- عماد عفانة
بداية يجب تثبيت حقائق باتت معروفة للجميع، تصدقها وقائع الميدان على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بقائمة الحلفاء والأعداء للقضية الفلسطينية.
أولا بات من البديهي أن استمرار الانقسام الفلسطيني مصلحة استراتيجية عليا للعدو الصهيوني، فبفضل هذا الانقسام ينجح العدو في تمرير مختلف مخططاته التوسعية، سواء على صعيد التوسع الجغرافي وضم الاراضي وتهويد الأرض والمقدسات، والاستمرار بالاستفراد بالقدس والضفة المحتلة، وعزل غزة في كانتون محاصر فقير ومنعزل.
أو على صعيد التوسع الاقليمي عبر ضم قائمة دول أخرى إلى قطار التطبيع العلني مع الكيان، واخراج علاقات كيان العدو مع دول عربية كثيرة، من اقبية الظلام إلى نور الحقيقة لتعرية عار العرب.
ثانيا بات من المؤكد أن الدول العربية ذات مصالح استراتيجية مع كيان العدو، وهي مصالح وجودية، مرتبطة ارتباط تبادلي، فان من وضع مخططات سايكس بيكو لتقسيم المنطقة، قد ضمن خلال تقسيمه للوطن العربي خلق كيانات عربية تحت مسمى دول وممالك وامارات، لضمان ولادة كيان العدو، ثم ضمان بقاءه واستمراره.
مع تثبيت حقيقة أن استمرار او بقاء أي حاكم أو رئيس أو ملك عربي على كرسي الحكم، مرتبط ارتباطا وجوديا بحرصه وعمله المخلص على بقاء وسلامة وأمن كيان العدو، لذلك رأينا كيف قضوا على صدام حسين ثم محمد مرسي ومن قبلهم الملك فيصل، عندما حاولوا مخالفة المحددات المرسومة لحكام العرب.
فما ان لوح عباس بالمصالحة مع حماس، وعقد اول لقاء للأمناء العامين في بيروت ورام الله، ثم عقد حوارات المصالحة في تركيا، حتى تقاطرت على رام الله الاتصالات ووفود المخابرات، والتي توجت بزيارة رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، الملياردير الأمريكي "رون لاودر"، بالأمس، في لقاء استمر ثلاث ساعات مع عباس.
وقد بدأ الدخان الأسود يتصاعد من هذه الزيارات والتي عبر عنها عزام الأحمد بتأجيل لقاء الأمناء العامون إلى أجل غير مسمى، ثم اعتذار مصر عن استقبال لقاء الفصائل في مصر، وأخيرا استعداد روسيا لاستقبال لقاء الفصائل.
وعليه بات علينا أن نتوقع أن لا يسفر لقاء الفصائل في روسيا "إن تم عقه أصلا" عن أي شيء جدي باتجاه المصالحة أو ترتيب البيت الفلسطيني.
خاصة اذا اضفنا ما كشفه التلفزيون الصهيوني بالأمس عن اتصالات بين العدو وقطر وقطاع غزة، حيث ستحول قطر بموجبه 100 مليون دولار لغزة بهدف شراء الهدوء مع حماس، لمدة ستة أشهر على الأقل.
كل ذلك تحت مطرقة التهديد بجولة تصعيد جديدة مع غزة، إذا لم تنجح محاولة التوصل إلى تسوية في ملف الأسرى والمفقودين في الأسابيع المقبلة.
يبدو أن كل الشياطين أجمعوا على ابقاء الأوضاع على ما هي عليه دون أي تغيير سواء في ملف المصالحة الفلسطينية، او انهاء ملف غزة، سواء باتجاه اتمام المصالحة وضمها الى حظيرة السلطة.
أو باتجاه شن عدوان مدمر يقضي على المقاومة فيها ويجرجرها لبيت الطاعة الصهيوني، بعد ثبت أن العدو نجح مبكرا جدا في جرجرة أغلب عواصم العرب إلى حظيرته.
هذا التأجيل هدفه تمرير فترة الانتخابات الأمريكية، ومعرفة اسم كلب البيت الأبيض الجديد، ثم التعرف على الاتجاهات السياسية للإدارة الأمريكية الجديدة.
وبما أن لا أحد من زعماء الكرتون، وملوك الكوتشينة، وأمراء مدن الزجاج يملكون قرارهم، فبأمر من اللوبي الصهيوني الذي يدير المشهد برمته، لا حرب ولا مصالحة قبل الانتخابات الأمريكية، بل مزيد من انكشاف عار التطبيع مع العرب، لزيادة أسهم ترامب في الفوز بكرسي البيت الأبيض من جديد.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت