- د. أسامه الفرا
شكل اللقاء بين حركتي فتح وحماس ومن بعده لقاء الأمناء العامين للفصائل وما نتج عنه بصيص أمل جديد لأنفراجة في الولادة المستعسرة للمصالحة الوطنية، ورغم التأكيدات من الأطراف المختلفة على أن الإرادة المتوفرة اليوم لتحقيق المصالحة وطي صفحة الانقسام تختلف عن سابقاتها، إلا أن ذلك لم يمنح المواطن الطمأنينة بأن الأمور ستسير إلى نهايتها بعد أن تجرع لمرات عدة مرارة خيبات الأمل، والمنطق يدفعنا لأن نتمسك بالتفاؤل وندعو سراً وعلانية بأن يؤلف المولى قلوبهم ويزيحوا عن صدورنا صخرة الانقسام التي تطبق على قضيتنا وتكتم انفاسنا وتنهك قوانا، والحقيقة أن ما قيل ويقال حول توافق على شراكة سياسية لا إقصاء فيها لأحد والتوافق حول تجديد الشرعيات المنتهية "من أولها إلى آخرها" عبر انتخابات لا غالب فيها ولا مغلوب يبعث في النفس المزيد من الأمل، يتبعها تشكيل حكومة وحدة وطنية نننهي بها التنازع بين حكومتي رام الله وغزة ذلك التنازع الذي دفع المواطن والقضية كلفته غالياً، كل هذا الحديث الطيب لا غبار عليه ولن يذهب طموحنا إلى أبعد من ذلك.
لن نسأل كيف نذهب إلى انتخابات تشريعية طبقاً لما فصلته لنا اتفاقية اوسلو عدداً وعدة ونحن في حل من كل الاتفاقيات ووسط مطالبات فصائلية لا تتوقف بضرورة الغاء اوسلو كونها رجس من عمل الشيطان وأنها جلابة المصائب، ليس قناعة بما يقوله البعض بأن الانتخابات التشريعية القادمة ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بإتفاق اوسلو بل أن الحقيقة التي لا يجهلها أحد أن المجلس التشريعي جزء أساسي من مكونات السلطة الفلسطينية التي ولدت من رحم اتفاق اوسلو، بل نقفز على السؤال كي لا نعكر به أجواء التفاؤل التي عطلت مفردات القذف والتشهير والتخوين والتكفير وأوقفت لغة المناكفة، وفتحت الباب أمام الاتصالات المباشرة بين رام الله وغزة دون وسيط ودون أن يلاحق صاحبها بتهمة التخابر مع رام الله من جانب أو أن تسفر عن قطع راتبه بذريعة التقرب من حماس من جانب آخر.
لعل أجواء التفاؤل التي تأتينا من هنا وهناك تحتم علينا أن نمضي بها محطتها القادمة المتعلقة بإجراء الانتخابات التشريعية يتبعها الرئاسية والمجلس الوطني دون أن نلتفت يميناً أو يساراً، وعندها نجدنا في حيرة من بدعة القائمة المشتركة التي تحولت بقدرة قادر إلى فانوس سحري بإستطاعته أن يخلصنا مما نحن فيه، قد نجد لفكرة القائمة المشتركة في مؤسسة خدماتية مثل نادي أو نقابة أو بلدية ما نبرر به ذلك لكن من الصعب فهم القائمة المشتركة في انتخابات تشريعية، فإن كنا نتفق قلباً وقالباً على أن تكون الانتخابات بعيدة عن منطق الغالب والمغلوب وأنها ستفضي لتشكيل حكومة وحدة وطنية وشراكة سياسية لا إقصاء فيها لأحد، فلا يعني ذلك بالمطلق أن نذهب إلى انتخابات بقائمة مشتركة تمثل الفصائل الفلسطينية، لأننا إن فعلنا ذلك لا نذهب إلى انتخابات بمعناها الحقيقي بل يكون الغرض منها منح شرعية لنظام المحاصصة المقيت من جانب وتجديد الشرعية للحالة التي نحن عليها بعجرها وبجرها، ولا أعرف كيف باتت بدعة القائمة المشتركة مساراً إجبارياً لا بد أن نسلكه؟، وكيف تحل لنا القائمة المشتركة مشاكلنا؟،
ومن قال أنه من السهل تشكيل قائمة تمثل الكل الفلسطيني دون اقصاء لأحد؟، وكيف يمكن لنا أن نقنع البعض بحجم هو يعتقد أنه أكبر منه بكثير؟، وهل القائمة المشتركة ستعيد الينا بعث الفصائل التي اندثرت ولم يتبق منها سوى من يحمل صفتها في الأطر القيادية للشعب الفلسطيني؟.
وعلى فرض أننا تمكنا من تشكيل القائمة فهل نذهب إلى انتخابات بها دون سواها لتكون انتخابات بيعة؟، وكيف يمكن لنا أن نمنع تكتلات أخرى من منافستها؟، وماذا لو رفضت فصائل من منظمة التحرير الدخول في القائمة المشتركة وتحالفت فيما بينها بقائمة منافسة للقائمة المشتركة بين فتح وحماس؟، وعلى فرض أننا تمكنا من تجاوز كل تلك العراقيل المنطقية فهل ستتحول القائمة المشتركة إلى كتلة برلمانية أم ستفرط عقدها بعد الانتخابات ونعود من حيث أتينا؟.
نعم لا نريد انتخابات على قاعدة الغالب والمغلوب، ولا نريد انتخابات يستاثر فصيل بالحكم ويقصى الآخرين، وفي الوقت ذاته لا نريد انتخابات الهدف منها منح الشرعية لنظام المحاصصة المقيت، نريد انتخابات تنافسية يشارك فيها الكل الفلسطيني ونبني على نتائجها شراكة سياسية حقيقية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت