"معادلة هنية التصالحية" مع فتح!

بقلم: عماد عفانة

عماد عفانة
  • عماد عفانة

 منذ انعقاد لقاء الأمناء العامون للفصائل، الأول من نوعه في بيروت ورام الله الشهر الماضي، لتمهيد الأرضية لوضع أسس وحدة وطنية على قاعدة المقاومة، بين مختلف القوى والفصائل وعلى رأسها حركتي فتح وحماس، لم تكف هذه المحاولة الواجبة في ظل ما يحيق بفلسطين أرضا وشعبا من مخاطر، من مواجهة هجوم وتشكيك مفعم بتمني فشل التوحد الفلسطيني، خدمة للعدو، ما يلامس هوى مرضي في نفوس من يهاجمون المصالحة.

هنية في الحوارات التي بدأها مع حركة فتح، يعمل بلا أي ضبابية من أجل تكريس شراكة للكل الوطني، سلطة ومنظمة (إخراجها من جب الاحتواء الأمريكي)، ويعتبر أن ذلك أصبح ضرورة وطنية، بعد 14 عاما على حصار غزة، واستفراد العدو بالضفة تهويدا واستيطانا وابتلاعا وضم.

فالشراكة المقصود بها، هي شراكة في الخنادق،  وفي تناقل البنادق من كتف الى كتف، وفي التصاق الأجساد داخل الثكنات.

شراكة تقوم على اعادة الروح الى منظمة التحرير، لتقوم بوظيفتها الواجبة في المقاومة والتحرير، وليس شراكة في تقاسم مقاعد بلا أرجل، وهياكل خاوية بلا مضمون.

 تكتيك هنية الجديد يقوم على استخدام "أوراق" تعتقد حماس أنها تمثل قوة لكل الشعب الفلسطيني، لتعضيد  واسناد أوراق حركة فتح، وإعادتها إلى ألقها الثوري الطويل والمشرف.

فلسطين التي تسعى حماس لتحريرها، هي ذاتها فلسطين التي قاتلت فتح وأرسلت دلال المغربي لتقتحم قلب الكيان وتقاتل العدو الصهيوني من مسافة الصفر لتطهيرها.

وما الأزمات الداخلية التي تتعرض لها حركة فتح إلا أزمات لكل الوطن، سواء ما يتعلق بالخلاف مع تيار دحلان، أو أوضاعها التنظيمية، فحركة فتح تمثل أغلبية من الشعب، وحتما يتأثر الشعب بأي أزمة تتعرض لها، فمرض فتح مرض للوطن، وقوة فتح وعافيتها قوة وعافية لكل الوطن، فقوة فتح قوة لحماس، وهذا ما تدركه حماس، وهذا ما تسعى للوصول إليه.

ففلسطين ليست ملك للحزب الحاكم، وأي أزمة مالية تعانيها فتح أو السلطة هي أزمة للكل الوطني، ومن مصلحة حماس تصويب الأوضاع المالية للسلطة لصالح العدالة في التوزيع وفي التوظيف وفي المخصصات والرواتب وغيرها، فمن حق شركاء المعاناة الشراكة في منافع السلطة لتصليب الصمود واسناد الشعب.

فهنية الذي يقف واخوانه في سدة القيادة على أعتاب دورة انتخابية جديدة لحركة حماس، ومن واقع تمتع حماس بضخ دماء جديدة كل دورة انتخابية تجدد شبابها وتعيد الحيوية الى اوصالها، يرى أنه آن الأوان لإخراج منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية، من جب الضعف والاهمال، وضخ دماء جديدة في أوصالها لتعود إلى دورها التمثيلي الحقيقي من جديد.

كما تعتقد حماس أن على السلطة أن تعود لحجمها الحقيقي كجزء من المنظمة وليس العكس، وأن تعود لوظيفتها في رعاية مصالح أبناء شعبنا في الضفة وغزة، عبر تصويب البعد المؤسساتي، واعادة الاعتبار للقوانين التي تحكمها وتضبط حركتها، وافساح المجال لمنظمة التحرير لتلعب دورها السياسي والتمثيلي بما يحقق المصالح العليا لشعبنا بعيدا عن ابتزاز الاحتلال.

فقوة منظمة التحرير هو بضم كل الحركات والفصائل تحت سقفها، وقوة منظمة التحرير كفيل بتوظيف العلاقات العربية والدولية لصالح القضية الفلسطينية، وكف يد البعض عن توظيف القضية الفلسطينية لصالح هذه الدولة أو تلك، ففلسطين شبت ومنذ زمن عن طوق الوصاية.

وما الدعم المالي العربي لأي جزء من فلسطين، إلا واجب يفرضه البعد العروبي والقومي والإسلامي لفلسطين مهوى القلوب ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم.

لكن محاولة البعض دس أنف الاحتلال في التوسط لدى هذا الطرف أو ذاك لدفع المال لغزة، هي محاولة مشبوهة تدمن التشكيك والتشويه، فغزة تتلقى مالها من دول عربية، بقوة سلاحها وتحت التهديد بدك عدو الشعب والأمة، ففي الوقت الذي يشاع فيه أن وفد الموساد كان يتوسط لإدخال المال لغزة، كانت غزة تحفر أنفاق المقاومة تحت أقدام العدو لنسف جدرانه وتحصيناته، فغزة رزقها تحت ظل سيفها.

وقد اثبتت حماس برفضها المتكرر فتح قناة اتصال مع أمريكا، أن هدفها ايجاد عنوان واحد للشعب الفلسطيني، وليس مزاحمة فتح او المنظمة في تمثيل فلسطين، بل اصلاح وتقوية منظمة التحرير لمخاطبة العالم من بوابتها، وليس من بوابة حزب أو فصيل مهما بلغت قوته، ما أشاع أجواء مزيد من الثقة في حوارها مع فتح التي أيقنت أن هدف حماس تصليب قوة الشعب والوطن، وليس أي مصلحة حزبية ولا تزاحم على مقاعد أو منافع.

واهم من يعتقد أن الشعب سيكون راض عن اداء أو خدمات أي حكومة بعد تعرضها لحصار خانق لأكثر من 14 عاما، لكن من اراد أن يقيس شعبية حماس في غزة بحق، فليفعل بعد أي عملية عسكرية لها ضد العدو الصهيوني، فمقياس الشعبية هو مقاومة العدو وليس تقديم الخدمات مع أيدي مكبلة.

باتت المصالحة ضرورة وطنية وفريضة شرعية لمواجهة العدو بصفوف مرصوصة، ففتح لا تقل وطنية وثورية عن حماس، وقوة فتح هي قوة لحماس وكلاهما وتوحدهما مع الكل الوطني في خنادق المقاومة قوة للوطن.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت