- بقلم علي بدوان
كانت بنايتنا، التي تقع بدايات شارع اليرموك، أول بناء تم تدميره في مخيم اليرموك في محنته في 18 شباط/فبراير 2014. فقد هوت تلك البناية بشققها التي كنّا نشغلها، أنا واشقائي، واصبحت أكوام فوق بعضها البعض، بما في ذلك، كل الموجودات المنزلية، التي لم يتبقى منها شيئاً يُذكر. وتبع ذلك بايامٍ لاحقة دمار الحارة بأكملها، وهي النصف الثاني من حارة الفدائية، أو شارع الشهيد مفلح السالم.
في تلك اللحظات، بَدَت بنايتنا التي اشدناها طوبة فوق طوبة، وعلى مراحل، وبالتقسيط،، وكأنها خط المتراس في تلك الزاوية من مداخل مخيم اليرموك، ومنها بدأت عملية تسليم (كراتين) المواد الغذائية التي وزعتها وكالة الأونروا.
دخلت الى تلك المنطقة، ووقفت على انقاض بنايتنا، احاول التقاط ماقذف به الإنفجار التدميري المدوي وغير المسبوق، من اغراضنا، وعلى مسافات محيطة بالمكان، وكان هناك بعض الأشياء البسيطة التي استطعت الحصول عليها.
في الصورة المرفقة : بنايتنا المدمرة من زاويتين. في الأولى عندما دخلت للمكان احاول التقاط ما اجده. والزاوية الثانية (بورتريه) من تصميم وكالة الأونروا، لتجمع الناس بعد عدة ايام أثناء الحصول على (الكراتين) والتي تم عرضها في عدة ساحات في كبرى العواصم العالمية. تلك الصورة التي عُرِضَ فيها حشود اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين يصطفون للحصول على مساعدات الأونروا الغذائية، وكانت اللوحة الإعلانية الأهم في العالم في ساحة (تايمز سكوير) بنيويورك وعلى مثيلتها الموجودة في ضاحية (شيبوا بطوكيو)، كما حلّت لوحة (مخيّم اليرموك) للفنانة النمساويّة (كاترينا تيريسيدي)، ضمن معروضات مجموعة "رحلة الى المجهول" الفنيّة، التي أفردت لها الفنانة معرضاً خاصّاً في العاصمة النمساوية فيينا.وجسّدت اللوحة، رؤية فنيّة فريدة، للصورة التي اشتهرت إعلاميّاً باسم "الخروج الكبير". اللوحة المرسومة بأدوات فحميّة، حرصت الفنّانة فيها على إبراز حدّة التعابير الإنسانيّة على وجوه الحشد البشري، مع إضفاء بعض الهالات النفسيّة عبر اللونين الرمادي والأسود، تعكس في عمق المتلقّي بعضاً من وقع المشهديّة. تجدر الإشارة، الى أنّ عدّة فنانين غربيين، استحضروا مأساة مخيّم اليرموك في أعمالهم الفنيّة ومعارضهم، بطرق وأساليب مختلفة، نذكر منهم الفنان الهولندي (كورت فان اس)، الذي أفرد زاوية خاصة في معرضه عام 2017 الفائت، لعرض أعمال تصويريّة عن لاجئين فلسطينيين في سوريا، وأوضاعهم ومأساتهم، تحت عنوان "القادمين الجدد".
الصورة، الأولى والثانية، تُقدمان المادة الخام، التي تصلح لتكون رواية حقيقية، رواية لشعبنا الذي تتالت عليه النكبات، منذ نكبته الكبرى عام 1948. ومع هذا مازال اليرموك ومواطنيه، يقبض على جرحه ويستمر في كفاح الحياة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت