قد يستمر التعافي الاقتصادي المتسارع للصين من وباء كوفيد-19، في الربع الرابع من هذا العام، ويوفر نظرة ثاقبة مشجعة للصورة الاقتصادية لما بعد كوفيد-19، وفقا لخبراء استشاريين في مجال الاستثمار.
قال مارك هايفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروة العالمية في مؤسسة ((يو بي بي أس)) المالية، يوم الإثنين إن "أحدث البيانات الاقتصادية المشجعة من الصين في بداية هذا الأسبوع تعطينا نظرة ثاقبة على الانتعاش فيها، في وقت يتم فيه تطوير اللقاح واحتواء تفشي المرض".
لقد سجلت الصين 4.9 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي في الربع الثالث من هذا العام، بارتفاع عن 3.2 في المائة في الربع الثاني، و-6.8 في المائة في الربع الأول.
وبينما يجد بعض المستثمرين صعوبة في النظر إلى ما هو أبعد من الحالات المتزايدة وعمليات الإغلاق المحلية الجديدة وسط الموجة الثانية من الإصابات بكوفيد-19 في جميع أنحاء الغرب، ليتوقعوا أي تعافٍ اقتصادي، فإن "تعافي الصين يقدم سابقة مشجعة لبقية العالم"، وفقا لما قاله هايفيل في مذكرة بحثية.
كما أن عودة الطلب الصيني على النفط إلى مستويات ما قبل كوفيد-19، تضع أيضا افتراضات بعض المستثمرين بأن الطلب العالمي على النفط سيكون له تغييرات دائمة، موضع تساؤل.
قالت مؤسسة ((أتش أف آي)) لبحوث الأسواق، يوم الإثنين، إنه "إذا ثبُت خطأ فكرة أن قضايا الطلب الدائمة ستتواصل بسبب كوفيد-19، عندها نعتقد أن السوق ستكون في وضع خاطئ تماما لعام 2021".
وأشار هايفيل إلى أن انتعاش الاقتصاد الصيني استمر في الاتساع في الربع الثالث، وأن أحدث رقم للنمو أدى إلى تسريع الانتعاش على شكل حرف V (يعني عودة سريعة وحيوية للنمو الاقتصادي)، رغم أنه لم يكن يتوقع له بلوغ الـ5.5 في المائة.
فتاة تعمل في مصنع للأحذية، تعرض حذاءً عبر تصوير فيديو مباشر للتسويق الإلكتروني، من متجر، في بوتيان، بمقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين، بتاريخ 7 مايو 2020. (شينخوا)
وتم تعديل التوقعات المتعلقة بالصين لتصل إلى نمو بنسبة 1.9 في المائة لعام 2020، بفضل انتعاش أسرع من المتوقع في الربع الثاني من هذا العام، ومن المتوقع أن يرتفع النمو إلى 8.2 في المائة في عام 2021، على افتراض تسليم سلس من دعم القطاع العام إلى طلب القطاع الخاص، وفقا لما جاء في تقرير التوقعات الاقتصادية الإقليمية الصادر عن صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء.
وعلى العكس من هذه التوقعات، كان صندوق النقد الدولي قد توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بـ0.9 في المائة في يونيو، مع توقع آخر بـ0.7 في المائة في أبريل.
وتطلعا للمضي قدما، سيعمل الطلب الخارجي والمحلي، على حد سواء، على تعزيز نمو الإنتاج الصناعي في الصين، في حين أن الطلب الاستهلاكي على الخدمات يشهد بعض التحسن الإضافي، ما يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى مستوى ما قبل كوفيد-19، بما يقرب من 6.0 في المائة على أساس سنوي في الربع الرابع من هذه السنة، وفقا لما أوضحته هيلين تشياو، كبيرة الاقتصاديين في قسم الصين الكبرى لدى ((بنك أوف أمريكا سيكيوريتيز))، يوم الإثنين.
قال مهران ناخيافاني، محلل الأسواق الناشئة لدى مؤسسة بحوث الاستثمار ((أم آر بي بارتنرز))، يوم الإثنين، إن نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الرابع، سيبقى مدفوعا بالطلب المحلي، ومدعوما باتجاهات التشغيل المؤاتية.
إضافة لذلك، فإن النهج المتسلسل للخروج من عمليات الإغلاق والذي يعطي الأولوية للقطاعات الأساسية وإعادة فتح المناطق بناء على تقييمات استشرافية، يمكن أن يقلل التكاليف الاقتصادية لعمليات الإغلاق مع كبح المخاطر الصحية، وفقا لما أشار إليه صندوق النقد الدولي، مستشهدا بتجربة الصين.
وأضاف ناخيافاني في حديث لـ((شينخوا))، أن قوة نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثالث، كانت مدفوعة في الغالب بالأنشطة الاقتصادية المحلية، حيث يلعب الانتعاش في قطاع الخدمات دورا هاما.
عاملة بمتجر ملابس، وهي ترتب معروضاتها من منتجات الكشمير، مصنوعة في معمل بمحافظة تشنغخه، بمقاطعة خبي شمالي الصين، في 6 أغسطس 2020. (شينخوا)
لقد سجل إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية في الصين في الربع الثالث توسعا على أساس سنوي بلغ 0.9 في المائة، مرتفعا من -3.9 في المائة في الربع الثاني و-19 في المائة في الربع الأول، وفقا للمكتب الوطني الصيني للإحصاء.
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره المذكور أعلاه، إن الصين شهدت انتعاشا تدريجيا في الاستثمار والاستهلاك الخاص غير السكني بعد تعزيز البنية التحتية والاستثمار العقاري وزيادة بالصادرات.
وقال ناخيافاني أيضا إن شهري أغسطس وسبتمبر سجلا أيضا انتعاشا في صادرات الصين، وهو ما يتماشى مع انتعاش الطلب الاقتصادي وبالتالي الواردات من الصين في الاقتصادات العالمية الرئيسية، مضيفا أن هذا الانتعاش انعكس في الصادرات والواردات الصينية القوية نسبيا.
وقال هايفيل إن النظرة المتعمقة في البيانات أظهرت أن الانتعاش في الربع الثالث كان مدفوعا بشكل كبير بصافي الصادرات والاستثمارات، مع ارتفاع الاستهلاك المحلي في الصين أيضا.
وأشار هايفيل إلى أنه بينما استمر نمو مبيعات التجزئة في التباطؤ، فإن البيانات خلال عطلة الأسبوع الذهبي في مطلع أكتوبر تشير إلى أن المستهلكين أصبحوا أيضا أكثر ثقة بشأن الإنفاق.
وقال ناخيافاني إن هذا العامل الخارجي سيواجه تحديا في الربع الرابع، بسبب عمليات الإغلاق الجزئي المتجددة المرتبطة بالوباء، والتي تشهدها العديد من الأسواق العالمية الرئيسية، وخاصة في أوروبا.
ووفقا لرأيه، فإنه مقارنة بالربع الثالث، سيوفر قطاع التجارة قوة دافعة أقل لبيانات الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الرابع.
وقالت هيلين تشياو إن البيانات الاقتصادية الصينية في الربع الثالث وسبتمبر، قد أظهرت أن الانتعاش الصناعي في كامل قوته، ولكن ستكون هناك حاجة لبعض الوقت ليحقق قطاعات الخدمات عودة قوية.