•  تأليف الكاتب / يوسف أبو شعبان

 كان ياما كان في قديم الزمان، ثلاثة أصدقاء، "مجد" ،"سامر"و"رامي" كان يشغلهم الشغف في التعرف على صفات الحيوانات فقرروا أن يزوروا حديقة الحيوانات واختاروا يوم الإجازة حفاظا على دراستهم وعندما جاء موعد الرحلة تجمع الأصدقاء وانطلقوا فرحين أخذوا معهم الطعام والشراب لكي يستمتعوا برحلتهم وفي الطريق تبادلوا الحديث عن أنواع الحيوانات وصفاتهم وفي كل خطوة كانوا يخطوها يتم النقاش بينهم ويزدادوا شوقا للمعرفة، حتى وصلوا الحديقة.

أول شيء فعلوه ذهبوا إلى النملة.. فتقدم مجد إليها وسألها: أخبرينا أيتها النملة عن نفسك فقالت: اسمي النملة وأنا من الحشرات ويبلغ طولي اثنين مليمتر كما يوجد لدي دماغ جميل أفكر به ولي ستة أرجل وقرنين للاستشعار وهنا تدخل سامر وسألها: هل تفيدين البيئة أيتها النملة؟ نعم أنا مفيدة ولي دور فعال في الحياة. فقال سامر كيف؟ فقالت: أنا أتغذى على بعض الحشرات الضارة ومن خلال بيتي أحافظ على تهوية التربة، كما أقضي على المواد العضوية في الأرض فقال لها رامي: هل تبيضين أم تلدين. فقالت أنا أبيض ملاين البيضات.

هذا جميل جدا ورائع، فأيتها الصغيرة إياك أن تقولي إن لك قلب. يا سلام عليك يا شاطر، من قال لك أنني بلا قلب؟! أنا لي قلب كبير يحب ويسامح. رامي: إذا ما هو شكل قلبك وكيف يعمل وما لون دمك؟ قلبي على شكل أنبوبة ولا يوجد لدمي لون، هل هذا يكفي أنا مشغولة ولدي عمل. ابتسمنا لها وشكرناها على هذه المعلومات القيمة ثم ودعناها وانطلقنا، للقاء حيوانات الحديقة.

واصلنا سيرنا حتى اقتربنا من بطة. فقال سامر: أيتها البطة الجميلة، هل بإمكانك أن تحكي لنا عن نفسك. ابتسمت ورفعة رأسها باسمة وقالت: أنا من الطيور وأستطيع السير على الماء، كما أستطيع السير على اليابسة، نحن لنا سلالات كثير، تبلغ مائة وسبعة وأربعون عائلة، فقال لها ما هو نوع طعامكم، فقالت: نحن نأكل الطعام النباتي مثل أوراق الأشجار والبذور. فقال رامي: هل تختلفون عن الوز، نظرت إلينا ضاحكة وقالت: بالطبع نحن من عائلة كبيرة، ما يجمعني بها من صفات أنها تطير مثلي وتشبهني فقال مجد: كيف أميز بينكما، ردت البطة قائلة: الوز أكبر منه حجماً ويُصدر أصواتاً تشبه الزمير أو الصياح وبخصوصنا لدينا خياشيمٌ مرتفعة أكثر في الرأس. منقار الإوز أعرض من منقاري ومحدّب بشكلٍ أكثر، رأس الإوز أصغر من راسي ولكن رقبته أطول، أرجل الوز أطول وأعرض من أرجلي مما يجعله يمشي بطرقيةٍ أفضل مني. قلنا لها: أيتها البطة، نتمنى لك حياة سعيدة.
 
