- د. هاني العقاد
فبراير2018 عقدت جلسة لمجلس الامن حول الشرق الاوسط بحضور الرئيس ابو مازن محمود عباس رئيس دولة فلسطينة جاءت في اعقاب اعلان الولايات المتحدة القدس عاصمة للكيان ودعا الرئيس ابو مازن في هذه الجلسة الرباعية الدولية ممثلة بالولايات المتحدة ورسيا والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي الي عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لبحث تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وعلي راسها القرار الاخير لمجلس الامن 2334 الذي اعتبر الاستيطان في ارضي العام 67 غير شرعي وغير قانوني ويجب وقفه . كرر الرئيس ابو مازن دعوته للامم المتحدة للعب دور حقيقي وفاعل مع باقي افراد الرباعية الدولية لعقد مؤتمر دولي علي مدار الدورات السنوية الثلاث للامم المتحدة الاخيرة , وفي كلمة مسجلة له امام الدورة 75 دعا الرئيس عباس الامين العام للامم المتحدة (انطونيو غتيريتس ) بالتعاون مع الرباعية الدولية لاجراء اتصالاته مع اعضاء مجلس الامن للبدء بترتيبات عقد المؤتمر الدولي للسلام كامل الصلاحيات بمشاركة كل الاطراف ابتداء من العام القادم 2021 والذي سيمثل الفلسطينين فيه انفسهم من خلال ممثلهم الشرعي والوحيد (م ت ف) .
اليوم وبفعل الحراك الدبلوماسي الفلسطيني المستمر والمستند الي رفض الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والصين وكافة دول العالم وجامعة الدول العربية لصفقة ترمب ,عقد مجلس الامن جلسة مفتوحة لمناقشة مباردة الرئيس ابو مازن وتبني غالبية اعضاء مجلس الامن هذه المبادرة التي ايدها 14 دولة وهذه تقدم دولي مهم يرسل رسائل واضحة لواشنطن التي تصم اذنيها عن الدعوات الدولية ورغبة المجتمع الدولي في التعامل مع القضية الفلسطينيةعلي اساس دولي وتهرول وراء اجراءات احادية لتطبيق صفقة ترمب التي تنسف خريطة الامن والاستقرار بالمنطقة وتزعزع في الايام القادمة حالات الاستقرار في العديد من الدول العربية , ولعل تاكيد هذه الدول علي ضرورة دعمها وحل القضية الفلسطينية علي اساس القانون الدولي والشرعية الدولية يرسل رسائل اخري للشعب الاسرائيلي بان لهث حكومته بقيادة نتنياهو وراء التطبيع والسلام مقابل السلام مع العرب اولاً لن يحقق سوي المزيد من التعقيد لحل الصراع . هذا يعتبر دعم حقيقي للرؤيا الفلسطينية الشاملة لحل الصراع الطويل ويساهم بشكل كبير في انجاح المسعي الفلسطيني لتحقيق هذه الخطوة التي باتت ملحة اليوم في ظل تمادي الولايات المتحدة وبعض شركائها في الاقليم لفرض حلول املائية علي الفلسطينين انطلاقا من البوابة العربية والتوصل لاتفاقات تطبيع بين العديد من الدول الخليجية واسرائيل لحصار الحلول الدولية ونسف مبدأ حل الدولتين .
لان هذه الخطوة سجلت نجاحا في تاريخ النضال الدبلوماسي الفلسطيني باتت تتطلب البناء عليها والتحرك بتركيز دبلوماسي مكثف نحو كل دول العالم في اتجاهين الاتجاه الاول نحو الدول التي تبنت رؤية الرئيس ابو مازن في مجلس الامن وهي الاربعة عشر دولة وبالاضافة للدول الصديقة والتي تؤيد وتتبني رؤية الرئيس ابو مازن ,والاتجاه الثاني نحو اعضاء الرباعية الدولية كراعية العادل والشامل . امؤخراً خاطب الرئيس ابو مازن الامين العام للامم المتحدة للبدء بالمشاورات المطلوبة لحشد تاييد دولي من اطراف الرباعية لعقد المؤتمر وارسلت فلسطين ثلاث رسائل متطابقة للامين العام للامم المتحدة ورئيسها ورئيس مجلس الامن ( روسيا ) لبدء الترتيبات لهذا المؤتمر وبالتالي قيادة حراك دبلوماسي كبير باتجاه الرباعية ورئاسة الامم المتحدة لاتخاذ خطوة عملية علي المستوي الاممي للاعلان عن الاطارين السياسي والزمني للمؤتمر, هذا وحدة غير كاف لان الولايات المتحدة سوف تستخدم ما لديها من علاقات لوقف هذا التوجه وان حدث فانه لن يكون بصلاحيات حقيقية. لذا ينبغي تركيز العمل الدبلوماسي والاتصالات والمشاورات الفلسطينية مع كل من روسيا ورئاسة الاتحاد الاوروبي وهذا يتطلب لقاء قمة عاجل بين الرئيس ابو مازن وفلاديمر بوتن الرئيس الروسي ورئيس السياسات الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي لاطلاق جملة اتصالات روسية فلسطينية واوروبية فلسطينية مشتركة من خلال خطة عمل سياسي باتجاه اعضاء الرباعية والكتل المركزية بالعالم تكون مبنية علي اساس خطوط عريضة من اجل الاتفاق والتوافق علي الاطار السياسي والاجرائي للمؤتمر وتحديد الزمان والمكان وضمان تخويل المؤتمر لصلاحيات كاملة لوضع حلول منطقية وعملية للصراع تبدأ بخطوة مهمة وهو تطبيق قرار مجلس الامن 2334 ومن ثم السعي في ايجاد الاليات لتطبيق حل الدولين وانهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين حلا عادلاً حسب قرار 194.
ان القيادة الفلسطينية اليوم اصبحت امام اختبار دبلوماسي مهم يفحص مدي قدرتها علي توظيف تبني هذه الدول لرؤية الرئيس ابو مازن وقدرتها خوض معركة الوصول لعقد هذا المؤتمر من خلال تشكيل خلايا عمل دبلوماسي متخصصة لعمل مع الدول الداعمة حسب توجيهات خلية مركزية تعمل علي مدار الساعة من خلال غرفة عمليات دبلوماسية هذا بالاضافة لخلايا عمل مضادة توجه عملها نحو اسرائيل والولايات المتحدة اللتان ستحاولان احباط اي محاولات فلسطينية موحدة للعمل مع اي من اعضاء الرباعية للوصول للمؤتمر, كما اننا امام تحدي مهم هنا وهو خروج المؤتمر بتوصيات نافذة قابلة للتطبيق فورا والا علي مجلس الامن فرض العقوبات المناسبة التي تلزم الطرف الممانع لتطبيق التوصيات والمتوقع ان ترفضها اسرائيل لكونها تسعي لتطبيق حل الدولتين الذي تنكره اسرائيل وتعمل مع ادارة ترمب لتطبيق صفقته ترمب كبديل من طرف واحد .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت