الأمنية والتعامل بحكمة ومسؤولية".
وشدّد أيضًا على ضرورة "إطلاق مشاريع خاصة بالشباب، والتركيز على كل القضايا المهمة والضرورية لمواجهة هذه الجائحة التي سينتصر عليها شعبنا لأنه أمامنا مسيرة طويلة في مواجهة سرطان الاحتلال الإسرائيلي، وكل هذا لا يمكن أن يتحقق من دون تحقيق الوحدة الوطنية حتى نجبر الاحتلال على الاعتراف بكامل حقوقنا الوطنية".
كما قال إنّ "شعبنا سينتصر على جائحة كورونا وعلى الاحتلال وسيحيا كريماً على أرضه، ولكنه يحتاج وحدة وطنية حقيقية واستراتيجية شاملة ليتمكن من مواصلة نضاله".
وعن حالة الاستهداف للجبهة الشعبية، قال مزهر أنّها "مُستمرة من قبل العدو وظهيره وحلفائه وهي تاريخية منذ تأسيسها، ولكن الجبهة بكفاحها تؤكّد أنّ من يعتقد أنه يمكن أن يقضي على الجبهة واهم، والجبهة ماضية في نهج الكفاح المُسلح وهي جاهزة لدفع ثمن ذلك مهما بلغ".
وأكَّد على أنّ "الاحتلال يُدرك مدى جديتنا في تبني الكفاح المُسلح لذلك يُصعد حملاته ضدنا وما حدث في عين بوبين وما تلاه خير مثال على ذلك"، مُشيرًا إلى أنّ "الجبهة بخير رغم كل الملاحقات من العدو الصهيوني، وما جرى مع الرفيقة المناضلة ليلى خالد خاطفة الطائرات والتي يعرفها القاصي والداني هو ديدن الاحتلال في ملاحقة المناضلين، والاحتلال فشل في ثني المناضلة ليلى خالد عن ممارسة كافة الوسائل النضالية ضد هذا العدو".
وشدّد على أنّ "مُلاحقة الرفيقة ليلي خالد مستمرة منذ انخراطها بالعمل الثوري ولكن ذلك لن يفلح في النيل منها ولا من رفاقها، وما حدث معها مؤخراً من قبل بعض وسائط التواصل الاجتماعي الامريكية يأتي في هذا السياق، والجبهة الشعبية تُحدد معسكر أعداء شعبنا ومعسكر أصدقائه بوضوح وعلى هذا الأساس تُدير علاقاتها، وقد اختارت الجبهة أن تكون جزءً من محور المقاومة الذي يقف سداً في وجه التغول الصهيوني والأمريكي".
وقال إنّ "الولايات المتحدة سعت وتسعى لتحييد الدول المؤثرة في المنطقة وما يحدث في سوريا استكمالاً لهذا المخطط الذي يتركز حالياً على سوريا لتهشميها على طريق أن تتسيّد دولة الاحتلال في المنطقة"، لافتًا إلى أنّ "محوّر المقاومة من فلسطين وحتى إيران و اليمن ولبنان والعراق وسوريا قوي ويُجدد نفسه ولن يستطيع العدو أن يضعفه مهما حاول، وفي النهاية فإن هذا المحور سينتصر".
ورأى أنّه "بالرغم ما جرى من انهيارات للنظام الرسمي العربي إلّا أنّ شعبنا من المحيط حتى الخليج لا زال على موقفه يرفض العدو ويلفظ وينبذ من يتواطأ أو يتعامل معه، ولا يمكن أن تنجح المحاولات الأمريكية في محاربة الشعوب في ظل تقدّم محوّر المقاومة الذي يحارب هذه الغدة السرطانية التي ستزول حتمًا لأنّ الشعوب العربية لا زالت تلفظ هذا العدو الصهيوني، ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد لليوم والشعب المصري يرفض التطبيع ويرفض أي شخص يقيم علاقات مع العدو".
كما أكَّد مزهر على أنّ "نضالنا مُستمر حتى دحر العدو عن كامل التراب الوطني الفلسطيني لأنّ المقاومة الفلسطينية بأشكالها المُتعددة باقية وقوية ولن يفلح العدو في كسرها رغم ما استهدفها من قتل وحصار، شعبنا بمقاومته لن يرفع راية الاستسلام أبداً، ولأنّ العدو الصهيوني بكيانه طارئ على منطقتنا ولن يُعمر فيها طويلاً".
ورأى مزهر أيضًا أنّ "عود المقاومة يتجذّر يوميًا، وأشكالها المتعددة هي محل نقاش في الأطر الوطنية، وكل محاولات الاحتلال لكسر المقاومة فشلت ولم تنجح رغم شن الاحتلال ثلاث عدوانات على القطاع، وشعبنا سيبقى يقاتل ويقاتل ويقاتل من أجل استعادة الأرض والحرية والعودة والاستقلال".
وقال مزهر إنّ "الجبهة لديها إيمان وقناعة مطلقة بأن النصر حليف الشعوب الحرة المضطهدة التي تقاتل من أجل الحرية لأنّ هذا العدو طارئ على هذه الأرض وسيرحل عاجلاً أم آجلاً بفعل الصمود الأسطوري للشعوب، وأي اتفاقيات أو تفاهمات مع هذا العدو الإسرائيلي هي مرفوضة تمامًا والجبهة الشعبية تؤمن بحق شعبنا في مقاومة عدوه وعلى هذا الطريق ترفض أي تفاهمات يُبرمها أي طرف كان مع الاحتلال".
وشدّد على أنّ "الجبهة الشعبية حريصة على استمرار الحياة الديمقراطية داخل مؤسساتها، وعلى هذا الطريق تعقد مؤتمراتها الانتخابية، والآن تجري الانتخابات على قدمٍ وساق لعقد مؤتمرها الوطني الثامن الذي نتمنى أن ينعقد بداية العام القادم".
وفي سياقٍ آخر، قال مزهر إنّ "الجبهة تُدين إطلاق الجيش المصري النار باتجاه الصيادين في عرض البحر الأمر الذي أوقع شهيدين في صفوفهم، ولإيماننا بمصر كشقيقة لشعبنا نُطالبها بفتح تحقيق هذه الحادثة ومُحاسبة المُتسببين بها"، موجهًا في ختام حديثه "كل التحيّة لأسرى الحرية في سجون الاحتلال وفي مقدمتهم القائد أحمد سعدات الأمين على وصايا وعهد الشهداء، وكل التحيّة لأسرى شعبنا من مختلف الفصائل الذين يٌقاتلون العدو في خندق المواجهة الأول، العهد لهم أن نواصل الكفاح وأن نٌقاتل لتحريرهم".