- رشيد شاهين
مع كل أزمة جديدة تبرز في المنطقة نجد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حاضرا وبقوة، الامر الذي لا يعجب الكثير من خصومه، ما يؤدي الى مزيد من الهجوم عيه والتهجم على سياساته ومواقفه.
فهو وبعد كل ما تعرض له من هجوم ومحاولات التعرض لسياساته والتشكيك في "اهدافه وطموحاته" بسبب مواقفه وتدخلاته "سوريا، العراق، ليبيا،البحر الابيض المتوسط.." وكل ماجر ذلك عليه من تهديدات بالعقوبات والحصار حتى من الحلفاء في حلف الناتو، إلا انه بقي صامدا لم يتراجع وان فعل فيكون ذلك تراجع تكتيكي ثم ما يلبث ان يعيد الكرة.
آخر المواقف أو الازمات التي نجد للرئيس التركي حضوره الطاغي، هو حالة الغضب التي انتشرت في معظم بقاع العالم الاسلامي ومنها العربي احتجاجا على سياسات فرنسا او مواقفها تجاه الاسلام والمسلمين وما اعتبر تهجما على الرسول محمد "ص" على اثر قتل "ذبح"استاذ التاريخ الفرنسي على يد طالب مسلم من اصول شيشانية.
الموقف التركي بقيادة أردوغان كان الاكثر "اثارة" بين معظم ان لم يكن جميع القادة العرب والمسلمين، فبينما لاذ هؤلاء بصمت اعْتُبِر مداهنا لفرنسا ورئيسها، ظل صوت أردوغان هو الاعلىوالاكثر حدة في انتقاده لفرنسا وخاصة رئيسها ماكرون.
قد يجادل البعض ان الرئيس التركي انما يستغل الفرصة من اجل تصفية حسابات متراكمة مع رئيس فرنسا، وقد يكونذلك صحيح نسبيا، لكن الجماهير والشعوب الغاضبة لا تفهم بالسياسية وتحليلاتها والاعيبها، ولا بلعبة القادة والدول والامم، هي لها ما تراه وتسمعه في عز الحدث أو الأزمة، أما ما هو خلف الابواب المغلقة ولا الاتصالات الدبلوماسية عبر السفراء والمبعوثين والوسطاء فهي لا تكترث لها ولا"تفهم" فيها، فهي تريد ان تسمع صوتا عاليا "مزمجرا" يساندها في مواقفها ومطالبها، عدا عن ان موقف الرئيس اردوغان لم يكن مجدر جعجعة، فهو دعا وبالفم الملآن وبالصوت العالي الى مقاطعة البضاىع الفرنسية، وهي خطوات عمليا تتم على ارض الواقع وبشكل اربك الحكومة الفرنسية وهو اذا ما استمر فسيكون له عواقب وخيمة على اقتصاد فرنسا، هذا الرأي الذي يتفق معه رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد، الذي غرد محرضا المسلمين على المزيد من المقاطعة لبضائع ومنتجات فرنسا.
ترى هل يعتبر اردوغان من نفسه قائدا او وصيا على المسلمين وربما الاسلام أم ترى هو فعلا كذلك، هل هو من ينصب نفسه قائدا رغم انف الاخرين أم ان الآخرين بصمتهم وتركهم الساحة خالية إلا له يساعدونه فيما يسعى أو يطمح اليه.
هذه الحالة "أي ترك الساحة خالية" تذكرنا بما حصل في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث عمل كل قادة أمة العربان على اسقاطه او المساعدة على اسقاطه، لكنها لم تبحث ما بعد السقوط، ولم يكن لديها أي تصور لما العمل بعد ان يغادر صدام حسين المشهد، وهو الامر الذي استفادت منه ايران تماما بحيث قفزت وعبأت الفراغ الذي نجم عن سقوط النظام وغياب اية قوى اخرى لتحل مكانه، وعندما فعلت، صار الكل يلوم ويعتب ويهاجم ايران.
على اية حال، وسواء اعتبر اردوغان نفسه قائدا رغم انف الآخرين أو انه نتيجة لغياب القوى الاخرى والتي تركت الساحة خالية، فانه وفي كلتا الحالتين، يثبت انه قائد فذ، يتمتع بشخصية متميزة تعرف ماذا تريد والى اين تريد الوصول، أو الى اين هي ذاهبة، بعكس معظم زعماء امة العربان الذين يكتفون بالمراقبة ولا يمتلكون اية خطط أوسياسات أو استراتيجيات تتعلق سواء ببلدانهم او بشعوبهم.
أخيرا هل من حق السيد اردوغان ان يكون طموحا ويبحث عن أو يسعى إلى قيادة العالم الاسلامي، أم ليس من حقه، هل سيستطيع ان يحقق ذلك علما بانه "سواء اعترفنا أم لم نعترف" يتمتع بشعبية طاغية في الكثير من بلدان العالم العربي، واذا كان البعض او الكثير يعترضون على ذلك، فماذا هم فاعلون، وكيف سيوقفون هذا المد الجارف للرجل ولبلاده في المنطقة، هل سيتحالفون مع "الشيطان" مثلا من اجل وقفه، ام ن لديهم خططا قد يتمكنون من خلالها "كبح جماحه"، أم سنستمر في سماع نفس الاسطوانة المشروخة عن العثمانية والتخلف وكل القصص التي لا يكل ولا يمل البعض من تكرارها مواساة لنفسه للتغطية على حالة العجز والهوان التي ابتليت بها الامة نتيجة وجود قادة قبلت ان تظل تحت رحمة سادتها في البيت الابيض أو سواه.
27-10-2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت