حدّدت الصين مقترحات خطتها الخمسية الرابعة عشرة، وهي أحدث خطة للتنمية تحدد الاتجاه لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
إنها تكمل بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، حيث قفزت قوتها الاقتصادية والتكنولوجية إلى مستوى جديد.
وفي مناهجها التدريجية والملموسة للتحديث، من المتوقع أن تواصل الصين مشاطرة العالم فرصها التنموية، لدفع النمو العالمي المكبوح بوباء كوفيد-19، وبالمشاعر المتزايدة للحمائية والأحادية، وفقا لآراء خبراء.
تنمية مستقرة
يصادف هذا العام نهاية خطة التنمية الخمسية الحالية للصين. ومن المتوقع أن تتجاوز البلاد 100 تريليون يوان في ناتجها المحلي الإجمالي، وأن تنتصر في المعركة ضد الفقر.
ومع انتشال 55.75 مليون من سكان الريف من الفقر في السنوات الخمس الماضية، تستعد الصين للوفاء، قبل 10 سنوات من الموعد المحدد، بهدف تخفيف حدة الفقر، المحدد في أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
قالت كريستين بيير، رئيسة تحرير مجلة ((نوفيل سوليدار- Nouvelle Solidarite)) الفرنسية، والخبيرة في معهد شيلر في فرنسا، إن الإنجازات الملحوظة التي حققتها الصين، وخاصة في مجالات تخفيف حدة الفقر والتعاون في مبادرة الحزام والطريق، تظهر كفاءة تخطيط السياسة في الصين.
وأكد روني لينز، مدير المركز الصيني - البرازيلي للبحوث والأعمال، أن الصين قد أحرزت هذا التقدم بفضل خططها المناسبة وأهدافها القابلة للتنفيذ التي تُوضع مُسبقًا.
لقد اختُتمت الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، يوم الخميس، بتبني مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لصياغة الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021-2025) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، والأهداف بعيدة المدى حتى عام 2035، والتي تنتظر المناقشة والمصادقة عليها في العام المقبل، خلال انعقاد المجلس الوطني لنواب الشعب، أعلى هيئة تشريعية في البلاد.
قال روبرت لورانس كوهن، رئيس مؤسسة كوهن، إن الخطة الخمسية الـ13 "قد حفزت تحول الصين من النمو عالي السرعة إلى النمو عالي الجودة، ووضعت العلوم والتكنولوجيا على رأس الأولويات الوطنية".
أما ضياء حلمي، أمين عام غرفة التجارة المصرية - الصينية في القاهرة، فيرى أن فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة "لحظة حاسمة" في تاريخ الصين.
وقال حلمي إن الخطة "حققت العديد من الإنجازات داخل الصين وخارجها وتساعد العالم من خلال مساهمتها في الحد من الفقر".
آفاق مشرقة
مع كون الأهداف والمهام المحددة في الخطة الخمسية الثالثة عشرة موشكة على الإكمال، تضع الصين خطة واعدة للسنوات الخمس المقبلة وما بعدها لبناء دولة أكثر انفتاحا وحداثة.
في الفترة المقبلة، ستسرع الصين في تبني نمط تنموي جديد حيث يمكن للأسواق المحلية والأجنبية أن تعزز بعضها البعض، مع اعتبار السوق المحلية الدعامة الأساسية.
وستسعى الصين جاهدة لتحقيق خطوات جديدة في التنمية الاقتصادية خلال هذه الفترة. وتهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وصحية على أساس تحسن ملحوظ في الجودة والكفاءة.
ومع اتخاذ خطوات جديدة في الإصلاح والانفتاح، ستواصل الصين تحسين اقتصاد السوق الاشتراكي فيها وستكمل من حيث الأساس بناء نظام سوق عالي المستوى، وتشكيل مؤسسات جديدة لاقتصاد مفتوح بأعلى مستوى.
قال ماو شيوي شين، الاقتصادي البارز في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، وهو مركز أبحاث اقتصادي مقره لندن، إن المقترحات "تضع خطة عملية للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في الصين في السنوات المقبلة".
وأشار إلى أن الصين ستسرع التحول من النمو عالي السرعة إلى التنمية عالية الجودة.
قال كوه تشين يي، رئيس ((جمعية البحار الجنوبية)) في سنغافورة، والتي تجمع علماء من جميع أنحاء العالم حول الأبحاث المتعلقة بجنوب شرقي آسيا، إن "الخطة الخمسية الرابعة عشرة ستروّج للصين من دولة صناعية كبيرة إلى قوة تصنيعية وحتى قوة تكنولوجية".
وأضاف أن "هذا التقدم لن يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين فحسب، بل سيفيد العالم كله أيضا".
محفز للانتعاش العالمي
إن خطة تنموية مستقرة ومتسقة، مع التعهد بمزيد من الانفتاح من قبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أمر يهمّ العالم، الذي يتعثر في ركود بسبب وباء كوفيد-19. والشعور المتزايد بالحمائية التجارية والنزعة الأحادية في بعض الدول الغربية، يجعل الأزمة أكثر سوءا.
وبعد العودة إلى النمو بعد تفشي كوفيد-19، حددت الصين إطارا واضحا لتنميتها المستقبلية، وضخت اليقين في عالم يتزايد فيه عدم اليقين.
في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد العالمي بصورة حادة، بـ4.4٪ هذا العام، بينما يتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بـ1.9٪ لهذا العام.
وتأكيدا على أدوار الانفتاح والابتكار، ستساهم خطة التنمية الجديدة للصين، بشكل كبير، في دفع التضامن العالمي نحو الانتعاش الذي طال انتظاره.
وفي هذا المجال، يُظهر معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE)، استعداد الصين لمشاركة فرصها التنموية مع بقية العالم.
قال قو تشينغ يانغ، البروفيسور المشارك في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، إنه في ظل خلفية تزايد الحمائية والأحادية، فإن معرض (CIIE)، كمنصة على مستوى الدولة، يظهر تمسك الصين بالعولمة لصالح التبادلات وتعاون المنفعة المزدوجة.
على الصعيد نفسه، أشاد تشن قانغ، مساعد مدير وكبير باحثين في معهد شرق آسيا التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، أشاد عاليا بجهود الصين لتشاطر المزايا التي تتمتع بها سوقها.
وقال تشن "في وقت يؤثر فيه وباء كوفيد-19 بشدة على الاقتصاد العالمي، اقترحت الصين مؤخرا استراتيجية التدوير المزدوج، التي لا تساعد على التنمية المستدامة للصين، فحسب، بل تهيئ للعالم أيضا سوقا أكثر جاذبية واتساعا".