رغم التأكيدات السودانية والأمريكية بعدم وجود رابط بين إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع مع إسرائيل إلا أن محللين سياسيين سودانيين لا يعتدون بتلك التأكيدات.
وفى استطلاع لوكالة أنباء شينخوا يوم الأحد يرى محللون ومختصون سودانيون أن واشنطن اشترطت رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل ، وأن السودان الذى يجد نفسه فى وضع لا يحسد عليه كان مضطرا للاستجابة.
وقال مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بالخرطوم البروفسور صلاح الدومة ، فى تصريح خاص لوكالة أنباء (شينخوا) " على الرغم من أن الجانبين أكدا عدم وجود رابط ، غير أن واقع الحال يكذب ذلك".
وأضاف " لقد اشترطت واشنطن أن يتم إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فى حال طبع السودان علاقاته مع إسرائيل".
وشدد الدومة على أن السودان كان مضطرا للاستجابة للشرط الأمريكى ، وقال " تتفاقم الأوضاع بالسودان يوما بعد أخر نتيجة الصعوبات الموروثة من النظام البائد".
ورأى الدومة أن السودان يحقق مكاسب عدة بتطبيع علاقاته مع إسرائيل ولاسيما فى جوانب التعاون فى مجال الزراعة والتجارة والهجرة.
وقال " لكن الفائدة الأبرز تتمثل فى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل كان مفتاح إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وأضاف " الخروج من قائمة الإرهاب يتيح للسودان العودة إلى مسرح العلاقات الدولية ، وإنهاء الصعوبات المتعلقة بالتعاملات المصرفية وتمكين السودان من الاستفادة من المنح والقروض وتدفق الاستثمارات".
ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بمركز الراصد للدراسات الاستراتيجية بالخرطوم الدكتور خالد ضرار إن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لم يكن ممكنا دون تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأضاف ضرار فى تصريح خاص لوكالة أنباء (شينخوا) " هناك ترابط عضوى بين الملفين ، كان واضحا الإصرار الأمريكى على تطبيع السودان لعلاقاته مع إسرائيل ومن ثم إزالته من قائمة الإرهاب".
وتابع " فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة لم يكن أمام السودان من مخرج أخر ، يحتاج السودان لإعفاء أو جدولة ديونه المتراكمة ، ويحتاج لفتح المجال أمام مصارفه لكى تعمل بصورة طبيعية ، ويحتاج للقروض والتمويل الذي تقدمه المؤسسات الدولية ، ويحتاج إلى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية".
وأردف " كل ذلك لم يكن متاحا أن يبقى السودان ضمن القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب".
لكن المحلل السياسى السوداني عبد الخالق محجوب يرى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيضيف تعقيدا جديدا للمشهد السياسى السوداني المعقد أصلا.
وقال محجوب ، فى تصريح خاص لوكالة أنباء (شينخوا) " لقد أحدث أمر التطبيع ما يشبه الانقسام فى الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية المتمثلة فى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير".
وأضاف " هناك قوى سياسية كبرى هددت بالانسحاب من التحالف ، وأخرى توعدت بمناهضة التطبيع عبر طرق سلمية".
وزاد " أخشى من اختلاف داخل الحاضنة السياسية وهو ما يهدد بنسف الحكومة الانتقالية وبالتالي دخول البلاد فى نفق مظلم".
وأعلنت قوى سياسية سودانية مشاركة فى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير رفضها لإعلان الحكومة الانتقالية تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأعلن حزب البعث السوداني سحب تأييده للحكومة الانتقالية بعد إعلانها الاعتراف بإسرائيل، وحرض على مقاومة التطبيع.
وقال الحزب فى بيان صحفى " إننا فى حزب البعث نعلن سحب دعمنا للسلطة الانتقالية، وندعو القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى الرافضة للتطبيع إلى الاصطفاف فى جبهة عريضة لمقاومة تزييف إرادة الشعب السوداني و محاولات تركيعه و إذلاله".
وأعلن المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني عن رفضه لأي تقارب بين السودان وإسرائيل، مشيرا إلى الأمر جرى بطريقة مراوغة بها ابتزاز.
وقال الحزب فى بيان صحفى " إن الوثيقة الدستورية (التي تحكم الفترة الانتقالية)، لم تعط مجلسي السيادة والوزراء اتخاذ قرار إقامة علاقات مع إسرائيل".
وكان السودان قد قرر فى 23 أكتوبر الجارى ، فى بيان مشترك صادر عن الولايات المتحدة الأمريكية ، وإسرائيل والسودان ، تطبيع العلاقات مع إسرائيل وانهاء حالة العداء بينهما.
وعُرفت الخرطوم بأنها عاصمة "اللاءات الثلاث"، وهي لا سلام ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل، حيث صدر ذلك في القمة العربية في 1967.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب إعلان تطبيع العلاقات بين بلاده والسودان " إن الخرطوم تقول الآن: نعم للتفاوض، نعم للصلح، ونعم للسلام، وذلك في إشارة إلى اللاءات الثلاث.
وظل السودان لسنوات ضمن محور الدول الممانعة للتطبيع مع إسرائيل ورفض إقامة علاقات معها.
ولكن لقاء مفاجئا بين رئيس مجلس السيادة السودانى الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بمدينة عنتبى الأوغندية في 3 فبراير الماضي شكل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.
وحثت الإدارة الأمريكية الحكومة الانتقالية بالسودان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ، ووضعت الأمر كشرط غير معلن لإزالة السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
ووقع الرئيس الامريكي دونالد ترامب أمس الأول ( الجمعة) على أمر تنفيذي يقضي بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأدرجت واشنطن السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب فى العام 1993.