تركناها ومضينا واتجهنا إلى القرود اقترب رامي من قرد وقال له: مرحبا صديقنا الذكي.. جئنا كي تحكي لنا عن نفسك. قال القرد مبتسما يتراوح طول القرد من مائة وأربعين إلى مائة وستين ملم من ضمنها ذيله، كما يزن ما بين مائة وعشرين إلى مائة وأربعين جراما، و هناك بعض الأنواع الأصغر حجما من القرود والتي يبلغ طولها متر واحد، وقد يصل وزنها إلى خمسة وثلاثين كيلو جراما للقرود أرجل طويلة وأذرع لينة كي يتمكوا من التسلق ، وبإمكان القرود تقشير الثمار بنفسها ، مثل الموز ، حيث نقوم بالتقاط الأشياء جيدًا ، كما أن لدينا رؤية جيدة بعيون تتجه للأمام وغالبًا ما يقال إنها تشبه إلى حد كبير العيون البشرية ، ويمكن لبعض أنواع القرود أن يرون اللون ولكن معظمها لا يرى سوى اللونين الأبيض والأسود. قال سامر: سمعت معلومة تقول إن هناك فوائد لذيل القرد وطوله، أخبرنا عن فوائدها. قال القرد: كل القردة لها ذيول تستخدمها لتحقيق التوازن وهذا هو السبب في أنها طويلة جدًا، وتساعدنا بالقفز عموديًا، وقد نكون قادرين أيضًا على التقاط الأشياء بذيولنا، وهذا يعتمد على أنواع وطبيعة القرود.
 
شعرنا بالفرح من كم المعلومات التي حصلنا عليها، وشكرنا القرد، بعد أن قدمنا له الموز ثم اتجهنا إلى الفيل، اقترب رامي منه وسأله أيها الكبير الضخم، هل أنت جاهز لتحدثنا عنك وعن سلالتك؟ حرك الفيل خرطومه وقال: أنا حيوان ثديّ ضخم، ومن أكبر الحيوانات البريّة على وجه الأرض، وبالرغم من ضخامة جسمي إلا أنني كائن لطيف وهادئ ومسالم، وأعبّر عن مشاعري بشكل واضح، فيمكن ملاحظة حزني أو فرحي، يوجد في دماغي مركز مسؤول عن العاطفة، مثل الإنسان، وأتشابه معه بأنّ صغيري يولد بدون أسنان، ثم تنمو أسنانه تدريجياً بنمو الفيل، مع ذلك صغيري قوي وشديد الذكاء، ويقدّر وزن مخّ طفلي خمسة كيلو غرامات فقال مجد: هل تتغذى على اللحوم أم على الخضروات وكم ساعة تنام وتأكل؟ فقال الفيل: أقضي حوالي ستة عشر ساعة وأنا أتناول الطعام، وأتعذّى بشكل أساسي على الأعشاب الخضراء وأقضي أوقات طويلة في البحث عن الطعام، وأمشي خلال ذلك مسافات بعيدة، يساعدني في تحديد أماكن الغذاء والماء قدرتي الكبيرة على الشم. أنا لا أنام سوء ساعتين أو ثلاثة في اليوم. قال سامر: هل هناك أنواع من الفيلة؟ إن كان هناك، أتمنى عليك أن تخبرنا بذلك ابتسم الفيل وقال: بكل حب سأحكي لكم.. تنقسم الفيلة إلى نوعين أساسيّين، وهما: الفيل الإفريقي: وهو الفيل الذي يعيش في الصحراء الإفريقية، وهو النوع الأضخم على وجه الأرض حيث تصل أوزان الفيلة البالغة إلى خمسة آلاف وخمسمئة كيلو غراما ًوالفيل الهندي: وهو النوع الذي يعيش في جنوب وشرق آسيا، ويبلغ متوسّط وزنه ثلاثة آلاف وستمئة كيلو غراماً. انتهى الفيل من التعريف بنفسه وبعائلته فطلبنا منه أن نلتقط صور تذكرية معه فرحب، تصورنا سويا، بعد ذلك شكرناه على حسن الضيافة وودعناه.

 تابعنا رحلتنا، ذهبنا إلى قفص الزرافة، لم نستطع الحديث معها، فهي طويلة جدا. توجهنا للحارس وطلبنا منه المساعدة بأن يحضر لنا الرافعة لنستطيع التواصل معها، فأحضر الرافعة مشكورا، صعدنا بها، حاولنا الحديث معها فلم تستجب لنا، فنادينا على المرشد ليحدثنا عنها. فقال لنا: تُعدّ الزرافة من الثديّات الأفريقيّة التي تمتاز عن غيرها من الحيوانات برقبتها وساقيها الطويلتين للغاية، وأيضًا بالعظمتين الشبيهتين بالقرون في أعلى الرأس. الزرافة لها ثمانية أنواع وما زالت على قيد الحياة، وسبعة أنواع أُخرى انقرضت منذُ زمن، حيث لا تزال الزرافات موجودة في العديد من المتنزهات والمحميات ولكن تشير التقديرات إلى وجود حوالي سبعة وتسعون ألف وخمسمائة من الزرافات في البرية حتى عام 2016، وتوجد تحديدًا في السافانا والأراضي الحرجية، وتتغذى الزرافات على الزهور والأوراق والفواكه ومن النباتات الخشبية، ولكنها تُعدّ فريسة للأُسود والكلاب البرية الأفريقية والفهود والضباع المرقطة.
 
شكرنا المرشد على وقته الثمين ومساعدته الطيبة المثمرة بالمعرفة وطلبنا منه إن كان وقته يسمح أن يرافقنا في الحديقة، ليشرح لنا عن باقي الحيوانات، فرحب بالفكرة مشكورا، سرنا سويا، رن جرس هاتفه فطلب منه أن يرد على المكالمة، فوافقنا بكل سرور وابتعدنا قليلا حتى لا نسمع ما يدور من حديث. وبعد الانتهاء من المكالمة، اعتذر بسبب أمر طارئ ووعدنا بالمرة القادمة أن يرافقنا.

 انصرف المرشد ووصلنا رحلة المعرفة، توجهنا إلى الصديق الوفي للإنسان، فقال له سامر: جاء دورك لتحدثنا عن نفسك. نبح الكلب وهز زيله ترحيبا بنا وقال: أنا إحدى أنواع الثديّات المصّنفة ضمن قائمة الكلبيّات اللاحمة، وأطلق على لقب أفضل صديق للإنسان؛ لأنّني أتصف بالوفاء، حيث أنني أمتلك قدرة عالية على تذكّر صاحبي، حتّى لو انقطعت عنه فترة زمنيّة طويلة، وللكلاب سلالات وأصناف عديدة أهمّها كلاب الصيد وكلاب الرعاة، وكلاب هاوند وكلاب الحقول، إضافةً إلى كلاب الحراسة، وهناك نوع جديد يستعمل فقط لجر العربات الجليديّة ويسمّى بكلاب الزلاقات، وجميعها تصدر صوتاً يسمّى بالنباح و يوجد أنواع مختلفة منها، وتعتمد على قوّتها ومنها.. كلب الذئب، هذا الكلب يتّصف بالقوة المأخوذة من الذئب، والوفاء المأخوذة من الكلب، وتندرج ضمنه مجموعة من السلالات أهمّها الهوسكي الالسكي، والهوسكي السيبري إضافةً إلى الراعي الألماني، وتنتشر بشكل كبير في المناطق الباردة وتحديداً المتجمدة وهناك كلاب الزينة وكلاب الصيد، التي تطارد فريستها. كان الكلب فرحا وهو يسرد لنا عن عائلته ولحظة الانتهاء من حديثه، طلبنا منه أن يسمح لنا بأن نمضي في رحلتنا فأصابه الحزن على فراقنا، شعرنا بهذا الشعور ونحن ننظر صوب عينيه، فوعدناه أن نبقى أصدقاء ونأتي دوما لزيارته ومضينا حتى وصلنا إلى القطط، اقترب رامي منها وهو يقلد صوتها بالمواء وسألها أيتها الجميل، يا صديقة الأطفال حدثينا عن نفسك. فقالت: القطة: القطط أكثر الحيوانات قرباً من الإنسان، وهي حيوانات أليفة، يربيها كثير من الأشخاص، وتعيش مع الناس منذ ما يزيد على سبعة آلاف عام، وتنتمي القطط للثديّات، وهناك الكثير من أنواع القطط، التي تختلف في الأشكال والألوان والأحجام قال مجد: حدثينا عن بعض انواع القطط. قالت القطة: هناك القط الحبشي، وهو من أذكى أنواع القطط. والقط الشيرازي، ويتميز بطول شعره، وحبه للكسل والخمول. والقط السيامي، ويتميز بجمال صوته وعذوبته. والقط المانكس، وهو بدون ذيل، ويتميز بطبعه الهادئ. وأيضا هناك القط البورما، ويتميز بعيونه الذهبية والقط الروسي، وهو من القطط الهادئة جداً.

تناسينا أنفسنا ونحن نبحر في رحلة المعرفة حتى اقتراب غروب الشمس فقررنا العودة إلى بيوتنا ودعنا الحيوانات لفت انتباهنا ملك الغابة وهو يتمطى على الأرض حزينا، صرخنا به، لا تكن ضعيفا، أين زئيرك يا ملك الغابة؟ سقطت من عين الأسد دمعه وقال بحزن: أيعقل أن يكون الملك في قفص؟ نظرنا إلى بعضنا بعضا فانتفض واقفا زأر، زأرة، هز صوته المكان فشعرنا بالخوف، انقبضت قلوبنا، ثم رفع رأسه اتجاهنا قائلا: أنا ملك الغابة، أتعلمون لماذا لقبت بهذا الاسم، بكل بساطة لأن الأسود لها لبدة، شُبٍّهت بتاج الملك، فلبدة الأسد تضفي علينا هيبة، وتمنحنا مظهرا مخيفا، وجذاباً. نتميز بعضلاتنا القوية، وبكتلة عظامنا القليلة نسبيّاً مقارنة مع احجامنا، مما يمنحنا في مشيتنا هيبة، كما أنّنا نمتلك عضلات في الجزء الأمامي من أجسامنا، تمتاز بقوة كبيرة، فنحن قادرين على توجيه ضربة قوية بأطرافنا الأماميّة، تستطيع شقّ ظهر حيوان ضخم، كما نتميز بأننا حيوانات اجتماعية، تعيش ضمن القطيع ونتمتع بقوة ترهب الجميع وصوتنا يسمى زئير وهو صوت مرعب ومخيف، فزئيرنا القوي، يعد جزءاً من هيبتنا، ويمكن سماعه عن بعد عدة أميال نمتلك حاسة شم قوية ومميزة، وتمكّننا من معرفة وجود الفريسة، كما تمكننا أيضاً من معرفة أنّ كانت تتوجد سابقا في المكان فريسة، بل ونستطيع أيضاً تحديد وقت تواجدها في ذلك المكان، كما أننا نتمتع بحاسة بصر تفوق حاسة البصر عند الإنسان بخمسة أضعاف فقال مجد: يا ملك الغابة ما هو أكلك المفضل.. فقال الأسد أكلي المفضل هو اللحوم.. فقال رامي: سمعت أن لك أكثر من اسم، فهل تذكر لنا بعضها. دار الأسد حول نفسه وقال بشموخ: اسمعوا الأسماء جيدا.. أَبُو لِبْدَة، أَخْنَس، أَشْجَع، أَضْبَط، جَسَّاس، حَطَّام، حَيْدَر، خَبُور، خُنَافِس، دِرْوَاس، دَوْكَس، رَاهِب، سَارِي، سَبَنْتَى، سِيْد، شَدْقَم، صَارِم، صَيَّاد، ضُبَارِمَة، عِفْرَاس، عِفِرِّين، عَنْبَسَة، غَضَنْفَر، فَدَوْكَس، فُرَافِص، فِرْفَار، قَبَّاب، قَضْقَاض، كَفَّات، مَاضِي، مُجَالِح، مَرْثِد، مُسْتَلْحِم، مُصْطَاد، مَيَّاس.. يكفي ذلك. فقال سامي هل لك أسماء أخرى؟ فقال الأسد: لي أكثر من ثلاثمائة اسم وبدأ يسردها ويفضفض لنا عن أوجاعه ويحكي عن جمال الحرية في الغابة وكلنا آذان صاغية له، نستمع منسجمين وإذا بمكبر الصوت يعلو ويقطع حالة الانسجام التي عشناها ويخبرنا بأن الحديقه سوف تغلق أبوابها خلال خمسة دقائق. ودعنا الأسد مسرعين وخرجنا ومازالت صورته الحزينة مطبوعة في مخيلتنا، سرنا في الطريق صامتين، نتسأل، الله خلق الحيوانات أحرار، فما جريمتهم ليعشوا، بدون حرية سحناء داخل الأقفاص، لماذا يصر الإنسان على تشويه كل شيء جميل من حوله؟!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت