فوجئ سكان قرية فلسطينية نائية في نابلس شمال الضفة الغربية قبل يومين بمستوطنين إسرائيليين ينصبون منازل متنقلة على أراضيهم، في خطوة مهدت لإنشاء بؤرة استيطانية جديدة.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في السلطة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، لوكالة أنباء "شينخوا" إن المنطقة الشمالية الشرقية من أراضي قرية بيت دجن شرق نابلس شهدت على مدار أيام أعمال تجريف وشق طرق من مشارف مستوطنة "الحمرا" بالأغوار الوسطى، وصولا إلى القرية.
وأضاف أن المستوطنين وضعوا خمسة منازل متنقلة وحظيرة أغنام فوق أراضي المواطنين الفلسطينيين، ما يمهد لإنشاء بؤرة استيطانية جديدة في المنطقة، والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية.
ويملك المزارع الفلسطيني بسام عماوي، عشرة دونمات في المنطقة المقام عليها البؤرة الاستيطانية الجديدة يخشى عليها من المصادرة لصالح التوسع الاستيطاني.
وقال عماوي ل"شينخوا"، إن التمدد المحتمل للبؤرة الاستيطانية يهدد آلاف الدونمات من الأراضي في القرية والمناطق المجاورة لها، واصفا الاستيطان بأنه "سرطان" سريع التمدد ويلتهم الأراضي الفلسطينية.
ويشتكي عماوي من أن الجيش الإسرائيلي فور ظهور جرار زراعي أو آية آلية للمزارعين الفلسطينيين يقوم بمصادرتها بينما يوفر الحماية للمستوطنين وهم يشقون طريقا ويصادرون المزيد من الأراضي.
وتقع قرية بيت دجن ضمن المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أمنيا وإداريا.
ويشكو الفلسطينيون من صعوبة الحصول على تراخيص للبناء في مناطق (ج) من الضفة الغربية وشرق القدس بسبب ما يصفوها بشروط "تعجيزية" تضعها إسرائيل لذلك.
وقال رئيس مجلس قروي بيت دجن، عبدالرحمن حنيني إن نحو 15 ألف دونم من أراضي القرية مهددة بالمصادرة بفعل إقامة البؤرة الاستيطانية الجديدة وشق طريق يصل طوله 7 كيلومترات للوصول إليها.
واستهجن حنيني، إقامة هذه البؤرة ومد خط مياه إليها، في الوقت الذي منعت فيه إسرائيل إقامة خط ناقل لمياه الشرب للمواطنين الفلسطينيين، وصادرت معدات المشروع المعطل منذ ثلاثة أعوام.
وأوضح أن مساحة القرية تبلغ نحو 45 ألف دونم ويسكنها 4500 نسمة معظم أراضيها تتعرض بشكل دوري لهجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، بما في ذلك منع الوصول إلى الأراضي لاستصلاحها.
وتعرف هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية "البؤرة الاستيطانية" بأنها أي بناء جديد محدود المساحة وينفصل عن مسطح بناء المستوطنة، يتم بناؤه بهدف توسع مستقبلي لمستوطنة قائمة أو تمهيدا لإقامة مستوطنة جديدة.
ويواصل الفلسطينيون احتجاجاتهم الأسبوعية رفضا لمخططات إقامة بؤر استيطانية يقولون إنها تتحول فيما بعد لمستوطنات قائمة على أراض ذات ملكية خاصة يملك أصحابها أوراقا رسمية في تنفيذ غير رسمي لمخطط الضم الإسرائيلي.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وليد عساف، إن مستوطنين إسرائيليين أقاموا نحو 20 بؤرة استيطانية جديدة منذ بداية العام الجاري.
وأوضح عساف ل"شينخوا" أن أغلب تلك البؤر الاستيطانية يتم إقامتها في مناطق نائية يصعب الوصول إليها من أجل تكريسها على أرض الواقع كمناطق توسع استيطاني.
واعتبر أن ما يجري على الأرض من إقامة البؤر هو تنفيذ لمخطط الضم الإسرائيلي لتطبيق خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن" وربط المستوطنات الإسرائيلية فيما بينها وتقطيع أوصال القرى والبلدات الفلسطينية.
وحذر عساف من مخطط البؤر الاستيطانية، التي تنفذ على حساب آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين الذين يملكون أوراقا في ملكيتها.
ويعد الاستيطان الإسرائيلي من أبرز ملفات الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل في ظل توقف مفاوضات السلام بينهما منذ عام 2014.
والأسبوع الماضي دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى فعالية لزراعة الأشجار في قرية بيت دجن في نابلس من أجل حماية الأراضي من المصادرة بعد أن أقام مستوطنون بؤرة استيطانية في أعلى تلة مشرفة على الأغوار.
وقال منسق القوى والفصائل الفلسطينية نصر ابو جيش"، إن المستوطنين يريدون السيطرة على أعلى تلة في البلدة بعد أن شقوا طريقا جديدا يصل إليها يمر بأراضي المواطنين الفلسطينيين.
وذكر ابو جيش ل"شينخوا" أن الفلسطينيين يردون بتصعيد الفعاليات الاحتجاجية لتأكيد رفض البؤرة الاستيطانية والمطالبة بإزالتها، لكنهم يواجهون بحماية الجيش الإسرائيلي للمستوطنين.
وأكد ابو جيش أن الفعاليات الشعبية الفلسطينية سوف تتواصل في الأيام المقبلة لحماية أراضي المواطنين من المصادرة لصالح التوسع الاستيطاني، الذي يقول أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، فإن البؤر الاستيطانية توسع مجال سيطرة المستوطنات وتضاعف مساحات الأراضي الفلسطينيّة المصادرة في الضفة الغربية.
ويقطن ما يزيد عن 600 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس. واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تُعتبر مخالفة للقانون الدولي، لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أعلن في نوفمبر الماضي أنها لا تنافي القانون الدولي، في خطوة مثيرة للجدل قوبلت برفض فلسطيني قاطع.