- د. هاني العقاد
يتحدث نتنياهو باسم دولة الاحتلال وليس دولة تسعي للسلام والتعايش في الدورة 75 للامم المتحدة بعدما استمع لكل كلمات الرؤساء والزعماء من كافة انحاء العالم والتي اجمع غالبيتهم علي ضرورة تحقيق السلام في الشرق الاوسط عبر حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بتطبيق حل الدولتين وانسحاب اسرائيل من كافة الاراضي التي احتلتها عام 1967 , ولعل هذا الاجماع الكبير الذي يدعم الرؤية الفلسطينية ويحقق توازن منطقي لصالح الامن والاستقرار مبني علي اساس السلام الشامل والعادل بالمنطقة ازعج نتنياهو كثيرا وقلب كيانه السياسي مائة وثمانين درجة وجعله يخرج كل ما في جعبته المملوءة بالحقد والكراهية للفلسطينين ليصور ان اسرائيل وكانها كيان ضحية مسالم ضعيف مستهدف من المحيط الممانع للسلام ومنهم الفلسطينين وان اسرائيل تصد هذه المحاولات التي تستهدف في غالبها الكيان الاسرائيلي وتدافع عن نفسها . لغة نتنياهو كانت لغة الكذب واسلوبه اسلوب قلب الحقائق وتزوير الوقائع واستغلال قشور تافهة من الدبلوماسية التي سعت ادارة ترمب التي تعمل لاجل اسرائيل بالوكالة لتحقيقها ليس لعيون اسرائيل السوداء او خدمة لنتياهو الاحمق بل ليبقي ترمب علي سدة الحكم ولايه ثانية لادارة البيت الابيض.
قليلا ما ذكر نتنياهو كلمة السلام او تحدث عن الاستقرار في مفاهيم تدلل علي جنوح اسرائيل لسلام عادل وشامل يحقق التوسع الحقيقي والمنطقي القابل للاستمرار لدائرة السلام بالشرق الاوسط بدلا من الدائرة الوهمية التي رسمها برنامج التطبيع الامريكي الاسرائيلي والذي ياتي حسب مبادئ نتنياهو لصناعة السلام مقابل السلام متنكرا للسلام مع الفلسطينين بالمرحلة الاولي . لم يتطرق نتنياهو لاي مرجعيات ولا اي قرارات دولية من شانها ان تحقق السلام العادل والشامل وبدلا من ذلك اعلن عن نية اسرائيل العودة للمفاوضات مع الفلسطينين علي اساس صفقة القرن فقط دون ان يذكر ولو كلمة واحدة او حتي يلمح لدولة فلسطينية او حتي كيان فلسطيني مستقل او هوية فلسطينة سياسية علي الارض الفلسطينية , الا انه في المقابل تفاخر بتوسيع دائرة السلام علي حساب العرب من خلال اتفاقات التطبيع معهم واعتبر ان هذا المسار هو الاتجاه الصحيح نحو التفاهم في الشرق الاوسط مشددا علي ان كافة الصيغ السابقة للسلام صيغ فاشلة لم تحقق شيئ وكان اسرائيل بريئة من هذا الفشل ولم تكن مسؤولة يوما من الايام عن هذا الفشل الذي من خلال سعيها لتقويض كل الاتفاقات مع الفلسطينين التي لم تتقدم فيها نحو الحل النهائي لخطوة واحدة .
اتهم نتنياهو الفلسطينين باستخدامهم الفيتو منذ عقود من خلال اعتراضهم علي اي تقارب عربي اسرائيلي للسلام او التطبيع خارج معادلة الحلول السلمية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي واعتبر مطالب الفلسطينين بتحقيق قرارات الشرعية الدولية والتوصل لاتفاق سلام علي اساس مبدأ حل الدولتين ومباردة السلام العربية مطالب غير واقعية ولا يمكن ان تقبل بها اسرائيل وخاصة انهاء اسرائيل لاحتلال الارض الفلسطينية عام 1967 واعتبر اي تخلي اسرائيل عن هذه الخطوط بمثابة امر مستحيل ولا تقبل به اي حكومة اسرئيلية لانها لا توفر الامن للاسرائيلين علي اعتبار اسرائيلي ان الامن يجب ان يبقي بيد الاسرائيلين ضمن اي حل قادم للصراع وهذا يعني بقاء الفلسطينين بكل مكوناتهم السياسية والديموغرافية والجغرافية تحت الوصاية الامنية الاسرائيلية الي الابد . والاخطر ان نتنياهو في كلمته تحدث عن الضم وكانه بالفعل وقع والان اسرائيل في اوجه وبرر ذلك بان الاسرائيلين يقيموا الان في ارضهم بالضفة الغربية تحت السيادية الاسرائيلية وان تفكيك المستوطنات الكبري بالضفة الغربية يعتبر طرد لليهود من منازلهم التي يقيموا فيها وهو شكل من اشكال التطهير العرقي .
تعرض نتنياهو لحق العودة الفلسطينين واعتبر ان الفلسطينين هم الذين شنوا الحرب في العام 1948 علي الاسرئيلين في قلب واضح للحقائق وانكار لسرقة الارض وارتكاب الاف المجازر بحق القري والمدن الفلسطينينة ووممارسة حرب التهجير ضد المدنين الفلسطينين واعتبر ان اسرئيل لايمكن ان تستوعب عودة لاجئ هذه الحرب علي اراضيها وكأن الفلسطينين هم الغزاة من جائوا من اسقاع الارض لفلسطين واسسوا المنظمات الارهابية كالارغون وشتيرن وهاغاناة والبلماخ الاسرائيلية الارهابية...!! .الاخطر ان نتنياهو اعتبر تعاطي المجتمع الدولي مع مطالب الفلسطينين بدولة فلسطينية علي حدود الرابع من حزيران وتحقيق شرعي للقرارات الدولية وحماية الفلسطينين من الاحتلال الاسرائيلي اعتبره استسلام دولي للمطالب الفلسطينية في تعد واضح علي كل رغبات ورؤي وتوجهات المجتمع الدولي لحل الصراع التي اعتبرها وهم غير واقعي والابتعاد عن الحلول العملية .
كل ما تحدث به نتنياهو يدلل علي تهرب اسرائيل من السلام الحقيقي المبني علي اسس ومرجعيات تحقق الامن والاستقرار وتؤكد ان جنوح اسرائيل لاتفاقات تطبيع بديلة هي فقط لاجبار الفلسطينين للجلوس علي طاولة المفاوضات حسب ما تريد اسرئيل والعرب وامريكا لتكون صفقة القرن المرجعية الوحيدة للسلام , لا قرارات مجلس الامن ولا امم متحدة ولا مرجعيات محدد كمبادرة السلام لعربية ولا خارطة الطريق ولا اي مرجعيات يعترف بها المجتمع الدولي , كل ما تحدث به نتنياهو ان اسرائيل ماضية في ضم الضفة الغربية ولن تتخلي عن شبر واحد ولن تقبل باي عودة لاي لاجئين فلسطينين هو استمرار بالعدوان والاحتلال بالاضافة الي ان اسرائيل لن تقبل استمرار ايران في السعي لحصولها علي قنابل نووية تهدد بها اسرائيل ولن تقبل بان يقيم حزب الله قواعد ومصانع للصواريخ في قلب بيروت في اشارة الي ان اسرائيل يمكن ان تقصف هذه الاحياء يوما من الايام ليس كعدوان وانما لتدمير لدرء تهديدات حتمية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت