ماهر الاخرس .. ايقونة الصمود والتحدي

بقلم: فراس الطيراوي

فراس الطيراوي.JPG
  •  بقلم : فراس الطيراوي / شيكاغو

ما اجمل ما قاله شاعرنا الفلسطيني الغائب الحاضر " توفيق زياد" طيب الله ثراه  " في قصيدة كأنها صيغت اليوم تصف الصمود الأسطوري للاخ المناضل والفارس الكنعاني الفلسطيني " ماهر الاخرس "  لا دمي تشربه الأرضُ. ....   ولا روحي تهدا ...  فاقتلوني - أتحدّى ... واصلبوني - أتحدّى ...وانهبوا كسرة خبزي - أتحدّى....واهدموا بيتي وخلّوه حطاما - أتحدّى... وكلوني واشربوني - أتحدّى... وطني أنت المفدّى.. والأماني التي تقطر شَهدا... وطني الحرقة والوجد الذي يأكل عمري... والهوى والضوء في عيني..  والشوق الذي يملأ صدري...هذه الأرض بلادي وسماها ولعي.. حاضري .. مستقبلي .. مهدي ولحدي.. ودمي .. لحمي .. فُؤادي .. أضلعي.. وهي أمي،وأبي ،وهي أبنائي، وجدّي، وتراثي .. وأغانيّ .. وأعلامي ومجدي.. بيتي العالي وعنوان التحدّي...وأنا الناس الحزانى... وأنا الشعب المعذّب.. وأنا العاصفة الهوجاء في وجه المظالم..  وأنا النهر الذي يجري ويجري جارفاً كلّ الطغاة... وأنا بركان عشقٍ للوطن.. وأنا الخضرة والشمسُ...  وقطرات الندى... فاقتلوني - أتحدى واصلبوني - أتحدى..لا دمي تشربه الأرضُ   ولا روحي تهدا. هذا هو حال الاخ المناضل  "ماهر الاخرس " فك الله قيده وقيد اسرانا البواسل جميعا في الباستيلات الصهيونية اللعينة هو يتحدى ومضرب عن الطعام منذ 80 يوما ويعيش على الماء والملح ، لقد قيل قديما ان الجوع "كافر" ولكنه على يد البطل ماهر الاخرس واسرانا البواسل اصبح الجوع " ثائر" فهو عنوان للعزة ، والكرامة، والصمود، والتحدي، والكبرياء، فهو المتسلح بالإرادة الفولاذية، والأسير الصامد والشامخ رغم عتمة الزنزانة، ومرارة السجن، وقساوة السجان، ورغم الجوع والألم فلقد اثبت انه عنوان للصبر، يتحمل الابتلاء، ويصبر على المعاناة، ويتجلد في وجه الخطوب، وأنه أقوى من المحن، وأشد من الصعاب، وأنه قادرٌ في سجنه على مواجهة الجلاد، وتحدي السجان، وكسر القضبان، وتجاوز حدود الجدران وهو يخوض غمار الموت ، وهو يعلم أن الإضراب عن الطعام طريقٌ ليس سهل ، ومسلكٌ خطر، وأنه قد يودي به إلى الشهادة، أو يلحق به أمراضاً وإصاباتٍ خطرة. ولكنه مع ذلك أصر أن يخوض الإضراب عن الطعام، لأنه يدرك أن العدو لا يستجيب لمطالبه، ولا يسمع لشكواه، ولا يلبي حاجته إلا إذا أرغم على ذلك. فأين انتم يا أهل الوفاء من الاخ المناضل ماهر الاخرس وكافة الاسرى البواسل الذين يقبعون في الباستيلات الصهيونية اللعينة و يدافعون عن كرامتنا، وعزتنا، واستقلالنا، وهم يستحقون منا ان يكونوا في حدقات عيوننا... لأنهم هم الأمناء على عروبة فلسطين وحريتها، وهم المرابطون في الخنادق الاولى للأمة المجيدة، و مدرسة الحرية، والنضال، والفداء، وهم المتجذرون في اقداس فلسطين، وأيام فلسطين، وأحلام فلسطين، فهم فخر الأمة، وفخر أحرارها،  يجب على الشعب وقواه الوطنية والإسلامية  ان يهب للدفاع عن هؤلاء الأبطال والرجال الرجال الذي ينحني لهم المجد، فالاخ المناضل " ماهر الأخرس" كان ولازال وسيبقى شامخا كشموخ جبال فلسطين تعملق على سجانيه، وغدا نموذجا رائعا للمناضل الشرس، ومفخرة لنا لم ينحني لسجانيه لبرهة واحدة ... فشمخ وشمخنا به، وان شاءالله سينتصر على جلاديه ويعود الى اسرته واهله وشعبه سالما غانما مرفوع الرأس والجبين، وسيبقى منارة لنا وللأجيال القادمة، وسيسجل التاريخ سيرته وصموده بأحرف نورانية لانه سطر تاريخا رائعا ومشرقا، كتبت حروفه بالأمعاء الخاوية، والدم، والمعاناة، والألم  والصمود والإرادة الفولاذية، تاريخ يزداد عطاءً، ويزداد إشراقاً مع فجر كل يوم جديد.. فمن حقنا كشعب فلسطيني ان نفخر بهذا التاريخ وان نعمل على توثيقه وايضاً نقوم بكشف الانتهاكات الصهيونية لحقوق الانسان الفلسطيني الاسير الذي يتعرض لأقسى انواع التعذيب الجسدي، والنفسي، والممارسات اللإنسانية التي فاقت في وحشيتها وقساوتها ما يتخيله ويتصوره العقل البشري.  
فاحتجاز الاخ المناضل  " ماهر الاخرس " واسرانا البواسل في الباستيلات الصهيونية اللعينة مخالف لكل الأعراف، والقوانين الدولية والإنسانية، واتفاقية جنيف الرابعة والتي تنص على حماية هؤلاء الاسرى لأنهم ليسوا " ارهابيين" وإنما هم مقاتلين شرعيين من اجل الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال، اين هي الديمقراطية التي تدعيها زورا وبهتانا هذه الدولة المارقة" التي تدعى ( إسرائيل ) وتتحدث عن حقوق الانسان، فملف الاسرى لوحده يثبت للعالم اجمع والذي يغمض عينه عن هذه الانتهاكات ان هذه الدولة هي الأكثر قمعا في العالم، فلا يوجد دولة اليوم تحتل دولة اخرى وتقتل شعب اخر الا حكومة الابرتهايد. ولكننا رغم كل هذا الظلم والاجحاف بحقنا الا اننا مؤمنون وإيماننا راسخ كرسوخ الجبال والصخور في فلسطيننا الشماء بان  الاحتلال مهما طال فهو الى زوال وحتما ستشرق شمس فلسطين وينتصر الاسرى على جلاديهم، فمن صمود وعتمة الزنزانة وبين القضبان يكون الامل الفلسطيني متجدداً، هوية، وعنوان، وحرية ودولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها الأبدية القدس شاء من شاء وأبى من أبى.
وفي الختام ساختم بهذه الأبيات الشعرية لشاعرنا أيضاً الغائب الحاضر " محمود درويش" تغمده الله وأمطره بشأبيب رحمته : يا دامي العينين والكفين .. ان الليل زائل ... لا غرف التوقيف باقية ... ولا زرد السلاسل... نيرون مات... ولم تمت روما.. بعينها تقاتل! وحبوب سنبلة تموت... ستملأ الوادي سنابل........!

  ناشط سياسي وكاتب عربي فلسطيني عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والراي والاعلام.

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت