- عماد عفانة
لكل زمان أبطاله، ولكل مرحلة روادها، ولكل عصر رموزه، وللضفة الغربية بطل من زمن الرنتيسي في صلابته، في قوة خطابه، وفي مصداقية كلمته التي يصدقها عمله، في نزاهته ونظافة يده، وفي الترفع عن مغريات الموقع والمنصب، وفي وسطية منهجه، وفي قيادته للعمل السياسي ممثلا لحركة حماس بجسارة.
حسن يوسف لم تثنه نحو 25 عاماً من سنوات الاعتقال متفرقات على مدار أكثر من ثلاثين عاماً من حياته الجهادية منافحا على الحق الفلسطيني.
حسن يوسف ليس شابا مفتول العضلات، لكنه شيخا مفتول الارادة والعزيمة، قوي الحجة بإيمانه بحقه، وبيقينه بحتمية الانتصار على السجان، وأن ظلام الزنازين مهما طال فلن يستطيع حجب نور شمس الحرية من البزوغ على فلسطين بسهولها وجبالها، بأقصاها وكنائسها، بخنادقها وأنفاقها.
حسن يوسف رغم أنه مجبر على تناول 14 نوعاً من الدواء، ورغم أنه مضطر للصلاة على كرسي منذ ثلاثة أعوام، إلا أن كل ذلك لم يستطيع أن يغير من برنامج حياته، فما أن يخرج من السجن حتى ينطلق في باكورة عمله في مسارين متوازيين:
المسار الأول يمارس حياته كقيادي من الصف في حركة حماس، يمثلها بكل قوة واقتدار، في مختلف الأوساط والمحافل، يجمع بمنهجه الوسطي ولا يفرق، ويجتهد مع اخوانه في احداث فجوات عميقة في جدار الانقسام وفي جدران الممارسات الامنية من السلطة ضد المقاومة في الضفة.
والمسار الثاني يواصل حياته كقائد انساني ذو قلب كبير، عطوف حد الأبوية، يشد أزر الآخرين وكأنه لم يصادف مصيبة قط، فيتواصل من عوائل الأسرى والشهداء، يضمد جراحهم، يواسيهم ويشد من عزائمهم، ويثبتهم على طريق الحق.
يحاول بسرعة تعظيم انجازه في ساحة الضفة المحتلة، قبل ان تعاجله قوات العدو باعتقال جديد، حيت أنه ما يلبث أن يفرج عنه حتى يعاد اعتقاله، وكأنه يخرج في إجازة فقط ليس إلا.
كيف لا وهو من المجاهدين الذين ابتلاهم الله جل وعلا في أبنائهم، كما ابتلى نبي الله نوح عليه السلام في ولده، حيث نالت من ابنه مصعب حملات التنصير، بينما كان العدو يغيب والده خلف زنازين القهر والاحتلال.
فلم يتردد الشيخ حسن في اعلان البراءة من ابنه فلذة كبده، انتصار للدين وللوطن، شأنه في ذلك شأن الأنبياء والعظماء الذين تبرؤوا من آبائهم أو أبنائهم أو زوجاتهم عندما حادوا عن طريق الحق.
كيف لا وهو لا يمثل نفسه، بل يمثل أحد أبرز القدوات في الساحة الاسلامية في الضفة الغربية، كيف لا وقد حاز المرتبة الأولى في دائرته الانتخابية كعضو منتخب في المجلس التشريعي عام 2006 التي رُشح لها رغما عنه وسط إصرار إخوانه وحركته.
حسن يوسف ذو الـ65 عاما قضاها مجاهداً للعدو، منافحاً عن الحق والشعب، يأبى أن يغادر ثغره، أو أن يغير مهنته، أو أن يتنكب رسالته، أو أن يخذل وطنه وشعبه، فيصر على مواصلة ذات الطريق، متمنيا الثبات على الحق قبل أن يباغته الأجل.
فحسن يوسف، لا يرى في حماس مجرد تنظيم أو حزب أو فصيل آخر كبقية فصائل شعبنا الكثيرة، بل يرى في حماس رسالة ربانية ومنهج حياة، فحماس ليست مجرد حركة مقاومة بل هي امتداد لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، الذين فتح الله تعالى فلسطين على ايديهم، عمر بن الخطاب وابو عبيدة بن الجراح.
كما يرى في حماس حلقة في سلسلة طويلة من حلقات انفاذ فريضة الجهاد على ارض فلسطين أرض البطولات والملاحم.
كما يرى في حماس الطائفة المنصورة التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم والتي لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، فصبره على الاعتقال جهاد، واصراره على مواصلة رسالته ايمان بحتمية النصر الذي بشر به نبينا صلى الله عليه وسلم.
كيف لا وحماس لا اله الا الله شعارها، والله جل وعلا غايتها، والرسول صلى الله عليه وسلم قدوتها، والجهاد سبيلها، والقرآن دستورها، وقادة حماس يرون أنفسهم ملزمين بتجسيد هذه الشعارات واقعا على الأرض.
حسن يوسف أتعبت من بعدك أيها الجبل..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت