- بقلم : فالنتينا نعمة
الكوفيد 19 هو حديث الساعة على المستوى المحلي والشعبي والعالمي، هذا الفيروس الذي غزا كافة دول العالم والذي أصاب ما يقارب 34 مليون من البشر على مستوى العالم لغاية اللحظة، وأزهق حياة المليون بني أدم لا يزال يلفه بعض الغموض، فهوية هذا الفيروس غير معروفة وبعض الحقائق لا زالت مجهولة للأطباء والعلماء من حيث الاعراض التي يشعر بها المريض، فهذه الاعراض متباينة من شخص لأخر وفقاً لجهاز المناعة الخاص به. في هذه الأيام يبذل العلماء والأطباء جهود جبارة من أجل إيجاد اللقاح اللازم الذي سيخفف من سرعة انتشار الوباء. وعلى الرغم من المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الأطباء والعلماء والدول والحكومات في التصدي للمرض وتبعاته ، فهناك مسؤولية مجتمعية من قِبل الناس تجاه حماية المجتمع وسلامة السكان. للأسف هناك الكثيرين الذين لا يلقون بالاً للمرض ويستهترون بالتعليمات والتوجهات العامة في مسلكهم مما يجعلهم عُرضة للوقوع في فخ الإصابة وبالتالي إصابة غيرهم والتسبب في إنتشار المرض وليس العكس في ضرورة تحمل المسؤولية المجتمعية لمقاومة المرض والحد من انتشاره.
أنا كنت واحدة من الناس الذين اصابهم الفيروس، ومن دافع مسؤليتي تجاه مجتمعي وإنسانيتي أرغب بمشاركة الأحبة والأصدقاء تجربتي مع هذا المرض. فأنا كغيري من سائر البشر باشرت عملي في بداية السنة الدراسية وبحكم عملي كمديرة مدرسة ساهمت مع الطاقم التدريسي من معلمين ومعلمات في تطبيق البروتوكول الصحي بما يتضمن الألتزام بما تمليه علينا الارشادات الصحية لسلامة المجتمع في التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وغيره ، إلا أني كنت عرضة للإصابة على الرغم من أخذ كافة الاحتياطات اللازمة.
لقد بدأت قصتي مع المرض بشعوري في بعض الآلام في أسفل الظهر والارجل والعيون وبهذه الاعراض ظننت انه ارهاق وتعب عام ، ولكن ذلك استمر لعدة أيام ومن ثم بدأت تظهر أعراض أخرى مثل التعرق والحرارة والزكام وفقدان حاسة الشم، وهنا بدأت الشكوك تراودني وبادرت إلى إجراء فحص الكورونا وجاءت النتيجة إيجابية. فأدركت بإني مصابة وكانت صدمة لي وللعائلة ، فشعرت بنفسي بأني دخلت في غمار هذه المعركة التي نسمع عنها منذ بداية العام ونحن جميعنا لا نعرف اطراف الصراع فيها ومن هو المسؤول عنها ولكننا ندرك أننا بتنا ضحايا، فعلى المستوى الشخصي أنا من خلال عملي كمديرة للمدرسة اتعامل مع المعلمين والمعلمات والطلاب والأهالي في ذات الوقت. فأصابني الهلع من منطلق حرصي على ان لا أكون قد نقلت العدوى لاحد من العاملين معي او طلابي، وهنا أدركت كم هي الخطورة التي نعيش بها، فالمدارس عبارة عن تجمعات وفي التجمعات يكمن الخطر الحقيقي فإذن هو وضع مخيف بل ومقلق في ظل غياب الكادر الصحي لمتابعة المرضى وعدم توفر ادنى مستويات الدعم للمصاب. وبالنتيجة فهناك كارثة مقبلة ولذلك لا بد من مراجعة الكثير من الملفات في حياتنا ولعل ملف المدارس من أهمها، فليس الموضوع فقط التعليم عن بعد ومدى فاعليته من عدمها بل الخطر يكمن في التجمعات ونحن نتعامل مع أطفال يصعب التحكم في ممارساتهم ولعبهم .فالخطر إذن يتربص في المجتمع بأسره.
مع كل الاحترام والتقدير للكادر الطبي في فلسطين وبما يبذلونه من مجهود في مساعدة المرضى في الإطار العام سواء على صعيد مصابي الوباء ، أو المرضى العاديين، إلا أننا يجب أن ندرك بإن الإمكانيات في فلسطين محدودة ، فلا زلنا دولة تحت الاحتلال وسلطات الاحتلال تتحكم في الكثير من متطلباتنا سواءً على صعيد الغذاء أو الدواء. من هنا يجب ان نعي أن دور الدولة في واقع الأمر هو دور محدود جداً ، فالدولة غير قادرة على توفير أماكن مخصصة لعزل المرضى كما في الدول الأخرى وحتى غير قادرة على تأمين العلاج الشافي. ولهذا فالمسؤولية الرئيسية ستقع على عاتق الشعب الفلسطيني بالإطار العام وعلى مدى وعيه في تحمل المسؤولية وعدم الاستهتار والتقيد بإجراءآت السلامة العامة للحد من إنتشار المرض.
فالمسؤولية الفردية للمواطن الفلسطيني في ظل الظروف الراهنة تجاه نفسه وتجاه الآخرين والمجتمع في غاية الأهمية ، فيجب ان لا نستخف بالموضوع، فأخذ الحيطة هي البوصلة الحقيقية لنا للنجاه والوصول إلى بر الأمان اذا تكاتفنا سوياً فرداً فرداً في المجتمع سنكون قادرين على النيل من المرض ومقاومته وبالنتيجة الحد من انتشاره وذلك بالابتعاد عن التجمعات العامة والخاصة. إن تجربة المرض مريرة على الصعيد الشخصي والأسري ولذلك ومن دافع حرصي على سلامتكم أتوجه إليكم فرداِ فرداً أن تجنبوا أنفسكم وتجنبوا الأخرين مرارة التجربة وذلك لسلامتكم جميعاً وهنا لا بد لي من توجيه أسمى آيات الشكر والعرفان لكافة الأخوة والاقارب والاحبة والزملاء على الحب الذي غمرتموني به في وقوفكم بجانبي مما كان له عظيم الأثر بالتخفيف عني مع تمنياتي لكم جميعاً بالصحة والعافية ودعونا نقف سوياً ونرفع الشعار عالياً لا للتجمعات ، بالتكاتف سوف نقاوم المرض ونقتص منه فالمسؤولية مجتمعيه وكلنا مسؤول.
* مديرة مدرسة لاتين عين عريك.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت