نشر مركز الميزان لحقوق الإنسان ورقة حقائق، حول واقع الحقوق الأساسية للأطفال في قطاع غزة، ولاسيما حق الطفل في البقاء والنماء وفي التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والنفسية يمكن بلوغه. وتركز الورقة على أثر جائحة كورونا على تمتع حقوق الأطفال بالحماية اللازمة، وهي تغطي الفترة من 1/1/2020 إلى 30/9/2020.
وتشير الورقة في مقدمتها إلى الطفولة كمرحلة حاسمة ومهمة في بناء شخصية الإنسان وتكوين مفاهيمه ومعارفه وخبراته. وأن المجتمعات بقدر ما تولي اهتماماً برعاية الأطفال، بقدر ما تؤسس لـمجتمع سليم قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
مركز الميزان يصدر هذه الورقة لتسليط الضوء على واقع الحق في البقاء والنماء والتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. وتشدد على الحماية القانونية التي وفرتها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وعلى مبدأ تكاملية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.
وتلفت الورقة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي شكلت ولم تزل المحرك الرئيس لانتهاكات حقوق الطفل الفلسطيني في قطاع غزة، وهي انتهاكات مباشرة تسببت في قتل طفلين اثنين (2) برصاص قوات الاحتلال، وإصابة (15) طفلاً، واعتقال (5) أطفال خلال الفترة التي تغطيها الورقة. كما تسببت القيود التي تفرضها على وصول مرضى قطاع غزة للمستشفيات في وفاة (2) طفلين اثنين. وانتهاكات غير مباشرة كالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة للعام الرابع عشر على التوالي، وتداعياته التي حوّلت 75% من سكان القطاع إلى فقراء. ويقع الطفل ضحية لمشكلة الفقر، حيث يحرم من التمتع بحقوقه التي نصت عليها الاتفاقية. ويتعرض الطفل لضغوط تؤثر على صحته النفسية والتي قد تودي بحياته، حيث بلغت حالات انتحار الأطفال في القطاع منذ بداية العام 2020، حتى صدور الورقة (5) حالات.
وتؤكد الورقة أن جائحة كورونا تشكل تحدياً أمام تقديم الرعاية الصحية للأطفال مع ضمان الحماية والوقاية. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأطفال المصابين بفايروس كورونا بلغ (367) طفل منهم (40) طفلاً، عائدين من خارج القطاع، و(327) حالة من داخل المجتمع حتى 8/9/2020. وأعلنت وزارة الصحة عن وفاة طفل رضيع بعد إصابته بفايروس كورونا بتاريخ 10/9/2020 وهي الحالة الأولى.
وتظهر الورقة أن متوسط النقص في المهمات الطبية بلغ (33%) من إجمالي القائمة الرئيسية، بينما بلغت الأصناف الصفرية للأدوية (47%). ويؤثّر نقص الأدوية على تقديم خدمات صحة الأم والطفل بنسبة 45% وعلى تقديم خدمات الرعاية الأولية بنسبة 66%.
كما تؤكد على أن حماية حق الطفل في إبقاء والنماء وتمتعه بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والنفسية يمكن بلوغه، تتجاوز امتناع السلطات عن تهديد حياة الأطفال أو توفير الرعاية الصحية، إلى طائفة واسعة من الحقوق. ويعاني الأطفال من نقص حاد في مياه الاستخدام المنزلي، حيث بلغ متوسط استهلاك الفرد (88.6) لتر/يوم، لكافة الاستخدامات. أما من حيث نوعية المياه وجودتها فإن حوالي 97% من مصادر المياه لا تتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية، ومن أصل (283) بئر للمياه في القطاع هناك (9) آبار فقط تتطابق نسب الكلوريد والنيترات مع الحد المسموح. مما يتسبب في مشاكل صحية متنوعة كارتفاع حالات الإسهال وغيرها من الأمراض.
كما يعاني 70% من سكان قطاع غزة انعدام الأمن الغذائي، ما يعني حرمان الطفل من أدنى مقومات البقاء والنماء. وينتشر فقر الدم بين الأطفال في عمر (12-15 شهر) لتصل معدلات انتشاره ما نسبته (73%)، ما يؤكد عدم الكفاية الغذائية. وعلى الرغم من إقرار العالم بأنه "لا يجب استخدام الغذاء كأداة للضغط السياسي والاقتصادي" إلا أن ما يفرضه الاحتلال من عقاب جماعي على السكان بفرض حصار يقيد على نحو خطير حرية الحركة للأفراد والبضائع يفاقم من عوامل انعدام الأمن الغذائي.
وجاء تفشي الفايروس وإجراءات تقييد الحركة داخل قطاع غزة، لتحرم الكثير من الأسر مصادر دخلها، وأضعفت قدرتها على توفير أدنى متطلبات العيش للأطفال، لذا يتوقع أن ترتفع أعداد من يعانون انعدام أمنهم الغذائي. هذا بالإضافة إلى تأثر الأطفال داخل مراكز الحجر الصحي وعدم مراعاة احتياجاتهم الغذائية الخاصة في كثير من الأحيان، ولاسيما الأطفال الذين يعانون من مشاكل صحية سابقة وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي خاتمة الورقة يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان بما يأتي:
§ المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الانتهاكات ضد الأطفال وحمايتهم وإنهاء حصار قطاع غزة فوراً، وتعزيز التعاون الدولي لتطوير قدرات الجهات الحكومية وغير الحكومية لإعمال حقوق الأطفال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأرض الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة.
§ وكالات الأمم المتحدة المتخصصة ولاسيما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، لمضاعفة جهودها لحماية الطفولة وتقديم المساعدة المنقذة لحياة الأطفال وأسرهم، في ظل شيوع الجوع وفقر الدم بين الأطفال.
§ الحكومة الفلسطينية بزيادة مخصصات القطاعات التي تعني بالطفولة كوزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية، وأن تعلن آليات واضحة وملزمة للتعامل مع الأطفال من قبل الأطراف الحكومية المختلفة في ظل جائحة كورونا.
§ تعزيز الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية وبين المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بما يساهم في تعزيز احترام وحماية حقوق الطفل