- بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
منذ نشوء الحركة الصهيونية في نهايات القرن التاسع عشر وتتابع حلقة الداعمين لها من القوى الإستعمارية والإمبريالية الغربية تتوالى على الأمة العربية والشرق الأوسط جملة مشاريع تاّمرية بدأت بمؤتمر كامبل عام 1905م ومروراً بإتفاقات سايكس بيكو ووعد بلفور وسان ريمو وقرار التقسيم ومشاريع روجرز ورودس وكيسنجر وإتفاق أوسلو وأخيرا صفقة القرن الترامبية والتي في مجملها تستهدف تصفية الشعب العربي الفلسطيني ووحدة الأمة العربية بسبب إدراكهم أهميتها العظمى كشرط حقيقي ورافعة أكيدة لتقدم الأمة وتحررها وإزدهارها ونهوضها وقدرتها على حماية وصيانة حدودها وأطرافها من شرور الطامعين قديمهم وجديدهم وبما يتيح للأمة بلوغ رسالتها الخالدة أبداً.
وبالتزامن مع جملة تلك المشاريع التصفوية والتاّمرية خضعت البلاد العربية للإنتدابات الإستعمارية وفق قرار تقسيم الوطن العربي بين القوى الإمبريالية (بريطانيا – فرنسا – إيطاليا – إسبانيا – البرتغال ...الخ) وراحت تلك القوى تمعن في نهب الثروات العربية وتمزيق الجسد العربي أملا منها في قتله وإماتته وإلى الأبد .. هذا الجسد الذي أبى الموت وأطلق من رحمه ثورات قومية ثورية أخذت على عاتقها مجابهة قوى الإستعمار ووكلائهم من القوى الرجعية العربية ودحر كل مشاريعهم التاّمرية على فلسطين والأمة العربية وإنجاز مرحلة الإستقلال والتحرير والوحدة العربية والنهوض بواقع الأمة الى العلياء مكانها الذي يليق بها كأمة الرسالات السماوية والرسالة الخالدة .
وقد تسنى لقوى الثورة القومية والثورية والتقدمية تحقيق العديد من الإنتصارات في الساحة العربية على قوى الثالوث المعادي لأمتنا وأهمها إنجاز الإستقلال وهروب قوى الإنتداب الإستعمارية من المنطقة العربية بعد أن ضمنوا بناء قاعدتهم العسكرية المتقدمة في قلب الوطن العربي وبما يفصل بين جناحيه الأسيوي والإفريقي على الأراضي العربية الفلسطينية لتكون بمثابة عصاهم السحرية في إستهداف محاولات النهوض العربية وأداةً لحفظ المصالح الإستعمارية والإمبريالية في المنطقة العربية.
ومع ولوج النصف الثاني من القرن الماضي (0العشرين) تصاعدت وتيرة الثورات القومية العربية التحررية في مصر والعراق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر وفي فلسطين التي شكلت ثورتها طليعة الثورات ورأس حربة في مواجهة قوى الإستعمار والإحتلال والرجعية العربية الذين تصدعت جبهتهم أمام ضربات القوى الوطنية والقومية والتقدمية الموجعة والتي باتت تشكل تهديداً وجودياً للمشروع الصهيوني برمته في فلسطين والوطن العربي وتالياً تهديد مباشر لكل المصالح الإستعمارية ومصالح الرجعية العربية الأنانية الإستحواذية والمرتبطة جلها عضويا بالوجود الصهيوني الجاثم على الأراضي العربية المحتلة , مما دفع تلك القوى المعادية لحشد كل طاقاتها وإمكاناتها البشرية والعلمية والتكنلوجية والإقتصادية والعسكرية ..
فكان العدوان الثلاثي على مصر العروبة ثم تباعاً على قوات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وكذلك العدوانات المتتالية على العراق الشقيق منذ العام 1980م وإنتهاءً بالعدوان الثمانيني الذي حشدت فيه الولايات المتحدة أكثر من ثمانين دولة وتداعت وقتها الأمم على قصعتها للنيل من صمود العراق وثباته وما يعنيه ذلك بالنسبة لهم من نصر ومظلة لكل الأحرار والثوار العرب ..
فكان القرار الصهيوأمريكي بتدمير العراق تدميراً شاملاً وكاملاً وإحتلاله والإنقضاض على ثرواته وتالياً تركيع الساحة العربية وتطويعها بما ينسجم والمصالح الأمريكية الصهيونية ويخدم مخططاتهم الخبيثة القاضية بتهويد فلسطين كلياً والهيمنة على مقدرات الأمة العربية وثرواتها الهائلة عبر أدواتهم الرخيصة الحاكمة في الأقطار العربية.....
وكان لهم ما أرادوا بعد إحتلال العراق مظلة الثورات وحاضنتها,إضافة لغياب الإتحاد السوفيتي نقيض الإستعمار والقوى الإمبريالية , مما تسبب في إنحسار المد الثوري القومي التقدمي لصالح تمدد القوى الرجعية والطائفية والمذهبية والظلامية أدوات القوى الإستعمارية الجديدة في مشروعها الجديد (الفوضى الخلاقة) , المكمل لإتفاقات سايكس بيكو والمراد من خلاله تمزيق الممزق وإغراق المنطقة ببحر من الدماء ومستنقع من الفتن والخراب تصبح معها الأمة مجرد مزق وأشلاء تصارع وقضاياها المصيرية معركة البقاء على قيد الحياة, وسط هجمة لا مثيل لها في التاريخ حيث تكالب الأمم البعيدة والمحيطة يتقدمها أنياب الصهيونية المنغرسة سماً في الجسد العربي وتحاول شله والى الأبد, مما يضع مستقبل الأمة وأجيالها وقضاياها المصيرية والمركزية في عين العاصفة التي قد تطيح بالعروبة وقضاياها الحقة إذا لم يتحرك أبنائها فورا ويضعون مصالح الأمة فوق كل شيء وتتشابك الأيادي الحرة من مغارب الوطن العربي الى مشارقه في جبهة واحدة تتصدى بكل جبروت وعنفوان لجبهة الأعداء وما أكثرهم .
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تشرين أول - 2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت